«تحرير الشام» ترفض حلّ نفسها... و«فصائل المصالحة» لمعركة إدلب

مئات المقاتلين انتقلوا من ريف دمشق ودرعا

خان شيخون بمحافظة إدلب بعد تعرضها لغارة من الطيران الحربي في 10 أغسطس الحالي (غيتي)
خان شيخون بمحافظة إدلب بعد تعرضها لغارة من الطيران الحربي في 10 أغسطس الحالي (غيتي)
TT

«تحرير الشام» ترفض حلّ نفسها... و«فصائل المصالحة» لمعركة إدلب

خان شيخون بمحافظة إدلب بعد تعرضها لغارة من الطيران الحربي في 10 أغسطس الحالي (غيتي)
خان شيخون بمحافظة إدلب بعد تعرضها لغارة من الطيران الحربي في 10 أغسطس الحالي (غيتي)

تعيش محافظة إدلب حالة من الترقب والسباق بين الحلّ المطروح بإنهاء «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، أو انطلاق العملية العسكرية. وفيما تمرّ المفاوضات مع «الهيئة» بمرحلة دقيقة نتيجة رفض قيادييها حلّها، وذلك بناءً على اتفاق بين تركيا وروسيا، يستمر النظام بحشد المزيد من التعزيزات إلى محيط إدلب، إضافة إلى استقدام مقاتلين من مناطق أخرى، بينهم ما بات يعرف بـ«فصائل المصالحات»، بحسب ما قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن المفاوضات مستمرة بين أنقرة وموسكو لإنهاء «النصرة» سلمياً، لكن المشكلة تكمن في تعنّت قيادييها، ورفضهم هذا الحل، ما سيؤدي إلى معركة كاسحة إذا لم يتراجعوا عن موقفهم، مشيراً إلى أن «النصرة» تتحضر كذلك للمعركة بشكل كبير رغم المخاوف من نتائجها. ولفت إلى أن عدد «فصائل المصالحة» كبير، لكن ما نقله النظام لغاية الآن تحضيراً للمشاركة في معركة إدلب يقدر بنحو 600 مقاتل، وتحديداً من ريف دمشق ودرعا.
مع العلم أن المعلومات تشير إلى أن تركيا وعدت روسيا بإنهاء «الهيئة» قبل منتصف شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
في المقابل، قلّل مصدر عسكري في المعارضة من أهمية هذه التعزيزات، وتحديداً من عدد مقاتلي «فصائل المصالحة»، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الهدف من استقدام هؤلاء المقاتلين هو زجّهم في المعركة بمواجهة زملائهم السابقين في القتال.
وذكر «المرصد»، أمس، أن النظام أقدم على نقل العشرات من مقاتلي الفصائل السابقين الذين قد أجروا «مصالحات وتسويات» مع قوات النظام في محافظة الغوطة الشرقية ودرعا، إلى جبهات القتال في محافظة إدلب، التي من المتوقع أن تشهد معركة كبرى خلال الأيام المقبلة.
كذلك، كانت وكالة الأنباء الألمانية نقلت عن مصدر في المعارضة السورية قوله، إن «النظام نقل يوم السبت المئات من مسلحي ريف حمص الشمالي إلى جبهات ريف حماة بعد دخولهم في تسوية معه مطلع شهر مايو (أيار) الماضي». ولفت إلى أن «قوات النمر» هي التي تولت «نقل نحو 370 عنصراً من فصيل (جيش التوحيد) الذي كان يتبع (الجيش السوري الحر) إلى منطقة الغاب للتوجه إلى ريف حماة الغربي للتوجه إلى معسكر جورين».
وأكد المصدر أن «دفعة جديدة من فصائل المعارضة التي دخلت في مصالحات مع القوات الحكومية بريف حمص الشمالي، ستتجه إلى منطقة مورك التي ترابط على جبهاتها (قوات النمر) أيضاً».
يأتي ذلك في ظل مواجهة النظام رفض واستياء الأهالي الرافضين للتسوية والمصالحة في درعا، كما وانتقالهم إلى الشمال السوري، بحسب «المرصد»، مشيراً إلى أن «الاستياء يأتي في أعقاب قيام قوات النظام باعتقال عدد من المقاتلين السابقين من ريف درعا، ممن كانوا دخلوا في (مصالحات وتسوية) مع قوات النظام، حيث جرى اعتقالهم واقتيادهم إلى أفرع أمنية تابعة لقوات النظام».
وفي موازاة ترقب نتائج المفاوضات مع «الهيئة»، تقوم فصائل المعارضة، بحسب «المرصد»، في محافظة إدلب، بعمليات تمشيط داخلية للخلايا النائمة التابعة لتنظيم داعش، التي يُخشى من استغلالها لعمليات التحضير لمعركة إدلب، أو انتهازها فرصة الانشغال بالمعركة لاحقاً، وتوسعة نشاطها، وهو ما أكد عليه المصدر العسكري في إدلب. وذكر «المرصد» أنه رصد أمس «عملية أمنية لـ(هيئة تحرير الشام) في مناطق كفر هند وتل عمار ودركوش وعزمارين، في القطاع الشمالي الغربي من ريف محافظة إدلب، تمكنت خلالها من اعتقال نحو 23 شخصاً، وجرى اقتيادهم إلى مقار أمنية تابعة لـ(هيئة تحرير الشام)، ضمن الحملة المستمرة لاعتقال الخلايا النائمة والجهات المسؤولة عن تنفيذ التفجيرات والاغتيالات وتوسعة الفلتان الأمني في ريف إدلب الذي يعاني، كما ريفي حلب وحماة، من فلتان أمني».
ويشير «المرصد» إلى أن فصائل المعارضة تقوم بحملات أمنية مستمرة أدت للقبض على عشرات الأشخاص بتهم الانتماء لخلايا تنظيم داعش، واعتقال وإعدام وقتل العشرات منهم، إذ إن بعضهم جرى إعدامه بعد اعتقاله مباشرة، والبعض الآخر أُعدم بعد التحقيق معه، وبعضهم قتلوا خلال القتال والاشتباكات عند مداهمة مقراتهم. وأشار «المرصد» إلى أن عدد القتلى في صفوف هذه الخلايا وصل إلى ما يزيد عن 75 شخصاً منذ بداية أبريل (نيسان) الماضي، وهم من جنسيات سورية وعراقية وأخرى غير سورية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.