مصر تدشن أول متحف للعملات التذكارية والإصدارات التاريخية

عملات وميداليات خاصة بالملك فاروق
عملات وميداليات خاصة بالملك فاروق
TT

مصر تدشن أول متحف للعملات التذكارية والإصدارات التاريخية

عملات وميداليات خاصة بالملك فاروق
عملات وميداليات خاصة بالملك فاروق

دشّنت مصر أمس، أول متحف للعملات التذكارية والإصدارات التاريخية، وقال الدكتور محمد معيط، وزير المالية المصري، إنّ «ذلك يأتي في إطار الجهود الرّامية لتطوير مصلحة سك العملة المصرية التابعة لوزارة المالية».
ويحتوي المتحف الجديد على مجموعة من الإصدارات التاريخية المتداولة منذ إنشاء المصلحة التي أُسّست عام 1950 بأمر ملكي، وتشمل فئات مختلفة من العملات المعدنية التي تمثّل تاريخ الدّولة المصرية منذ العهد الملكي، مروراً بثورة يوليو (تموز) عام 1952 وحتى الآن. كما يحتوي المتحف على مجموعة نادرة من العملات التذكارية التي جرى سك بعضها بالمصلحة، والبعض الآخر خارج مصر قبل تأسيس المصلحة. وتمثل بعض الشّخصيات التاريخية المهمة المصرية والعالمية مثل محمد علي باشا، والرئيس الأسبق جمال عبد الناصر وزعماء الدول العربية والإسلامية، كما توجد مجموعة أخرى تؤرّخ للأحداث المهمة مثل حفر قناة السويس وبناء السّد العالي وغيرها من المشروعات القومية المهمة في تاريخ مصر.
وسبق أن دشّنت «مصلحة سك العملة المصرية» في مارس (آذار) عام 2017 موقعاً إلكترونياً لعرض جميع منتجاتها من العملات التذكارية والميداليات، والتعريف بتاريخ كل منها والترويج لهذه المنتجات بين الجمهور وهواة جمع العملات التذكارية.
يشار إلى أنّ‏ ‏مصر‏ ‏اعتادت‏ ‏في ‏عهد‏ ‏ما قبل‏ ‏ثورة 1952 ‏‏سك‏ ‏عملاتها‏ ‏بدور‏ ‏السك‏ ‏الأجنبية‏، ‏ومع‏ ‏بداية‏ ‏الثورة‏ ‏أنشأت‏ ‏«دار‏ ‏سك‏ ‏العملة‏ ‏المصرية»‏، ‏وبدأ ‏الإنتاج‏ ‏عام‏ 1954 ‏لبعض‏ ‏العملات‏ ‏صغيرة‏ ‏القيمة‏، ‏ثم‏ ‏تعاظم‏ ‏نشاط‏ ‏الدار لتلبية‏ ‏احتياجات‏ ‏بعض‏ ‏الدول‏ ‏العربية‏ ‏في ‏سك‏ ‏عملاتها،‏ ‏ومنها‏ ‏سوريا‏ ‏واليمن‏ ‏والمملكة‏ ‏العربية‏ ‏السعودية‏، ‏وذلك‏ ‏لأنّها‏ ‏كانت‏ ‏دار‏ ‏السك‏ ‏الوحيدة‏ ‏في ‏الشرق‏ ‏الأوسط. ‏وأصدرت‏ دار‏ ‏السك‏ ‏المصرية‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏ ‏العملات‏ ‏التذكارية‏ ‏لتخليد‏ ‏المناسبات‏ ‏الوطنية‏ ‏والأحداث‏ ‏التاريخية‏ ‏المهمة، ‏ ‏وكانت‏ ‏إمّا‏ ‏من‏ ‏الذّهب‏ ‏أو‏ ‏الفضة. وتحوّل اسمها إلى «مصلحة سك العملة المصرية». وأكّد بيان وزارة المالية أمس، أنّ المتحف يتضمّن مجموعة من الأوسمة والقلادات والميداليات والدّروع من إنتاج المصلحة وأهمها، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى، وقلادة الجمهورية، وقلادة النّيل، وكثيرا من المسبوكات التي أنتجتها المصلحة على مدار التاريخ.
وقال الدكتور شريف حازم، مستشار وزير المالية إنّ «الرّكن الخاص بالمحفظة الملكية للملك فاروق يمثل قيمة خاصة، إذ يضمّ الإصدار الأول رقم (1) من عدة عملات ورقية مصرية نادرة مثل الجنيه المصري ذي الجملين الذي يعتبر من الأوراق النقدية النادرة لهواة العملات».
وجدير بالذكر أنّ «مصلحة سك العملة المصرية» تُصمم حالياً كثيرا من العملات الخاصة بإحياء ذكرى المناسبات والشّخصيات التاريخية لإصدارها خلال الأعوام القادمة ومنها، مرور 100 عام على ميلاد عبد الناصر، و150 عاماً على ميلاد طلعت حرب مؤسس بنك مصر، و150 عاماً على افتتاح قناة السويس، و100 عام على تأسيس الجامعة الأميركية، وغيرها من الأحداث التاريخية المهمة.



معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
TT

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

ما إنْ تدخُل معرض «المجهول» للفنان التشكيلي المصري أحمد مناويشي، حتى تستوقفك وجوه لوحاته، بريشة حرّة تستكشف ملامحَ وأحداثاً غامضة. أعماله تبحث عن مشاعر عميقة وعلامات استفهام تحضّك على التحليل وفكّ الألغاز.

ينقسم معرض مناويشي في غاليري «آرت ديستريكت» بمنطقة الجميزة البيروتية إلى قسمين، من بينها ما يروي حكايات أشخاص اختبأت مشاعرهم تحت الأقنعة الواقية من جائحة «كورونا»، وأخرى رسمها حديثاً لمَن عاشوا الحرب الأخيرة في لبنان.

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)

مع هذا المعرض، يستعيد غاليري «آرت ديستريكت» عافيته. فالحرب منعته قسرياً من إقامة نشاطات ثقافية. ومن خلال «المجهول»، يعلن صاحبه المصوّر الشهير ماهر عطّار انطلاق الموسم الفنّي في الغاليري.

في الجزء الأول من مجموعة أحمد منشاوي، تصطفُّ سلسلة لوحات صغيرة، تصوِّر جميعها وجوهاً يعتريها القلق. فالفنان المصري لفتته ملامح الإنسانية في زمن «كورونا». كان يرى الإنسان يمشي مرتدياً القناع خوفاً من الإصابة بالعدوى. وهو ما حضَّه، خلال إقامته في بروكسل، على تخيّل ملامحه الأصلية. وفي 30 لوحة يئنُّ أصحابها تحت وطأة أحاسيسهم، يُترجم أفكاره. مجموعة من النساء والرجال تصرخ بصمت، فتُخرج غضبها وقلقها وحزنها عابسةً في معظم الوقت.

تقنيته المرتكزة على الأكليريك تتدخَّل فيها أحياناً أنامل الفنان بعيداً عن ريشته (الشرق الأوسط)

يوضح مناويشي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتِ التجربة عندما كنتُ في بروكسل عام 2021. كانت مفاعيل الجائحة لا تزال تسيطر على حياتنا. جميعنا اعتقدنا بأنّ هذه الحقبة أبدية، كأنَّ سوادها لا حدود له. فرحتُ أتخيّل الناس الذين أراهم كأنهم خلعوا أقنعة الوقاية ورسموها. جميعهم كانوا مجهولين بالنسبة إليّ، ولا تربطني بهم أي علاقة. عندما عدتُ إلى لبنان، انتابتني الأحاسيس عينها. كانت الحرب محتدمة، وكان الناس قلقين، لا يعرفون مصيرهم. فرأيتُ بوضوح المجهول الذين يتخبَّطون فيه. حالة الترقب هذه حرّضت ريشتي على التحرُّك من جديد. ومن خلال تلك الحالتين، تناولتُ موضوع (المجهول)، إنْ من ناحية المشاعر أو المصير».

الإحساس بالتأرجُح في طريق لا رؤية واضحة لنهايتها، يُترجمه أحمد مناويشي. ويعترف من خلال ريشته بأنّ الانتظار مخيف، فكيف إذا كانت الأجواء التي يعيشها الناس غامضة؟

تحمل وجوه لوحات مناويشي أسئلة مختلفة تتعلّق بقلق المصير (الشرق الأوسط)

في واحدة من لوحاته، يشير إلى شخصيات مجموعة «أنونيموس» العاملة في مجال «النضال» عبر الاختراق البرمجي. راجت أعمالها المثيرة للجدل عام 2003، فمثَّلت مفهوماً لمستخدمي الإنترنت المجهولين. حينها، عَبَروا من العالم الواقعي إلى الوهمي في أعمال تتعارض مع الرقابة. اخترقوا مواقع حكومية عدّة، وأنظمة كومبيوتر أهم شركات الحماية. وولَّدوا «بلبلة» على أصعدة مختلفة، وهم يرتدون أقنعة تُعرَف بـ«جاي فوكس».

يتابع الرسام المصري: «قناع (الأنونيموس) كان الأشهر في القرن الحالي، فرغبتُ بالربط بينه وبين عنوان معرضي، لتُولد هذه اللوحة الوحيدة عن تلك المجموعة. مبدأ هؤلاء يرتكز على الثورة ورفض حُكم الدولة العميقة والسلطات العليا».

لم يعنون مناويشي لوحاته بأسماء معيّنة، فتركها مجهولةً. يقول: «رغبتُ في أن يسمّيها ناظرها كما يشتهي. أرنو إلى هذا التفاعل المباشر بين المُشاهد واللوحة». وهو يميل إلى المدرسة التعبيرية في الفنّ التشكيلي: «أحبُّ حالة الحركة في لمسات اللوحة وموضوعها، وأرغب في التواصل معها القائم على الشعور بأنها حيّة، فلا تكون باهتة تمرّ من دون تَرْك أثرها على ناظرها. لذلك، تسير ريشتي بشكل غير مُنتظم باحثةً عن نَفَس لا ينقطع؛ ومرات تتدخَّل أناملي مباشرة، فأبتعدُ عن ريشتي لتخرُج أعمالي من رتابتها، وتكسر تلك القدرة على التحكُّم التقليدي بمشاعر مُشاهدها».

تؤلّف الألوان التي يستعملها مناويشي حالةً بذاتها. فهو جريء باختيارها زاهيةً مرّات؛ ودافئة أخرى. يُحدِث زوبعة بألوان تبدو ثائرة، فتُعبّر عن الظلم والقلق والعنف: «مشاعر الإنسانية لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة. وهذه الألوان تعبّر عن المشهدية المدفونة في أعماقنا، فتُبرز التنوّع في أحاسيس تنتابنا وفيها كلّ الاحتمالات. وهنا يأتي دور المتلقّي الذي يرى اللوحة من وُجهة نظره، ويُلاقي ما يمثّل تفكيره ومشاعره في أحد هذه الألوان».

ينقسم «المجهول» إلى قسمين من الأعمال التعبيرية (الشرق الأوسط)

في قسم لوحات الحرب، تأخُذ أعمال الرسام أحمد مناويشي منحى آخر، فيكبُر حجمها بشكل ملحوظ لتضع تفاصيل الوجه تحت المجهر. يعلّق: «هذه المساحات الكبيرة تزوّدنا بفرصة للتوضيح بشكل أفضل. فالعبور من زمن (كورونا) إلى زمن الحرب، كان لا بدَّ أن يحمل التطوّر. واعتمدتُ هذا التغيير؛ لئلا أقع في التكرار والتشابُه».

وأنت تتجوَّل بين أقسام معرض «المجهول»، تستوقفك ملامح وجه رجل حائر، ووجه امرأة تنظر إلى الغد بعتب. وأحياناً تلمس صلابة وجه آخر على شفير هاوية. وفي أخرى، تحملك ملامح رجل تلقّى صفعات الحياة بعينين حزينتين. لكنَّ جميع الشخصيات لا تبدو مستسلمة لقدرها، كأنها تقول: «وماذا بعد؟» على طريقتها.

يبرُز العنصر الأنثوي بوضوح في مجموعة «المجهول». وهنا كان لا بدَّ للرسام التشكيلي أن يعترف: «النساء لا يعرفن إخفاء أحاسيسهن ببراعة. مشاعرهن تخرج بقوة. لذلك نكتشفها بصورة أسهل من تلك الموجودة عند الرجل. فالأخير يحاول أن يُظهر صموداً تجاه مشاعره. ويفضّل ألا تُقرأ بسهولة».

يؤكد أحمد مناويشي أنه لا يحبّ تقييد نفسه بأسلوب رسم واحد. ويختم: «أفضّل التنويع دائماً، وعدم طَبْع لوحاتي بهوية واحدة كما يحبّ بعضهم. أُشبّه نفسي بروائي يؤلّف القصص ليستمتع بها القارئ، فلا يكرّر نفسه أو يقدّم ما يتشابه. ما أنجزه اليوم في عالم فنّ (البورتريه)، لم أقاربه مِن قبل. هو نافذة للتعبير. وهذا الاختلاف في الأسلوب يُحفزّني على دخول مدارس فنّية مختلفة. ما يهمّني هو تقديمي للناس أعمالاً يستمتعون بها فتولّد عندهم حبَّ الاكتشاف».