ضوابط فعالة من «آبل» تحد من الإدمان على الهواتف

تتيح سيطرة الآباء على استخدام المراهقين للأجهزة الذكية

ضوابط فعالة من «آبل» تحد من الإدمان على الهواتف
TT

ضوابط فعالة من «آبل» تحد من الإدمان على الهواتف

ضوابط فعالة من «آبل» تحد من الإدمان على الهواتف

رغم أن الناس باتوا يعتبرون الهاتف الذكي واحداً من أكثر الأدوات التقنية فعالية، لكنّهم في الوقت نفسه، يشعرون بالقلق من التأثير الإدماني الذي يسببه الاعتماد على هذا الجهاز لمتابعة آخر المستجدات على وسائل التواصل الاجتماعي، وتصفّح المواقع الإلكترونية، والتسلية بالألعاب. وقد ربطت نتائج بعض الدراسات العلمية استخدام الأجهزة الإلكترونية لفترة طويلة بفقدان التركيز في المدرسة، ومشكلات النوم، والاكتئاب.
لهذا السبب، عندما أعلنت «آبل» عن برنامج جديد يساعد في التحكّم بالوقت الذي يمضيه المستخدمون على هواتفهم، أخذ بعض الخبراء الأميركيين على عاتقهم اختباره بأنفسهم، وربما كذلك اختباره على بعض المراهقين المدمنين على استخدام هواتفهم، لأنّهم من أكثر الفئات العمرية المقلقة في هذا المجال.

«سكرين تايم»
يقول براين تشان أحد المحللين التقنيين إنه اختبر البرنامج على قريبته الفتاة «صوفي» ذات الأعوام الأربعة عشر، بعد أن زوّدها طوال الشهر بهاتف آيفون 10 محمّل بنظام iOS 12، وهو أحدث برنامج تشغيلي أصدرته «آبل»، يتضمّن ميزة «سكرين تايم» (وقت استخدام الشاشة)، التي ستصبح بمتناول المستهلكين في الخريف المقبل، وقام بضبط الحساب على أنه «الوالد» الذي يضع الضوابط، وعلى أنّها هي «الابنة».
* كيفية عمل ميزة «سكرين تايم» Screen Time الجديدة. تظهر هذه الميزة الموجودة في إعدادات الآيفون لوحة عدادات تبيّن كيفية استخدامكم للهاتف. يمكنكم عبرها أن تطّلعوا على إحصاءات كثيرة كالوقت الذي تمضونه في استخدام تطبيقات معينة، أو الهاتف ككل، بشكل يومي أو أسبوعي. في وحدة العدادات، يمكنكم أن تضعوا ضوابط زمنية لتطبيقات معينة أو فئات محددة من التطبيقات، كشبكات التواصل الاجتماعي أو الألعاب. وعندما ينتهي الوقت المحدّد للتطبيق، يقفل هذا الأخير بشكل أوتوماتيكي.
خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، أمكن وضع بعض الضوابط الزمنية بعد دراسة أنماط استخدام صوفي واستخدام «والدها» للهاتف. وبعد التعرف على التطبيقات التي يقضي فيها المستخدم الوقت الأطول عليها (أمضت صوفي ساعات طويلة يومياً في التراسل مع أصدقائها عبر «سنابتشات»، وأضاع المحلل الكثير على تصفّح «تويتر»، تم وضع بعض الضوابط الزمنية على كلّ واحد من المستخدمين.
* كيف كانت النتيجة؟ خلال الأسبوع الثاني، وأثناء محاولة صوفي الابتعاد عن هاتفها، بدأت أشياء غريبة تحصل معها. فبعد أن استهلكت المراهقة كلّ الوقت المتاح لها على «سنابتشات» يوم الثلاثاء، أخبرت والدتها أنّها شعرت بالاستياء. لاحقاً، أخبرت «والدها» أنّها لاحظت أنّها تفضّل فتح هاتفها والاكتفاء بالتحديق برموز التطبيقات الموجودة عليه لتفادي استهلاك السقف المحدد لها على تطبيقها المفضل.
وقالت تحديداً: «كان الأمر مجرّد نمط بالنسبة لي... أن أفتح هاتفي ولا أستخدم أياً من محتواه. كنت أكتفي بالنظر إلى الشاشة، وبدا لي الأمر غريباً بعض الشيء، لذا أحاول ألا أفعل ذلك».
ولكنّ النتائج النهائية كانت مرضية، حيث إن معدّل استخدام صوفي اليومي لهاتفها انخفض إلى النصف، من نحو ستّ ساعات في الأسبوع الأول إلى ثلاث ساعات وأربع دقائق خلال الأسبوع الثالث. أمّا استخدام «الوالد» لهاتفه، فقد انخفض بمعدّل 15 دقيقة يومياً إلى ما يقارب ثلاث ساعات ونصف. والحقيقة فإننا نمضي الكثير من الوقت على هواتفنا، ولكنّ تقدّم صوفي جعل الأب المزيف، يشعر بالفخر بها.
تعتبر هذه النتائج الأولية نتائج مبشرة للأشخاص الذين يعيشون مخاوف متزايدة حول الإدمان الطويل الأمد على استخدام الهواتف الذكية. توجد وسائل أخرى للحدّ من استخدام الأجهزة عبر تطبيقات ك«مومنتس» Moments الذي يتضمّن تقريباً الميزات نفسها المتوافرة في «سكرين تايم»، ولكنّ أي من هذه الوسائل لم تدخل في إعدادات الهاتف كما هو الحال مع برنامج «آبل» الجديد.

هزيمة الإدمان
ويورد المحلل الأميركي تشان توضيحاً مفصّلاً للتغيير الذي أحدثه «سكرين تايم» على نمط استخدام الهاتف.
* الأسبوع الأول. كانت بدايتنا صوفي وأنا مع هذا الاختبار صعبة، بسبب بعض الصعوبات التقنية، لأن إصدار iOS 12 من «آبل» لا يزال في مرحلته التجريبية، أي أنّه نسخة غير تامّة من البرنامج لا تزال قيد الاختبار من قبل مطوّري التطبيقات والمستخدمين المتخصصين، مما جعلنا نعاني من أخطاء برمجية كبيرة.
في القسم الأكبر من الأسبوع الأول، منع خطأ برمجي مهمّ من الاطلاع على الإحصاءات الخاصة بصوفي على «سكرين تايم». ولكن مع نهايته، وبعد إصدار «آبل» لتصحيح للبرنامج، أصبحت الإحصاءات الأسبوعية متوفرة، وقد أظهرت أنّ الفتاة استخدمت هاتفها لنحو ست ساعات وسبع دقائق يومياً على مدار الأسبوع. كما ظهر أنّ صوفي كانت تختلس النظر إلى هاتفها بضع مرات خلال الليل، في الوقت الذي كان من المفترض أن تكون نائمة خلاله.
أمّا الإحصاءات الخاصة بالمحلل نفسه فقد أظهرت أنه استخدم هاتفه لثلاث ساعات و46 دقيقة يومياً خلال الأسبوع، وأمضى معظم الوقت في استخدام تطبيق «تويت بوت» من «تويتر» ووقتاً لا بأس به على لعبة «زينغا بوكر».
بعد تصحيح مشكلة البرنامج، وضع المحلل ضوابط زمنية لنفسه ولصوفي، فقد حدد للفتاة سقف 30 دقيقة لتطبيقات اللعب و60 دقيقة لتطبيقات التواصل الاجتماعي. ولمساعدتها على النوم، عمد إلى تشغيل ميزة «داون تايم» التي توقف عمل معظم أجزاء الهاتف لوقت محدّد، من الساعة العاشرة والنصف مساء وحتى السادسة والنصف صباحاً.
أما بالنسبة له فقد منح لنفسه سقف الساعة لتطبيقات التواصل الاجتماعي، ولكنه بدل أن يضع حداً زمنياً للألعاب، عمل على معالجة إدمانه على لعبة «زينغا بوكر» من خلال حذف اللعبة بشكل كامل عن هاتفه وتوديع أحلامه في الفوز.

الحصيلة
* الأسبوع الثاني. على الرغم من أنّ صوفي شعرت بالانزعاج في بداية الأمر لاضطرارها إلى الامتناع عن «سنابتشات» بعد ساعة واحدة، فإنها أخيراً بدأت تستمتع بالحدود الزمنية التي وضعت لها. أما بالنسبة للمحلل فقد لاحظ أنه عندما يستهلك الوقت المحدد له على «تويتر»، ما زال يجد طرقاً أخرى لاستعمال هاتفه. فقد ضبط نفسه مراراً وهو يتحقق من حسابه المصرفي ويحمّل المواقع الإخبارية نفسها. ولكن لا بدّ من الاعتراف بأنّ التقدّم الذي حققته صوفي كان هائلاً.
* الأسبوع الثالث. في مستهلّ الأسبوع الثالث، تابع استخدام صوفي للهاتف تراجعه بشكل كبير. ففي بعض أيام هذا الأسبوع، كان استخدام صوفي للهاتف أقل من استخدام المحلل لجهازه. وفي نهاية الأسبوع الأخير فقط، وصل معدّل استخدام المحلل اليومي للهاتف إلى ثلاث ساعات و36 دقيقة، وخسر التحدّي أمام صوفي عموما التي ثبت معدّل استهلاكها اليومي لهاتفها عند ثلاث ساعات. وأخيراً، قالت المراهقة المتطوعة: إنها تظنّ أن عدم استطاعتها استخدام هاتفها زاد من عاداتها الجيّد»، حتى أنّها طلبت أيضا أن أفرض حداً زمنياً على استخدامها لتطبيق «نتفليكس».



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».