السلوك الافتراسي للجماعات المسلحة يهدد العملية السياسية في ليبيا

TT

السلوك الافتراسي للجماعات المسلحة يهدد العملية السياسية في ليبيا

كشف تقرير دولي سري لخبراء لجنة العقوبات على ليبيا بموجب القرار 1970، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة من ملخصه التنفيذي، أن ما سماه «السلوك الافتراسي» للجماعات المسلحة في البلاد «يشكل تهديدا مباشرا للانتقال السياسي» في ليبيا، معبرا عن «القلق بوجه خاص» لأن بعض الجماعات «تحاول كسب الشرعية من خلال الدعم الظاهري» للجهود الوطنية والدولية لمكافحة الهجرة غير النظامية.
وأفاد التقرير الذي أرسله الخبراء إلى أعضاء مجلس الأمن أنه «خلال الفترة المشمولة بالتقرير، شكل السلوك الافتراسي للجماعات المسلحة تهديدا مباشرا للانتقال السياسي في ليبيا»، محذرا من أن استخدام العنف للسيطرة على مؤسسات الدولة في ليبيا «يمكن أن يؤدي إلى عودة المواجهات المسلحة في طرابلس».
وقال: إن «الهيئة الليبية للاستثمار ومؤسسة النفط الوطنية والبنك المركزي الليبي هي هدف للتهديدات والهجمات، ما أثر على أداء قطاعي النفط والمال الليبيين». وأضاف أن «الجماعات المسلحة مسؤولة عن الاضطهاد الاستهدافي وعن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ما يعمق المظالم بين بعض فئات السكان ويهدد في نهاية المطاف السلام والاستقرار في ليبيا على المدى الطويل»، موضحا أن «معظم الجماعات المسلحة المعنية، تنتمي إما إلى حكومة الوفاق الوطني وإما إلى الجيش الوطني الليبي».
وقال التقرير إن «الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين يفيد الجماعات المسلحة بشكل كبير»، مضيفا أن «هذه النشاطات تغذي عدم الاستقرار وتقوض الاقتصاد الرسمي». وأضاف: «تنظم الشبكات الإجرامية قوافل المهاجرين وتستخدم الاستغلال الجنسي لتوليد إيرادات كبيرة». وعبر الفريق عن «القلق حيال إفلات من ينتهك حقوق الإنسان للمهاجرين بشكل منهجي في ليبيا، ولا سيما بسبب ضعف إنفاذ القانون والفراغات الأمنية الكبيرة». واعتبر أن «قرار لجنة العقوبات ضد 6 من مهربي المهاجرين خطوة رئيسية إلى الأمام».
وكذلك عبر الفريق عن «القلق بوجه خاص لأن الجماعات المسلحة المختلفة تحاول كسب الشرعية من خلال الدعم الظاهري لجهود مكافحة الهجرة غير النظامية، وبالتالي تلقي مساعدة تقنية ومادية من جهات أجنبية». ولاحظ أنه في الآونة الأخيرة «شهدنا زيادة في استخدام السفن المجهزة بالأسلحة في كل من شرق وغرب البلاد». ولاحظ الخبراء «وجود عدد متزايد من العربات المدرعة والشاحنات الصغيرة المجهزة بأسلحة آلية ثقيلة وبنادق... وقاذفات الهاون وراجمات الصواريخ في ميادين القتال ولا سيما شرق ليبيا»، معتبرين أن ذلك «يشير إلى أن كل الدول الأعضاء يمكن أن تحسن إلى حد كبير جهودها الرامية لتنفيذ حظر الأسلحة».
وأكد الفريق أن «الأسلحة والعتاد ذي الصلة من مخزونات النظام السابق وعمليات نقله بعد عام 2011 لا تزال تقع في أيدي الجماعات المسلحة الليبية والأجنبية»، ما يسبب «مزيد من انعدام الأمن والتهديد للسلام والأمن في ليبيا والبلدان المجاورة». وقال: «يستغل المقاتلون الأجانب والجماعات المسلحة، الذين يتنقلون داخل وخارج ليبيا، انتشار الأسلحة والمواد ذات الصلة في ليبيا، ما يؤدي إلى انتهاكات منتظمة لحظر الأسلحة».
ومنذ أغسطس (آب) 2017، وثق الفريق «6 محاولات قامت بها شركة النفط الوطنية في بنغازي لتصدير النفط الخام بصورة غير مشروعة. ولا تزال الصادرات غير المشروعة من المنتجات النفطية المكررة، سواء البرية أو البحرية، تمثل نشاطا مزدهراً». وكشف الفريق أنه «حدد الشبكات العاملة في مناطق مختلفة وطرائق عملها». وأفاد أنه «حلل البيانات والمعلومات المتاحة بشأن أصول الهيئة الليبية للاستثمار. وقد أظهر ذلك حالتين رئيسيتين لعدم الامتثال لتجميد الأصول». كما «أظهرت تحقيقات الفريق ممارسات وتفسيرات متباينة في تطبيق عقوبات الأمم المتحدة، التي يمكن أن تؤثر سلبا على إدارة الأصول المجمدة وصونها»، مؤكدا أنه «خلص إلى أن تجميد الأصول لم يؤثر سلبا على هيئة الاستثمار الليبية».


مقالات ذات صلة

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا اللفتنانت جنرال فيض حميد (منصة إكس)

بدء محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية

بدأ الجيش الباكستاني محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية، في خطوة من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم التحديات القانونية ضد رئيس الوزراء السابق المسجون.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا أمرت النيابة العامة الفيدرالية بألمانيا باعتقال رجل يشتبه في كونه عضواً بجماعة «حزب الله» اللبنانية بهانوفر حيث يُعتقد أنه يعمل لصالحها داخل ألمانيا (د.ب.أ)

ألمانيا: إيداع سوري مشتبه في تعاطفه مع «داعش» بالحبس الاحتياطي

بعد عملية واسعة النطاق نفذتها الشرطة البافارية الأحد تم إيداع شخص يشتبه في أنه من المتعاطفين مع «تنظيم داعش» قيد الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ - شتوتغارت )
آسيا شرطي يراقب أفراداً من الأقلية المسيحية الباكستانية وهم يستعرضون مهاراتهم في الاحتفال بأعياد الميلاد على أحد الطرق في كراتشي بباكستان 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

باكستان: مقتل شخصين يحملان متفجرات بانفجار قرب مركز للشرطة

انفجرت عبوة ناسفة كان يحملها مسلحان مشتبه بهما على دراجة نارية في جنوب غربي باكستان، بالقرب من مركز للشرطة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))
أفريقيا وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو: حكومة جديدة شعارها «الحرب على الإرهاب»

أعلن العسكريون الذين يحكمون بوركينا فاسو عن حكومة جديدة، مهمتها الأولى «القضاء على الإرهاب»، وأسندوا قيادتها إلى وزير أول شاب كان إلى وقت قريب مجرد صحافي.

الشيخ محمد (نواكشوط)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.