اتهام 5 أشخاص بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء الإثيوبي

رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد اعلن منذ توليه السلطة في أبريل الماضي سلسلة إجراءات تصالحية (رويترز)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد اعلن منذ توليه السلطة في أبريل الماضي سلسلة إجراءات تصالحية (رويترز)
TT

اتهام 5 أشخاص بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء الإثيوبي

رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد اعلن منذ توليه السلطة في أبريل الماضي سلسلة إجراءات تصالحية (رويترز)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد اعلن منذ توليه السلطة في أبريل الماضي سلسلة إجراءات تصالحية (رويترز)

وجه المدعي العام الإثيوبي اتهامات لـ5 أشخاص، حاولوا اغتيال رئيس الوزراء، بتفجير قنبلة أثناء تجمع شعبي لتأييده في ميدان «مسكل»، وسط العاصمة أديس أبابا في يونيو (حزيران) الماضي. وينتظر أن تبدأ إجراءات المحاكمة في غضون أسبوعين.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية الإثيوبية (إينا) أمس، إن شرطة المباحث أجرت تحقيقات مع المتهمين بارتكاب الجريمة، وقدمتها لمحكمة «لديتا» الأولى الفورية بصيغتها النهائية، بعد توثيقها لدى المدعي العام.
وكان مجهولون فجروا في 23 يونيو الماضي قنبلة وسط أديس أبابا، أثناء تجمع شعبي، خاطب فيه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد جموعاً غفيرة من مؤيديه، وأدى الانفجار الذي نجا منه رئيس الوزراء إلى مقتل 4 أشخاص، وإصابة أكثر من مائة، وقد اعتقلت الشرطة وقتها رجلاً وامرأتين اشتُبه بهم. وذكرت الوكالة أن الاتهامات وجهت لكل من عبديسا كنين، وديسالجن تسفاي، وغيتو جيرما، وهيوت جيدا، وباهيرو تولا، فيما يرقد المتهم الرابع هيوت جيدا في مستشفى لمعاناته من مشكلة صحية.
وكشف المدعي العام للمحكمة تسلمه وثيقة التحقيق من الشرطة، تقول إنه طلب من المحكمة مهلة 15 يوماً لفتح القضية القضية، استناداً إلى المادة 109/ 1 من القانون الجنائي الإثيوبي، ووافقت المحكمة على طلبه، على الرغم من أن الاتهامات الموجهة للمتهمين أدت لمقتل أشخاص، وسببت إصابات خطيرة وخفيفة لآخرين.
وبحسب وسائل إعلام محلية ودولية، فإن الانفجار موضوع المحاكمة أدى لتفريق المسيرة الكبرى لمؤيدي رئيس الوزراء، الذين ارتدوا ملابس عليها صورته، وهم يحملون لافتات مكتوباً عليها «حب واحد، إثيوبيا واحدة».
وعلى الرغم من أن «إينا» لم تذكر تفاصيل الجريمة، فإن تقارير سابقة ذكرت أن شخصاً حاول إلقاء قنبلة يدوية على المنصة، التي كان يقف عليها رئيس الوزراء، في محاولة لاغتياله وسط مؤيديه، بيد أن رجال حمايته استطاعوا إبعاده خارج مكان الانفجار.
وفور نجاته، سارع رئيس الوزراء الإثيوبي للقول إن «بضعة أفراد قتلوا وأصيب آخرون في انفجار أثناء تجمع سياسي في العاصمة أديس أبابا اليوم»، مؤكداً أن «ما حدث محاولة غير ناجحة، تم تنسيقها بشكل جيد لقوى لا تريد أن ترى إثيوبيا متحدة». وقد وصف آبي محاولة اغتياله بأنها «محاولة رخيصة وغير مقبولة، والشرطة تحقق لمعرفة المسؤول عن ذلك، وحق الضحايا لن يضيع سدى».
ومنذ توليه السلطة في أبريل (نيسان) الماضي، أعلن آبي أحمد، البالغ من العمر 42 عاماً، سلسلة إجراءات تصالحية، أدت إلى الإفراج عن عشرات الآلاف من السجناء، وفتح الشركات المملوكة للدولة للاستثمار الخاص، وتبني اتفاق سلام مع إريتريا، كما أحدث تقدماً ملحوظاً منذ أن جاء للسلطة، كما شهدت السياسة والاقتصاد انتعاشاً في عهده، وكذلك العلاقات الخارجية مع الدول، خصوصاً الشقيقة، وعلى رأسها مصر والسودان.
وتشهد منطقة القرن الأفريقي منذ تولي رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الحكم، تغييرات كبيرة نتجت عنها مصالحات واسعة في الإقليم، أبرزها اعترافه باتفاقية الجزائر، التي حسمت المثلث المتنازع عليه بينها وبين إريتريا، وإنهاء الحرب بين البلدين المستمرة لأكثر من 20 عاماً.
وفي عملية مماثلة، اغتيل في أديس أبابا في 26 من يوليو (تموز) الماضي مدير مشروع سد النهضة الإثيوبي سمنجو بكلي، حيث قتل بطلق ناري في رأسه. واعتقلت الشرطة عدداً من المشتبه بهم ينتظر تقديمهم للمحاكمة، وهو من الشخصيات المهمة في بلاده، بصفته مديراً لمشروع «سد النهضة» الإثيوبي منذ وضع حجر أساسه في أبريل 2011.
من جهة أخرى، نفت الحكومة الإثيوبية تصريحات منسوبة لرئيس الوزراء آبي أحمد، قالت إنها نتجت عن ترجمة خاطئة لكلمته التي ألقاها بالأمهرية، أمام المجتمع الإثيوبي المسلم في العاصمة الأميركية واشنطن.
وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإثيوبية ملس ألم أمس، إن «ما نشر في وسائل الإعلام حول مضمون فيديو لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، خلال لقائه بالجالية الإثيوبية بأميركا... ناتج عن إخراج وسائل الإعلام لتصريحات رئيس الوزراء من سياقها، ولا يتماشى مع تأكيد رئيس الوزراء بأن الإسلام دين سلام».
وطالب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإثيوبية في مؤتمر صحافي بالعاصمة أديس أبابا، وسائل الإعلام، بتصحيحه.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.