بدء حراك تشكيل الكتلة الأكبر في العراق بعد تحذير السيستاني

كتلتا العامري والمالكي {قطعتا شوطاً مهماً}

TT

بدء حراك تشكيل الكتلة الأكبر في العراق بعد تحذير السيستاني

على نحو غير معلن بدأت الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات العراقية حراكا من أجل تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر بعد توقف اضطراري بسبب اندلاع مظاهرات واحتجاجات غير مسبوقة في العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم. هذا الحراك جاء على إثر تحذيرات بدت شديدة اللهجة من قبل المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني خلال خطبة الجمعة الماضية بشأن الإسراع في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة مع إعطائه الضوء الأخضر للمتظاهرين بتنويع أساليب احتجاجاتهم شريطة بقائها سلمية.
وبينما تأتي دعوة المرجعية إلى الإسراع في تشكيل الحكومة، بخلاف ما دعا إليه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قبل أكثر من أسبوع حين دعا إلى وقف المفاوضات الخاصة بالكتلة الأكبر لحين تنفيذ مطالب المتظاهرين. وبينما تلتزم القيادات الشيعية الصمت حيال حراكها بشأن الكتلة الأكبر، فإن مصدرا مقربا من مفاوضات الكتل أبلغ «الشرق الأوسط» أن «كتلة الفتح بزعامة هادي العامري ودولة القانون بزعامة نوري المالكي قطعتا شوطا مهما الآن على صعيد تشكيل الكتلة الأكبر عبر العمل باتجاهين الأول التحرك على الكتل الشيعية الثلاث، «سائرون» المدعومة من الصدر و«النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، والاتجاه الثاني التحرك على السنة والأكراد لغرض ضمهم إلى هذه الكتلة».
ويضيف المصدر الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته أنه «في الوقت الذي تصر كتلة الفتح على ضم سائرون إلى الكتلة الأكبر بخلاف رغبة دولة القانون التي وإن لم تعلن موقفا معلنا بالضد فإن زعيم التيار الصدري لا يرغب من جهته الانضمام إلى كتلة تضم دولة القانون بعد فشل كل مساعي الوساطة بينه وبين المالكي». ويرى المصدر أن كتلة العبادي «هي الحلقة الأضعف بوصفها من الكتل السائلة القابلة للانفراط بسهولة عكس ما تسمى الكتل الصلدة وهي سائرون والفتح وإلى حد ما دولة القانون والحكمة». ويضيف أن العبادي لا يزال مطروحا كأقوى المرشحين لولاية ثانية طبقا للعاملين الإقليمي والدولي «لكن كتلة الفتح، التي رشحت هادي العامري لرئاسة الحكومة الجديدة، اشترطت لانضمام العبادي أن يكون أحد المرشحين وليس المرشح الوحيد»، مبينا أن «هذا الشرط يأتي بسبب كون كتلة العبادي قابلة للتشظي في حال رفض العبادي الانضمام بشروط الفتح لأن عددا كبير من أعضاء تحالفه سوف يلتحقون بالكتلة الأكبر مقابل الحصول على مناصب».
وبينما أشار المصدر إلى أن «الاجتماع الذي عقده نوري المالكي قبل يومين مع وفد من أهالي محافظة الأنبار برئاسة محمد الحلبوسي (محافظ الأنبار والنائب الفائز بأعلى الأصوات في الانتخابات الأخيرة عن المحافظة) هو بمثابة تجديد لتحالف قديم بين كتلة الحل التي يتزعمها جمال الكربولي وينتمي إليها الحلبوسي وبين دولة القانون» فإن الكربولي أبلغ «الشرق الأوسط» أن «اللقاء لا يحمل صبغة سياسية ولا صلة له بالتحالفات بل هو اجتماع يخص أوضاع محافظة الأنبار». وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت القيادات السنية اتفقت على مرشح لرئاسة البرلمان يقول الكربولي «تم الاتفاق أن يكون محمد الحلبوسي هو المرشح لمنصب رئيس البرلمان وهو ترشيح يحظى برضى الكتل السياسية الأخرى».
من جانبه يرى القيادي السني في كتلة القرار، أثيل النجيفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الفائزين السنة في الانتخابات الأخيرة هم الآن مجموعتان الأولى تمثل القرار (بزعامة أسامة النجيفي) والوطنية (بزعامة إياد علاوي) ومعهم عدد آخر من الفائزين بينما تمثل المجموعة الثانية تحالف الكرابلة (الأنبار هويتنا والحل بزعامة جمال الكربولي) وأحمد عبد الله الجبوري (محافظ صلاح الدين)». وأضاف النجيفي أن «كلا من هاتين المجموعتين تبني تحالفاتها مع قوى وكتل شيعية وكردية مختلفة»، مبينا أنه «من الطبيعي أن تقدم كل مجموعة مرشحها لشغل هذا المنصب».
وحول حراك الكتل الشيعية يقول الدكتور نعيم العبودي عضو البرلمان العراقي الفائز عن كتلة الفتح لـ«الشرق الأوسط» إن «خطبة المرجعية كانت واضحة في أهمية التعجيل في المصادقة على نتائج الانتخابات وتشكيل الحكومة لأنه مثلما هو معروف إن أغلب مطالب المتظاهرين لا تستطيع الحكومة الحالية تلبيتها لأنها حكومة تصريف أعمال وهو ما يتطلب الإسراع في هذا الحراك». وحول المرشحين لرئاسة الوزراء يقول العبودي إن «هادي العامري لا يزال مرشح الفتح لكن من حق كل كتلة ترشيح من تعتقده الأفضل لتبوؤ هذا المنصب مع الأخذ بنظر الاعتبار إن هناك جدية في مجموع تشكيل الكتلة الأكبر وأتوقع أنه في غضون يومين أو ثلاثة ستتضح معالم ذلك أكثر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.