أكدت دراسة مصرية أن «مساجد ليبيا أضحت رهينة لدى تنظيم داعش الإرهابي، لتتحول بدورها إلى أهم مورد تجنيدي للتنظيم في ليبيا، وذلك من أجل التمدد والتوسع بعد الخسائر التي تلقاها في سوريا والعراق». وقالت الدراسة إن «التنظيم عمل على تجنيد بعض أئمة المساجد الخاضعة لسيطرته»، حيث تم الكشف مؤخراً عن توقيف أحد الأئمة التابعين للتنظيم في طرابلس، لقيامه بتجنيد عدد من الشباب للقتال لصالح «داعش» أثناء الخطب والدروس الدينية التي يقدمها لهم. وذكرت الدراسة، التي جاءت بعنوان «كيف استغل (داعش) المساجد في ليبيا؟»، والتي أعدها باحثون في مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة بدار الإفتاء المصرية، أنه منذ عمت الفوضى ليبيا، واستحكمت سيطرة الجماعات المتطرفة على مناطق عدة هناك. وشهد الكثير من المساجد عدة تغيرات سببها السيطرة التي خضعت لها من قِبل هذه الجماعات، ومن ذلك السيطرة على عقول الشباب عبر الخطب والدروس التي تقدم في المساجد، موضحة أن قيام العوام بالخلط ما بين العامل والإمام الهاوي والإمام الكفء كان من أسباب تمدد أفكار تنظيم داعش عبر المساجد.
وأشار الباحثون إلى أن التنظيم عندما دخل إلى ليبيا عمل على التسهيلات التي قدمها له مناصروه للاستعانة بهم في عملية تجنيد الشباب عبر المساجد، خصوصاً في مدينة درنة، حيث تعد درنة المعقل التاريخي لكافة الجماعات المتطرفة، وكانت تعتمد عليها ليس فقط لتجنيد الشباب بهدف التمدد في ليبيا؛ بل لإرسالهم إلى سوريا، مشيرة إلى أن التنظيم كان قد عمل على استغلال الشباب أصحاب الوعي الفكري الضعيف والمترددين على المساجد، حيث عمل التنظيم على استهداف المواطنين البسطاء في المدن الليبية عبر المساجد والزوايا والخلوات، وأصبحت منابر لتجنيد الأطفال والشباب والتدريب على العمليات القتالية وطرق الذبح وغيرها.
وذكر الباحثون، في الصدد نفسه، أن التنظيم استعان بالعناصر التي تم تجنيدها في المساجد للقيام بالعمليات الانتحارية ضد أهداف محددة، موضحة أن «تفجير المرفأ النفطي الذي وقع في عام 2016 بالعاصمة طرابلس تم من خلال أحد المراهقين الذين تم تجنيدهم داخل أحد المساجد».
وبينت الدراسة المصرية أن تنظيم داعش عندما سيطر على المدن الليبية قام بتوزيع المنشورات على الأهالي المترددين على المساجد التي تروج له ولأفكاره، مشيرة إلى أن التنظيم استخدم المساجد ليس فقط في الدعاية والترويج لأفكاره، بل في عمليات القتل والاغتيالات والتعذيب ضد معارضيه. ورصدت الدراسة شهادات لأشخاص حول استغلال تنظيم داعش المساجد في المدن الليبية، حيث أفصحت إحدى الليبيات عن تجربة أبنائها مع التنظيم عبر أحد المساجد هناك، فقد تعرض ابنها إلى محاولة التجنيد من قبل تنظيم داعش عبر المسجد والخطب والدروس التي أقامها «نظام الحسبة»، وذلك بعد أن قامت السيدة بإرسال أبنائها إلى المسجد من أجل حفظ القرآن الكريم خشية الانحراف والأمية، خصوصاً بعد توقف الدراسة في مدينة درنة بسبب تردي الأوضاع الأمنية، إلا أن الأمر انتهى بانضمام أبنائها إلى التنظيم.
وقدمت الدراسة في ختام عرضها بعض المقترحات التي تحد من سيطرة «داعش» على المساجد، حتى يتم حرمانه من أحد أهم أدواته في التجنيد، إضافة إلى ضرورة تكثيف برامج الدعوة والإرشاد لتوجيه الناس وتقوية الوازع الديني لديهم مع تكثيف المحاضرات والندوات التي تتحدث عن المفاهيم المغلوطة التي تحاول الجماعات المتطرفة نشرها، مع ضرورة أن تخضع المساجد للإشراف التام من قبل الحكومة الليبية.
المساجد... حيلة «داعش» للتمدد في المدن الليبية
المساجد... حيلة «داعش» للتمدد في المدن الليبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة