العثماني يدعو إلى تنفيذ الإصلاحات التي أعلنها ملك المغرب

عشية الاحتفال بالذكرى الـ19 لتولي محمد السادس مقاليد الحكم

TT

العثماني يدعو إلى تنفيذ الإصلاحات التي أعلنها ملك المغرب

دعا سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، القطاعات الحكومية، إلى تنفيذ الإصلاحات الكبرى التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس، وتجسيدها على أرض الواقع، عشية الاحتفال بالذكرى الـ19 لتوليه مقاليد الحكم.
وقال العثماني خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس بالرباط، إن لديه «الثقة في القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، وفي حكمة وحصافة ووطنية المغاربة، وهو ما تأكد مرارا وعبر المراحل الصعبة التي مرت من تاريخ المغرب القديم والمعاصر».
وأوضح العثماني أن 19 سنة من حكم الملك محمد السادس تميزت بمميزات كثيرة، قطع خلالها المغرب أشواطا مهمة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأطلقت برامج ومبادرات قوية، كما هو الشأن بالنسبة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي «شكلت نظرة ومنهجية جديدة، واعتمدت مقاربة نوعية عبر توفير مناصب شغل، وأنشطة مدرة للدخل لفئات هشة في مناطق بعيدة، وأطلقت دينامية». مستدركا بأنه «ما زلنا في حاجة إلى تطويرها ورعايتها، ولا تزال أمامنا جهود يجب بذلها من أجل توفير العيش الكريم لجميع المواطنين والمواطنات، وهذه مسؤوليتنا حتى تظهر النتائج على أرض الواقع، ويكون المغرب ضمن الدول الصاعدة»، حسب تعبير رئيس الحكومة.
واعتبر العثماني أن خطاب الملك محمد السادس في 9 من مارس (آذار) 2011، الذي أسس للدستور الجديد، كان نقلة نوعية في المسار الديمقراطي والسياسي والحقوقي للمغرب، مشيرا إلى أنه لا تزال هناك ورشات لاستكمال تنزيل المقتضيات الدستورية والقوانين التنظيمية.
أما على الصعيد الدولي، فقد أوضح العثماني أن «السياسة الخارجية للمغرب عرفت قفزة نوعية، وتميزت بالحرص على التوازن في العلاقات الدولية، وهو ما تجسد في الشراكات الاستراتيجية التي رعاها الملك محمد السادس شخصيا مع عدد من الدول الكبرى، والتي تعطي للمغرب موقعا متوازنا بين مختلف القوى الدولية»، مشيرا في السياق ذاته إلى «السياسة الأفريقية للملك محمد السادس، التي أصبحت اليوم رائدة، وأصبح معها المغرب فاعلا معترفا به، مدافعا عن تنمية أفريقيا ومصالحها».
ووصف العثماني الاحتفال بعيد العرش (عيد الجلوس) لهذا العام بـ«عيد الإنجازات التي ترفع رأس المغرب عاليا، موضحا أنه من الواجب الاستمرار في هذا النهج». كما عبر عن تفاؤله «بدعم الإصلاحات التي هي مسؤولية الجميع». وختم حديثه بالقول إنه رغم تفاؤله فإن ذلك «لا يعفينا من أن نبذل الجهد، وأن نشتغل لمستقبل أفضل».
وفي موضوع منفصل، دعا الملك محمد السادس، أمس، الحجاج المغاربة إلى تمثيل بلدهم، وتجسيد حضارته العريقة، في الوحدة والتلاحم والتشبث بالمقدسات الدينية والوطنية، القائمة على الوسطية والاعتدال، والوحدة المذهبية.
وقال الملك محمد السادس في رسالة، تلاها أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، بمناسبة مغادرة أول فوج من الحجاج المغاربة إلى السعودية، إنه «بقدر ما يتعين عليكم تمثيل قيم الإسلام المثلى في الاستقامة وحسن المعاملة، والتضامن وإخلاص التوجه لله رب العالمين في هذا الموسم العظيم، فإنه يتعين عليكم أيضا تمثيل بلدكم المغرب، وتجسيد حضارته العريقة، التي اشتهر بها أسلافنا على مر التاريخ في الوحدة والتلاحم، والتشبث بالمقدسات الدينية والوطنية، القائمة على الوسطية والاعتدال، والوحدة المذهبية».
وحث الملك محمد السادس الحجاج المغاربة على أن يكونوا سفراء لبلدهم «في إعطاء هذه الصورة الحضارية المضيئة عنه، واعلموا أن هذه القيم والثوابت هي التي جعلت بلدنا ينعم بالأمن والاستقرار، ويواصل مسيراته الظافرة، بقيادتنا الرشيدة، نحو مزيد من التقدم والازدهار».
وأوصى الملك محمد السادس الحجاج، بالامتثال للتعليمات المتعلقة بالنظام العام، الذي وضعته السلطات المختصة في المملكة العربية السعودية الشقيقة لاستقبال ضيوف الرحمن، بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، كما حث الحجاج على تجنب كل مظاهر الأنانية والاستفزاز، مجسدين للتسامح والتضامن والتعاون على البر والتقوى. توخيا للهدف العظيم، الذي يتحقق للحاج من هذه الفريضة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».