التنسيق مع النظام السوري يبث الروح في الاصطفافات اللبنانية

دعوات من حلفاء لدمشق لإلغاء المحكمة الدولية

TT

التنسيق مع النظام السوري يبث الروح في الاصطفافات اللبنانية

تؤشر التحركات السياسية في لبنان إلى قرار لدى ما كان يُعرف بفريق 8 آذار والذي يضم القوى القريبة من دمشق إضافة لـ«التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، بإبقاء ملف تطبيع العلاقات مع النظام السوري والعودة للتنسيق معه مفتوحا على الطاولة، ما يلاقي رفضا واسعا مما كان يُعرف بقوى 14 آذار وعلى رأسها تيار «المستقبل» وحزب «القوات» والحزب «التقدمي الاشتراكي»، التي تربط أي بحث بالموضوع بـ«انتهاء الحرب وإحلال السلام وقيام حكومة سورية تحظى بشرعية سورية وعربية ودولية».
وقد بث هذا الخلاف الروح من جديد في اصطفافي 8 و14 آذار اللذين تلاشيا مع سير رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بالتسوية الرئاسية التي ساهمت بوصول العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة. ولطالما شجع الثنائي الشيعي المتمثل بـ«حزب الله» وحركة «أمل» الحكومة اللبنانية على إعادة إحياء العلاقات اللبنانية - السورية، ما أدى إلى إشكال كبير نهاية العام الماضي.
ومؤخرا، أكد الوزير باسيل أن «الحياة السياسية ستعود بين سوريا ولبنان، كما أن كل الطرق بين لبنان وسوريا، العراق وسوريا، الأردن وسوريا، ستفتح، وسيعود لبنان إلى التنفس من خلال هذه الشرايين البرية». ولاقته بعدها قوى متعددة مقربة من دمشق حثت على وجوب وضع حد لسياسة النأي بالنفس، قبل أن ينضم الرئيس بري للدفع وبقوة في اليومين الماضيين في هذا الاتجاه، معتبرا أن «عدم التنسيق مع دمشق مهزلة يجب أن تنتهي».
في السياق، أوضح النائب سليم خوري، في تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه باسيل، أن «التيار الوطني الحر» والتكتل يتمسكان بالتنسيق مع سوريا «لتحقيق أولوية إعادة النازحين ولتأمين مصلحة الدولة اللبنانية والشعب اللبناني الذي لم يعد قادرا على تحمل عبء هؤلاء النازحين»، لافتا إلى أن «المبادرة الروسية في هذا المجال لا تزال غير واضحة خاصة من جهة كيفية تحقيق العودة إجرائيا وعمليا». وقال خوري لـ«الشرق الأوسط»: «على كل الحال تمسك بعض الفرقاء برفض التنسيق مع النظام في سوريا ورفضهم الحوار حول الموضوع لا يفيد الاقتصاد اللبناني ولا المصلحة العليا للدولة، فلسنا نحن كلبنانيين من يقرر من يحكم سوريا، كل ما يجب أن يعنينا هو كيفية تسيير أمور المواطنين اللبنانيين من دون التدخل في شؤون سوريا أو غيرها من الدول».
بالمقابل، اعتبر النائب في تيار «المستقبل» بكر الحجيري أن ما يحصل في هذا الملف «لعبة مكشوفة» من قبل قوى الثامن من آذار: «فبعدما انزعجوا من دخول موسكو على الخط لترتيب عودة النازحين، ما من شأنه أن يضع حدا لكل الدعوات للتنسيق مع النظام السوري لتحقيق هذه العودة، بدأوا اليوم يستبقون التطورات ويحاولون ربط التطبيع بالموضوع الاقتصادي». ونبّه الحجيري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من أن ذلك من شأنه أن يشكل «ورقة جديدة لعرقلة تشكيل الحكومة»، لافتا إلى أن «هناك من يراهن على الوضع الاقتصادي المزري، ويقدم البراهين على حد السكين متلاعبا بذلك بمصير البلد واللبنانيين».
وتعتبر مصادر «القوات اللبنانية» أن «هناك مسعى واضحا من قبل القوى القريبة من دمشق لمحاولة تمرير ملفات معينة في الوقت الضائع، ما من شأنه أن يعقد المسار الحكومي الذي لا يزال محصورا بعقد داخلية معروفة ترتبط بالحصص والحقائب»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «محاولة إدخال عناصر جديدة على الخط ذات بُعد إقليمي يهدد بالدخول في فراغ حكومي طويل الأمد».
فبالتزامن مع تصاعد الحملة الداعية للتنسيق مع سوريا، برزت دعوات لإلغاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. واعتبر النائب عبد الرحيم مراد أنه، قد «آن الأوان لإيقاف خطأ المحكمة الدولية ونقلها إلى لبنان لنكمل البحث عن الحقيقة مع إمكان الاستعانة بقضاة دوليين». ورفض النائب السابق فارس سعيد كلام مراد بقوله: «دفعنا ثمنها شهداء وحروب». وطالب باستقالة النائب المذكور. وكانت حملة قد انطلقت مطلع الأسبوع تحت عنوان «الحملة الوطنيّة لإلغاء المحكمة الخاصة بلبنان»، لم يُعرف من يقف خلفها، وزّعت بيانا حثت فيه على «وضع حد لاستمرار المحكمة الخاصة في عملها».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.