إسرائيل تعيد فتح معبر البضائع في غزة بشكل جزئي

بعد تراجع وتيرة إطلاق الطائرات الحارقة والبالونات

أطفال فلسطينيون يرفعون لافتات ويحملون الشموع عند معبر بيت حانون (إيرز) احتجاجاً على الحصار (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يرفعون لافتات ويحملون الشموع عند معبر بيت حانون (إيرز) احتجاجاً على الحصار (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعيد فتح معبر البضائع في غزة بشكل جزئي

أطفال فلسطينيون يرفعون لافتات ويحملون الشموع عند معبر بيت حانون (إيرز) احتجاجاً على الحصار (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يرفعون لافتات ويحملون الشموع عند معبر بيت حانون (إيرز) احتجاجاً على الحصار (أ.ف.ب)

قرر وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إعادة فتح جزئي لمعبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الرئيسي للبضائع في قطاع غزة، وذلك مع تراجع وتيرة إطلاق البالونات الحارقة.
وأعلن مكتب ليبرمان، في بيان، أنه سيسمح بإدخال الوقود ومواد غذائية ومعدات طبية إلى غزة، عبر المعبر، لأول مرة منذ نحو أسبوع.
وجاء في البيان، «قرار الوزير جاء من حقيقة أن (حماس) لم توقف أنشطتها الإرهابية بشكل كامل، لكنها حاولت إبقاءها على مستوى منخفض، سواء ما يتعلق بإطلاق البالونات الحارقة أو المواجهات على الحدود، التي يديرها أعضاء يُعرف عنهم انتماؤهم لـ(حماس)».
وأضاف البيان: «إنه سيُعاد فتح المعبر بالكامل فقط عندما يتوقف العنف على طول الحدود تماماً».
وأكد البيان أنه «ستتم مراجعة أنشطة المعبر في الأيام المقبلة تماشياً مع التراجع في الأنشطة الإرهابية والأعمال الاستفزازية». وأردف: «إن عودة معبر (كرم شالوم) إلى العمل بطاقته الكاملة يعتمد على التوقف التام لإطلاق البالونات والمواجهات على الحدود».
وكانت إسرائيل أغلقت في 9 يوليو (تموز) الحالي، معبر كرم أبو سالم بشكل جزئي، رداً على استمرار الطائرات الحارقة. وفي 16 من الشهر الحالي، فرضت إسرائيل إغلاقاً كاملاً على المعبر شمل وقف تدفق الغاز والوقود، عقاباً على استمرار ظاهرة الطائرات الورقية الحارقة.
وترافق إغلاق المعبر مع قرارات أخرى، مثل تقليص مساحات الصيد من 9 أميال إلى 3، قبل أن تكبح «حماس» جماح الطائرات الحارقة، بعد تثبيت هدنة ثانية بين غزة وإسرائيل الأحد الماضي.
ولم تنجح هدنة سابقة رعتها مصر في تحديد مصير الطائرات الورقية، لكن تصعيداً كبيراً السبت الماضي، قاد إلى تدخل مصري أكبر وتعهدات بوقف تدريجي للطائرات الحارقة.
وأكدت إسرائيل أن «حماس» وافقت على إدخال الطائرات الحارقة، ضمن الهدنة، ولم تعقب «حماس».
وعملياً توقفت الطائرات الحارقة لأيام عدة قبل أن يرسل ناشطون بعضاً منها الاثنين والثلاثاء.
واستهدفت طائرات إسرائيلية مجموعة من الغزيين قامت بإطلاق بالونات حارقة، ولم تقع إصابات.
واستهدفت طائرات مجموعة من مطلقي الطائرات أمس بصاروخ تحذيري فقط.
وتقول إسرائيل إن الطائرات الحارقة تسببت في حرق نحو 28 ألف دونم زراعي، وهو رقم لم يتسن التأكد من صحته، أو إلى أي حد تسببت الحرائق بأضرار فعلية.
وجاء قرار فتح معبر كرم أبو سالم، في وقت أعلن فيه مسؤولون فلسطينيون أن القطاع على وشك انهيار.
وتسبب إغلاق المعبر في تفاقم الأزمات الاقتصادية وفقدان بضائع وارتفاع أسعار بضائع أخرى، فيما حذرت قطاعات مهمة في غزة من أن استمرار إغلاق المعبر سيعني توقف خدماتها.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن خدماتها معرضة مجدداً لخطر التوقف.
وقال أشرف أبو مهادي مدير عام التعاون الدولي في الوزارة، في مؤتمر صحافي، إن الوزارة ستواصل العمل بالإجراءات التقشفية، للحفاظ على ما تبقى من كميات الوقود لأطول فترة ممكنة، ولكن ذلك لا يمثل الحل المناسب لهذه الأزمة.
وأكد أبو مهادي أن أزمة نقص الوقود والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي تستنزف من وزارة الصحة الموارد والجهد والوقت. وحذر أبو مهادي من أن كمية الوقود المتبقية، تكفي، مع الإجراءات المشددة، حتى منتصف أغسطس (آب) المقبل، محذراً من خطر توقف الخدمات الصحية.
وأضاف أن استمرار الأزمات التي تعتري العمل الصحي في غزة ما هي إلا إفراز سنوات الحصار الإسرائيلي، وعلى رأسها تقليص كميات الكهرباء والوقود الواردة للقطاع.
وبالتزامن مع مشكلة المستشفيات، قررت شركة كهرباء غزة إجراء تخفيض آخر في إمدادات الطاقة في القطاع، بما سيؤثر على عدد ساعات وصل الكهرباء إلى السكان من 6 إلى 4 ساعات.
وقال محمد ثابت، المتحدث باسم الشركة: «نحن نحاول توفير الكهرباء لسكان غزة لمدة لا تقل عن 4 ساعات في اليوم، لكن هذا مشكوك فيه أيضاً، لذا سوف تمتد ساعات الفصل إلى ما بعد 16 ساعة في اليوم».
ولم تعلن سلطة الطاقة في غزة سبب إيقاف العمل في المحطة، لكن مصدراً في السلطة الفلسطينية قال لصحيفة «هآرتس»، إن سبب إغلاقها هو النقص في وقود الديزل.
ووفقاً لبيانات السلطة الفلسطينية، فإن الاستهلاك اليومي لقطاع غزة يبلغ 600 ميغاواط، في حين تنتج محطة توليد الكهرباء نحو 120 ميغاواط في ذروة عملياتها، وتصل من إسرائيل كمية مماثلة، بينما يصل من مصر نحو 20 ميغاوات.
وثمة خلاف بين السلطة و«حماس» حول إدارة هذا القطاع وجباية الأموال إليه، ما يفاقم من أزمة الكهرباء. وتدرس إسرائيل، وكذلك الولايات المتحدة والأمم المتحدة، أفكاراً بشأن بناء وإقامة محطة لتوليد الطاقة في غزة، لكن سيطرة «حماس» على القطاع ورفض السلطة الفلسطينية التعامل مع غزة بعيداً عنها، يجعل كل هذه الخطط حبراً على ورق.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.