ما أسباب الموجة الحارة التي تجتاح العالم حالياً؟

«الاحتباس الحراري» ليس المتهم الوحيد

مصطافون يحزمون أمتعتهم قبيل الغروب في أحد الشواطئ بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
مصطافون يحزمون أمتعتهم قبيل الغروب في أحد الشواطئ بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
TT

ما أسباب الموجة الحارة التي تجتاح العالم حالياً؟

مصطافون يحزمون أمتعتهم قبيل الغروب في أحد الشواطئ بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
مصطافون يحزمون أمتعتهم قبيل الغروب في أحد الشواطئ بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

اتخذت السلطات السويدية، الأسبوع الماضي، خطوةً غير معتادة، إذ أصدرت نداء تطلب فيه مساعدات دولية لمواجهة حرائق انتشرت في أرجاء البلاد خلال الأيام القليلة الماضية.
وبعد شهور بلا أمطار، تلتها أسابيع من الحرارة المرتفعة، أصبحت غابات السويد أشبه بالمواقد، ولم يكن ممكناً تجنُّب النتائج المترتبة على ذلك. لقد اندلعت حرائق الغابات، وبنهاية الأسبوع الماضي، وقع أكثر من 50 حريقاً بالغابات عبر مناطق متفرقة بالبلاد، نحو عشرة منها داخل الدائرة القطبية، حسبما ذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية.
وتقول الصحيفة إن البلد المشهور بالبرودة والثلوج وجد نفسه غير قادر على مواجهة الحرائق المشتعلة داخل حدوده، واضطر لتوجيه نداء لطلب المساعدة الدولية، وبالفعل استجابت النرويج وإيطاليا، حيث أرسلتا، جوّاً، فرق إطفاء لمساعدة السويد في معركتها ضد الحرائق.
وتشير «الغارديان» إلى أن الحرارة المرتفعة وغير المعتادة تسببت في موجات حارة طويلة الأمد في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، ونتج عنها اضطراب ودمار، كما هو الحال في أميركا الشمالية والدائرة القطبية وشمال أوروبا وأفريقيا، التي شهدت درجات حرارة قياسية.
وتذكر الصحيفة أن محطة طقس في مدينة ورقلة الجزائرية بالصحراء الكبرى، سجلت درجة حرارة قياسية بلغت 51.3 درجة، وهي الأعلى التي يتم تسجيلها في أفريقيا.
وفي اليابان، حيث وصلت درجات الحرارة لأكثر من 40 درجة، أُبلغ الناس، الأسبوع الماضي، بتوخي الحذر بعد ارتفاع حصيلة الوفيات إلى 30 شخصاً، والآلاف لجأوا إلى المستشفيات لتلقي العلاج من أعراض مرتبطة بالحرارة المرتفعة.
وفي ولاية كاليفورنيا الأميركية، زاد معدل استخدام مكيفات الهواء ما أدى إلى حدوث قصور في الطاقة الكهربائية. لكن الأكثر غرابة ما سببته الحرارة المرتفعة في كندا، حيث سجلت مدينة تورونتو درجة حرارة قياسية تجاوزت 30 في 18 يوماً خلال العام الحالي، بينما شهدت البلاد 9 أيام كهذه طيلة الصيف الماضي.
وتؤكد «الغارديان» أن الموجة الحارة الحالية تؤثر على قطاعات واسعة من كوكب الأرض، وبالتالي فإنها مبعث قلق عالمي وليس محليّاً.
ويشير كثير من العلماء إلى أن السبب وراء هذه الموجة الحارة التي تضرب جزءاً كبيراً من عالمنا في وقتنا الحالي وتؤدي أحياناً إلى حرائق بالغابات، يرجع إلى عدة عوامل، أبرزها الاحتباس الحراري. لكن علماء آخرين حذروا من خطأ قد يتمثل في تسليط الضوء على دور الاحتباس الحراري فقط في الموجة الحارة الحالية.
ونقلت الصحيفة عن دان ميتشل من جامعة بريستول قوله: «أجل، من الصعب عدم الاعتقاد بأن التغير المناخي يلعب دوراً بالضرورة فيما يحدث حول العالم حالياً»، مضيفاً: «لقد كان هناك بعض درجات الحرارة القياسية في الأسابيع القليلة الماضية، ومع ذلك علينا الحرص من المبالغة في تأثير التغير المناخي، فهناك مؤثرات أخرى تعمل».
التيار النفاث أحد هذه العوامل المؤثرة، وهو لُبّ الرياح القوية، بارتفاع نحو خمسة إلى سبعة أميال عن سطح الأرض، الذي يضرب من الغرب إلى الشرق، وبالتالي يوجه الطقس حول العالم.
وقد تؤدي هذه التيارات حال اشتدادها إلى حدوث عواصف، وفي أحيان أخرى، حينما تضعف، فإنها تتسبب بأيام هادئة ومستقرة، وهذا ما يجري في الوقت الحالي.
ويتابع ميتشل: «التيار النفاث الذي نعيشه حالياً ضعيف للغاية، ونتيجةً لذلك، فإن مناطق الضغط العالي للغلاف الجوي تدوم لفترات طويلة فوق المكان نفسه».
من بين العوامل المتسببة في الظروف المناخية الحالية بنصف الكرة الشمالي، نجد التغيرات في درجة حرارة سطح البحر في شمال المحيط الأطلسي.
ويقول البروفسور آدم سكايف من مكتب الأرصاد الجوية بالمملكة المتحدة إن «هناك جزءاً من ظاهرة تعرف بـ(تأرجح الأطلسي متعدد العقود)»، ويتابع: «في الواقع، الأمر أشبه بما تعرَّضنا له عام 1976، حينما عايشنا درجة حرارة مشابهة في المحيط الأطلسي، وثبات التيار النفاث الذي خلّف مناطق واسعة من الضغط العالي فوق مناطق كثيرة لفترات طويلة».
ويضيف سكايف: «وبالطبع، شهدنا في ذلك العام أحد فصول الصيف الأكثر جفافاً وحرارة وسطوعاً للشمس بالمملكة المتحدة خلال القرن العشرين».
غير أن البروفسور تيم أوسبورن مدير وحدة أبحاث المناخ بجامعة شرق أنجليا، يلفت إلى أن هناك اختلافاً بين 1976 واليوم، وهو أن «مناطق التأثر بهذه الظاهرة تختلف كثيراً اليوم. فمنذ عام 1976 شهدنا عدة عقود من الاحتباس الحراري، والناتج ارتفاع انبعاثات الكربون، والتي أدت بدورها لارتفاع درجة الحرارة العالمية بشكل كبير».
وبالتالي فإن أي ظاهرة مثل ضعف التيار النفاث سيكون تأثيرها أكبر مما كان عليه قبل 40 عاما.
ويحذر علماء أنه مع تزايد انبعاثات الكربون والتوقعات بأن العالم لن يكون قادرا على إبقاء ارتفاع درجات الحرارة العالمية خلال القرن الحالي عند أقل من درجتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، فإن الموجات الحارة المتسعة الرقعة ستصبح أسوأ وأكثر حدوثا على الأرجح.
ولا يتوقف الأمر عند الموجات الحارة التي تضرب البر، حيث يشير مايكل بوروز من المعهد البحري الاسكوتلندي (أوبان) إلى وجود «موجات حارة بحرية أيضاً حول العالم»، مضيفاً: «على سبيل المثال، ضربت موجة حارة بحرية كبرى ساحل أستراليا العام الماضي، وأتت على مساحات واسعة من الحاجز المرجاني العظيم».
ويقول بوروز: «الموجات الحارة البحرية تزداد حدة وتواتراً، شأنها شأن تلك التي تضرب البر، وهو أمر يدعونا للشعور بالقلق».



دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
TT

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)

كشف بحث جديد أنه يمكن لفيروس إنفلونزا الطيور أن يصيب الخيول دون أن يسبب أي أعراض، مما يثير المخاوف من أن الفيروس قد ينتشر دون أن يتم اكتشافه، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

ويعتبر ذلك تطوراً آخراً في التهديد الناشئ لفيروس H5N1، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره السبب الأكثر ترجيحاً للوباء المقبل.

اكتشف علماء من جامعة غلاسكو في المملكة المتحدة أجساماً مضادة للفيروس في عينات دم مأخوذة من خيول تعيش في منغوليا.

وقال البروفسور بابلو مورسيا، الذي قاد البحث، لشبكة «سكاي نيوز» إن النتائج تشير إلى أن الخيول في جميع أنحاء العالم قد تكون عرضة للإصابة في المناطق التي يوجد بها إنفلونزا الطيور، وقد تنقل الفيروس إلى البشر.

وتابع: «من المهم للغاية، الآن بعد أن علمنا أن هذه العدوى يمكن أن تحدث في الطبيعة، أن نراقبها لاكتشافها بسرعة كبيرة... تعيش الخيول، مثل العديد من الحيوانات المستأنَسة الأخرى، على مقربة من البشر. وإذا استقر هذا الفيروس في الخيول، فإن احتمالية الإصابة البشرية تزداد».

ويعتقد الفريق في مركز أبحاث الفيروسات التابع لمجلس البحوث الطبية بجامعة غلاسكو أيضاً أن الخيول قد تكون وعاء خلط لسلالات جديدة من الإنفلونزا.

من المعروف بالفعل أن الخيول يمكن أن تصاب بإنفلونزا الخيول، التي يسببها فيروس H3N8. ولكن إذا أصيب الحصان في نفس الوقت بفيروس H5N1، فقد يتبادل الفيروسان المادة الوراثية ويتطوران بسرعة.

كان فيروس H5N1 موجوداً منذ عدة عقود، ويتسبب في تفشّي المرض بين الدواجن إلى حد كبير. ولكن في السنوات الأخيرة انتشر نوع جديد من الفيروس في جميع أنحاء العالم مع الطيور المهاجرة، وقفز مراراً وتكراراً بين الأنواع ليصيب الثدييات.

ينتشر الفيروس بين الأبقار في الولايات المتحدة؛ حيث أُصيب أكثر من 700 قطيع من الأبقار الحلوب في 15 ولاية، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وقال الدكتور توليو دي أوليفيرا، مدير مركز الاستجابة للأوبئة والابتكار في جنوب أفريقيا، الذي اكتشف لأول مرة متحور «أوميكرون»، في جائحة «كوفيد - 19»، إنه يراقب الأحداث في أميركا بخوف.

وشرح لشبكة «سكاي نيوز»: «آخر شيء قد يحتاجون إليه في الوقت الحالي هو مسبِّب مرض آخر تطور وتحور... إذا أبقي فيروس H5N1 منتشراً لفترة طويلة عبر حيوانات مختلفة وفي البشر، فإنك تمنح الفرصة لحدوث ذلك. لا أحد يريد جائحة محتملة أخرى».