وصول حافلات لإجلاء موالين للنظام وإيران من ريف إدلب

صفقة روسية - تركية لاستكمال تنفيذ اتفاق بين «النصرة» وطهران

حافلات لنقل موالين للنظام السوري وايران من ريف ادلب امس. (أ.ب)
حافلات لنقل موالين للنظام السوري وايران من ريف ادلب امس. (أ.ب)
TT

وصول حافلات لإجلاء موالين للنظام وإيران من ريف إدلب

حافلات لنقل موالين للنظام السوري وايران من ريف ادلب امس. (أ.ب)
حافلات لنقل موالين للنظام السوري وايران من ريف ادلب امس. (أ.ب)

بدأت منذ صباح أمس تحضيرات لإجلاء سكان بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين والمواليتين للنظام في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا بموجب اتفاق بين روسيا وتركيا، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ونشطاء وشهود عيان.
ومن المرجح أن تستمر التحضيرات لساعات طويلة لأن العملية ستنتهي بخروج نحو 7 آلاف شخص من القريتين، وهو أمر يحتاج إلى كثير من الوقت.
وتجمع عشرات المقاتلين من «هيئة تحرير الشام»، (جبهة النصرة سابقاً) عند الطريق المؤدية إلى البلدتين، في قرية الصواغية المحاذية. وبدأ العمل على فتح الطريق بعدما لوح منسق الهيئة وأحد المسؤولين من البلدتين كلاهما للآخر معلنين إشارة الانطلاق.
وبعد فتح الطريق وإزالة الحواجز الترابية، بدأت الحافلات بالدخول تباعاً، وشاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية 84 حافلة تدخل البلدتين.
وتوصلت روسيا، حليفة دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة الثلاثاء إلى اتفاق نص على إجلاء جميع سكان البلدتين اللتين تحاصرهما «هيئة تحرير الشام» وفصائل أخرى منذ 3 سنوات، مقابل الإفراج عن 1500 معتقل في سجون قوات النظام. ومن المفترض أن يتم إجلاء السكان في 121 حافلة، وفق ما قال مصدر من «هيئة تحرير الشام».
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بدورها بـ«دخول عشرات الحافلات وسيارات الإسعاف إلى بلدتي كفريا والفوعة».
ومن المفترض أن ينقل سكان البلدتين إلى مناطق سيطرة النظام في محافظة حلب.
وتعد الفوعة وكفريا البلدتين الوحيدتين المحاصرتين حالياً في سوريا بحسب الأمم المتحدة، بعدما استعادت قوات النظام خلال عمليات عسكرية وبموجب اتفاقات إجلاء العدد الأكبر من المناطق التي كانت تحاصرها في سوريا.
وسيطرت الفصائل المعارضة والإسلامية في عام 2015 على كامل محافظة إدلب باستثناء بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين. وشكلت البلدتان طوال السنوات الماضية ورقة ضغط للفصائل لطرح شروطها خلال مفاوضات مع النظام.
ومنذ 2015، تمّ على مراحل إجلاء الآلاف من سكان البلدتين. وفي أبريل (نيسان) عام 2017، وبموجب اتفاق بين الحكومة السورية والفصائل المقاتلة حصلت أكبر عملية إجلاء منهما. وتعرضت حينها قافلة من المغادرين لتفجير كبير أودى بحياة 150 شخصاً بينهم 72 طفلاً.
وأعرب بعض سكان البلدتين عن خشيتهم من المغادرة بموجب الاتفاق الأخير خوفاً من استهدافهم بتفجير جديد. ونص الاتفاق الجديد أيضاً عن إطلاق النظام سراح 40 أسيراً من الفصائل، وإفراج «هيئة تحرير الشام» عن مخطوفين علويين لديها منذ عام 2015.
وتعهد الأسد الذي تتقدم قواته أمام مقاتلي المعارضة في جنوب غربي البلاد، باستعادة السيطرة على البلد بأكمله. وقالت مصادر موالية للنظام إن نحو 7 آلاف شخص سيغادرون البلدتين.
وأصبح نقل السكان مألوفا في الحرب السورية الدائرة منذ 7 سنوات، والتي يعتقد أنها أسقطت نحو نصف مليون قتيل ودفعت نحو 11 مليونا للنزوح عن ديارهم. وجاءت أغلب عمليات النقل هذه على حساب معارضي الأسد.
وجرى نقل مقاتلين من المعارضة ومدنيين بالحافلات من بلداتهم إلى أراض تسيطر عليها المعارضة في الشمال مع تقدم القوات الحكومية مدعومة من روسيا وإيران.
ووصفت المعارضة ذلك بأنه تهجير قسري ممنهج ضد معارضي الأسد. واتخذ الصراع منحى طائفيا بعدما تحولت احتجاجات سلمية على حكم الأسد في عام 2011 إلى حرب. وجاء مقاتلون مدعومون من إيران من مختلف أرجاء المنطقة لمساعدة دمشق في مواجهة معارضيها الذين كثير منهم من السنة.
وقالت مصادر في المعارضة إن مسؤولين من «هيئة تحرير الشام»، وهي تحالف يقوده الفرع السابق لتنظيم «القاعدة»، ومن الحرس الثوري الإيراني تفاوضوا على اتفاق نقل السكان من البلدتين.
وقال قائد في التحالف الداعم للأسد إن تركيا تشارك كذلك في العملية التي تجري استنادا إلى اتفاق أبرم العام الماضي ولم ينفذ بالكامل. وفي أبريل من العام الماضي تم نقل الآلاف من البلدتين إلى منطقة خاضعة للحكومة في إطار اتفاق تبادل.
وفي المقابل، غادر مئات السكان بلدتي مضايا والزبداني على الحدود مع لبنان، اللتين كانتا حينها في يد مقاتلين سنّة من المعارضة وتحاصرهما قوات موالية للحكومة. وتم نقل السكان إلى إدلب. لكن بنودا أخرى من الاتفاق، منها إجلاء السكان المتبقين في الفوعة وكفريا وإطلاق سراح 1500 معتقل من سجون الدولة، لم تستكمل في ذلك الوقت.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».