مستقبل كرة القدم يبدو واعداً بعد مونديال روسيا

مواهب جديدة واجهت القوى التقليدية... والفرق الصغيرة نافست الكبار

كرواتيا تحمل راية الفرق الصغيرة (رويترز)
كرواتيا تحمل راية الفرق الصغيرة (رويترز)
TT

مستقبل كرة القدم يبدو واعداً بعد مونديال روسيا

كرواتيا تحمل راية الفرق الصغيرة (رويترز)
كرواتيا تحمل راية الفرق الصغيرة (رويترز)

شكل الفوز بكأس العالم 2018 في كرة القدم «مرحلة جديدة» في حياة المهاجم الفرنسي الشاب كيليان مبابي، بحسب ما قال لاعب باريس سان جيرمان الذي أكد أن التتويج لن يغير طريقة عيشه. ورأى مبابي أن التتويج بلقب المونديال بعد 20 عاما من إحراز فرنسا لقبها الأول شكل «فخرا لا يوصف، شعورا فريدا، حلم طفل يتحقق وشيئا لا ثمن له».
وتأتي النجمة الفرنسية الثانية بمثابة مرحلة جديدة للشاب الموهوب الذي حصد لقبين في الدوري المحلي في السنتين الأخيرتين. وقال مبابي لقناة «تي إف 1» الفرنسية: «بالنسبة لي الأمر مختلف، لأن حياتي تتغير تقريبا كل ستة أشهر. هذه مرحلة جديدة من حياتي، لكنها لن تغير كثيرا طريقة عيشي». وتابع لاعب موناكو السابق بعد عودة منتخب «الزرق» إلى باريس متوجا باللقب العالمي في موسكو «ربما من الخارج ستتغير، لأننا نتصدر العناوين، لكن لا أعتقد أننا سنبدل طرق عيشنا، لأن هذا ما أوصلنا إلى مكانتنا الراهنة». وعن أجواء الاحتفالات في فرنسا ونزول 300 ألف فرنسي لاستقبالهم في جادة شانزيليزيه: «لا تدرك ذلك كثيرا. ترى الكثير من الأشخاص السعداء، تعتقد أنك تعيش حلما».
وعن تسارعه الخارق في مباراة الأرجنتين حيث وصلت سرعته إلى 37 كلم / ساعة، مما أجبر دفاع المنافس على إسقاطه داخل منطقة الجزاء، أضاف مبابي: «إذا كان بوسعك أن تترك أثرا لدى الناس الذين يعرفون كرة القدم قليلا فهذا أمر جيد... ربما سيذكر الناس التسارع حتى 37 كلم / ساعة، لكن بالتأكيد سيذكرون أن فرنسا بطلة للعالم». وقورن مبابي (19 عاما) بالأسطورة البرازيلي بيليه نظرا لصغر سنه بعد أن أصبح ثاني أصغر لاعب يسجل هدفا في المباراة النهائية بعد بيليه بالذات، ومرتين في مباراة واحدة في نهائيات كأس العالم في المباراة ضد الأرجنتين في دور الستة عشر. ونال جائزة أفضل لاعب ناشئ في البطولة، وأكد هدفه الرابع في النهائي تفوق منتخب «الديوك» على المفاجأة الكرواتية.
وعندما سجل مبابي الهدف الرابع لفرنسا في النهائي أثار إمكانية نجاح فرنسا في السير على خطى هيمنة البرازيل على لقب البطولة بقيادة الأسطورة بيليه. وأصبح مبابي ثاني لاعب شاب بعد بيليه يسجل في نهائي كأس العالم حيث فازت تشكيلة من الموهوبين 4 - 2 على كرواتيا لتحرز فرنسا اللقب لأول مرة منذ 20 عاما عقب تتويج 1998 في باريس.
وفعل بيليه ذلك وعمره 17 عاما في 1958 في بداية فترة هيمنة برازيلية فاز خلالها الفريق القادم من أميركا الجنوبية بثلاث بطولات لكأس العالم خلال 12 عاما وبلغت ذروة التألق في الانتصار على إيطاليا في نهائي من جانب واحد عام 1970. ورغم زيادة المقارنة بين مبابي وبيليه فإن اللاعب المولود في باريس لا يزال ينتظره طريق طويل يجب أن يسلكه حتى يقترب من معادلة إنجازات الأسطورة البرازيلية.
لكن النضج المبكر للمتألق مبابي يمكن أن يكون دعامة للفريق الفرنسي مع إمكانية الهيمنة على الكرة العالمية مثلما فعل بيليه وزملاؤه منذ أواخر الخمسينات حتى 1970. ومع وجود أنطوان غريزمان، أفضل لاعب في المباراة النهائية في موسكو، في خط الهجوم وبول بوغبا في خط الوسط وصمويل أومتيتي ورفائيل فاران في الدفاع تملك فرنسا أساسا ثابتا للبناء عليه. ويبلغ متوسط أعمار التشكيلة الفرنسية أكثر قليلا من 26 عاما كما تملك وفرة من اللاعبين المتميزين لكن الطريقة التي تعامل بها الفريق مع البطولة بذكاء وثبات منحت سببا أكبر للتفاؤل بالمستقبل.
واتسم الأداء الفرنسي خلال كأس العالم بالفاعلية والكفاءة والمهارة والهيمنة على معظم المباريات دون إظهار قدر كبير من المتعة في الأداء. وخلال سبع مباريات خاضها بطل العالم في روسيا كان متوسط نسبة استحواذ لاعبي فرنسا على الكرة 48 في المائة وسط عمل شاق دون كرة. ومن الناحية الخططية تمكن الفريق من التأقلم طوال البطولة وإظهار مرونة وهي سمة تميز الفريق الناجح.
وزادت فرص استمرار مسيرة الانتصارات بوجود المدرب ديدييه ديشامب الذي يتمتع بشعبية كبيرة بين لاعبيه وسيظل في منصبه لعامين إضافيين على الأقل. ويستمر عقد ديشامب حتى نهاية بطولة أوروبا 2020 لكن مع مثل هذه الإمكانية الهائلة للبناء فإنه بالتأكيد سيميل إلى تمديد البقاء. وقال ديشامب عقب النهائي: «اليوم كانت هناك أخطاء ولم نفعل كل شيء كما يجب لكن نملك كفاءات ذهنية ونفسية كانت حاسمة للفوز». ومع وجود هذه الكفاءات والمميزات هناك سبب مشروع للاعتقاد بأنه سيكون هناك المزيد من الأيام المجيدة للكرة الفرنسية.
ولا شك في أن «أجمل كأس عالم على الإطلاق» حصلت على النهائي التي تستحقه عندما فازت تشكيلة شابة لمنتخب فرنسا على كرواتيا المكافحة بعد عرض قوي زاد من التكهنات بإمكانية تغيير وجه القوى العالمية في كرة القدم. وارتقى غريزمان أخيرا إلى مستوى التوقعات العالية وأصبح مبابي حديث عشاق الساحرة المستديرة في أرجاء المعمورة. وأحرز بوغبا هدفا بتسديدة رائعة وشهد اللقاء أكبر عدد من الأهداف في مباراة نهائية من 90 دقيقة منذ 1958.
وأدت كرواتيا، التي يبلغ تعداد سكانها أربعة ملايين نسمة فقط، دورها أيضا لكن مواجهة فرنسا كانت شاقة بعد اللجوء إلى الوقت الإضافي في ثلاث مباريات متتالية في كأس العالم وهو ما يكافئ خوض أربع مباريات في 11 يوما. واستغلت روسيا كأس العالم لتحسين سمعتها العالمية وأظهرت قدرتها على استضافة الأحداث الضخمة ورحبت بشكل رائع بعشرات الآلاف من الزوار. ويمكن لكرة القدم أيضا أن تستغل هذه النسخة من كأس العالم للتركيز على الأمور الإيجابية وكذلك على المستقبل في ظل رغبة الاتحاد الدولي (الفيفا) في نسيان فضائح الفساد التي لطخت سمعة المنظمة في 2015.
وغادر البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار الحفل مبكرا لكن شبان منتخب فرنسا، وباقي الفرق المتأهلة، أظهروا ما يكفي في روسيا للتكهن بوجود لاعبين بوسعهم السير على خطى هؤلاء النجوم الكبار. وأظهر فريق المدرب غاريث ساوثغيت أنه يملك مستقبلا واعدا. وكانت إنجلترا تحلم بالتأهل إلى نهائي كأس العالم لأول مرة منذ إحراز اللقب على أرضها في 1966 لكنها تعثرت أمام كرواتيا في الدور قبل النهائي. والأهم من ذلك هو اللعب بحماس وروح قتالية والتحلي بالتواضع الواضح وهو ما يختلف تماما مع ما كان يحدث سابقا مع التشكيلات المختلفة للمنتخب الإنجليزي.
وكانت الإثارة حاضرة منذ المباراة الافتتاحية إذ نجحت روسيا، صاحبة أقل تصنيف في البطولة بوجودها في المركز 70، في الفوز بخماسية على السعودية وزاد الإبداع بثلاثية رونالدو خلال التعادل المثير 3 - 3 مع إسبانيا وثارت تكهنات بأن هذه أجمل نسخة للكأس. وشهدت المسابقة الكثير من الأهداف الرائعة والدراما المتأخرة في طريقة حسم المباريات، لذا قال جياني إنفانتينو رئيس الفيفا إن هذه أجمل بطولة على الإطلاق لكأس العالم واتفق معه الكثير من النقاد والمذيعين وزوار روسيا.
وأصبح ديشامب، الذي كان يحمل شارة قيادة بلاده عندما أحرزت اللقب على أرضها في 1998، ثالث رجل فقط يتوج باللقب كلاعب وكمدرب بعد البرازيلي ماريو زغالو والألماني فرانز بيكنباور. وقد يمكن مسامحته الآن بعد حديثه الغريب عن كأس العالم 2018. وقال ديشامب: «لم أشاهد مثل هذه النسخة من كأس العالم بسبب وجود تكافؤ على أعلى المستويات. الفرق الصغيرة... وصلت المسابقة بعد استعداد رائع». وأضاف: «لا أعلم إن كانت هذه نسخة جميلة من كأس العالم، ولقد شهدت بعض السيناريوهات المجنونة».
ويأتي الجمال وفقا لوجهة نظر كل شخص لكن البطولة قدمت ما يكفي على مدار الشهر للتأكيد على أن «اللعبة الجميلة» ليست مجرد عبارة مكررة في عالم كرة القدم. وبكل تأكيد ستكون هناك تحديات قبل إقامة كأس العالم 2022. لكن مع ظهور مواهب جديدة قادرة على مواجهة القوى التقليدية، حيث إن ألمانيا حاملة اللقب سابقا احتلت المركز الأخير في مجموعتها، واستخدام نظام حكم الفيديو المساعد للتصدي لمحاولات الخداع فإن ذلك يشير إلى مستقبل واعد للبطولة وللرياضة.


مقالات ذات صلة

غراهام أرنولد يستقيل من تدريب أستراليا

رياضة عالمية جاءت استقالة أرنولد بعد خسارة مفاجئة على أرضه أمام البحرين 0-1 (أ.ف.ب)

غراهام أرنولد يستقيل من تدريب أستراليا

ترك غراهام أرنولد منصبه كمدرب لمنتخب أستراليا لكرة القدم بعد بداية ضعيفة في الدور الثالث من التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026.

«الشرق الأوسط» (ملبورن)
رياضة عربية جماهير منتخب فلسطين (تصوير: سعد العنزي)

فلسطين والكويت تتفقان على اللعب في الدوحة بعد نقل المباراة من رام الله

تلقى الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم رسالة من الاتحاد الكويتي تفيد باعتذار الأخير عن لعب مباراة المنتخبين المقبلة لحساب تصفيات كأس العالم على أرض فلسطين.

«الشرق الأوسط» (القدس)
رياضة عالمية سكيلاتشي خلال مواجهة الأرجنتين في كأس العالم 1990 (أ.ب)

وفاة الإيطالي سكيلاتشي هداف كأس العالم 1990

توفي المهاجم السابق سالفاتوري «توتو» سكيلاتشي، هدّاف كأس العالم 1990، الأربعاء، عن عمر يناهز 59 عاماً بعد صراع طويل مع المرض، وفقاً لما أفاد الاتحاد الإيطالي.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عربية الجماهير اشتكت التنظيم السيء في مباراة الكويت والعراق الأخيرة (أ.ف.ب)

استقالة جماعية لاتحاد الكرة الكويتي بسبب أحداث ملعب «جابر»

أعلن مجلس إدارة الاتحاد الكويتي لكرة القدم يوم السبت الاستقالة الجماعية وذلك بسبب أحداث الفوضى التي شهدتها مباراة الكويت والعراق في استاد جابر.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
رياضة عالمية غراهام أرنولد مدرب منتخب أستراليا (رويترز)

«تصفيات كأس العالم»: رئيس الاتحاد الأسترالي يدعم غراهام رغم النتائج السيئة

أبدى جيمس جونسون رئيس الاتحاد الأسترالي لكرة القدم دعمه لمدرب المنتخب الأول غراهام أرنولد، وقال إن الاتحاد لا يشعر بأي ذعر بعد الأداء الضعيف للفريق في التصفيات.

«الشرق الأوسط» (ملبورن)

«بوندسليغا»: ليفركوزن وشتوتغارت يستعيدان نغمة الفوز

رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
TT

«بوندسليغا»: ليفركوزن وشتوتغارت يستعيدان نغمة الفوز

رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)

استعاد باير ليفركوزن حامل اللقب نغمة الانتصارات بفوزه الكاسح على مضيفه هوفنهايم 4 - 1، السبت، ضمن المرحلة الثالثة للدوري الألماني لكرة القدم.

وكان «فيركسليف» تعرّض لخسارته الأولى هذا الموسم على يد لايبزيغ في المرحلة الثانية 2 - 3، وهي الأولى أيضاً في الدوري منذ 463 يوماً، وتحديداً منذ سقوطه أمام بوخوم 0 - 3 في مايو (أيار) 2023.

وسجّل لليفركوزن الفرنسي مارتين تيرييه (17) والنيجيري فيكتور بونيفاس (30 و75) وتيمو فيرتس (71 من ركلة جزاء)، فيما سجّل لهوفنهايم ميرغيم بيريشا (37).

ورفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس، فيما تجمّد رصيد هوفنهايم عند 3 نقاط في المركز الـ12.

وحصد شتوتغارت وصيف البطل الموسم الماضي فوزه الأول هذا الموسم بعد انطلاقة متعثرة بتخطيه مضيفه بوروسيا مونشنغلادباخ 3 - 1.

وسجّل لشتوتغارت دينيز أونداف (21) والبوسني إرميدين ديميروفيتش (58 و61)، في حين سجّل لمونشنغلادباخ الفرنسي الحسن بليا (27).

واستهل شتوتغارت الموسم بشكل سيئ، فخسر مباراته الأولى أمام فرايبورغ 1 - 3، ثمّ تعادل أمام ماينتس 3 - 3.

وفشل لايبزيغ في تحقيق فوزه الثالث من 3 مباريات بعد أن اكتفى بالتعادل أمام أونيون برلين من دون أهداف.

وكانت الفرصة سانحة أمام لايبزيغ لاعتلاء الصدارة بالعلامة الكاملة، لكنه فشل في هزّ شباك فريق العاصمة.

وفي النتائج الأخرى، فاز فرايبورغ على بوخوم 2 - 1.

ويدين فرايبورغ بفوزه إلى النمساوي تشوكوبويكي أدامو (58 و61)، بعدما كان الهولندي ميرون بوادو منح بوخوم التقدم (45).

ورفع فرايبورغ رصيده إلى 6 نقاط من 3 مباريات، فيما بقي بوخوم من دون أي فوز وأي نقطة في المركز الأخير.

كما تغلب أينتراخت فرانكفورت على مضيفه فولفسبورغ 2 - 1.

وتألق المصري عمر مرموش بتسجيله هدفي الفوز لفرانكفورت (30 و82 من ركلة جزاء)، في حين سجّل ريدل باكو هدف فولفسبورغ الوحيد (76).

ويلتقي بايرن ميونيخ مع مضيفه هولشتاين كيل الصاعد حديثاً في وقت لاحق، حيث يسعى العملاق البافاري إلى مواصلة انطلاقته القوية وتحقيق فوزه الثالث بالعلامة الكاملة.

وتُستكمل المرحلة، الأحد، فيلتقي أوغسبورغ مع ضيفه سانت باولي، فيما يلعب ماينتس مع فيردر بريمن.