الجزائر: الميزابيون يحتجون في الشوارع بسبب استمرار المواجهات الدامية مع الشعانبة

المتظاهرون يذكرون سلال بوعوده حول استعادة الأمن

الجزائر: الميزابيون يحتجون في الشوارع بسبب استمرار المواجهات الدامية مع الشعانبة
TT

الجزائر: الميزابيون يحتجون في الشوارع بسبب استمرار المواجهات الدامية مع الشعانبة

الجزائر: الميزابيون يحتجون في الشوارع بسبب استمرار المواجهات الدامية مع الشعانبة

خرج العشرات من أتباع المذهب الإباضي أمس بالجزائر العاصمة، وفي مدينتهم الأصلية غرداية (600 كلم جنوب العاصمة)، للاحتجاج على تردي الأوضاع الأمنية بغرداية، التي تعيش منذ عام تقريبا على وقع مواجهات عنيفة بين الإباضيين الميزابيين الناطقين بالأمازيغية، والمالكيين الشعانبة المتحدثين بالعربية. ونظم ميزابيو العاصمة مظاهرة أمام «دار الصحافة» بالعاصمة، مرتدين لباسهم التقليدي الأبيض وحاملين لافتات كتب عليها: «نحن مسلمون إباضيون أمازيغيون ميزابيون جزائريون، نريدها أن تكتب في الدستور»، في إشارة إلى المشاورات التي تجريها السلطات مع الطبقة السياسية حاليا، بخصوص تعديل الدستور.
يشار إلى أن قطاعا من سكان منطقة القبائل (شرق)، يطالبون بإدراج الأمازيغية لغة رسمية في الدستور، بعد الاعتراف بها لغة وطنية مثل العربية في تعديل للدستور أجراه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2002.
وطالب المتظاهرون رئيس الوزراء عبد المالك سلال، بالوفاء بوعده بشأن فرض الأمن بولاية غرداية. وزار سلال الولاية عدة مرات في الأشهر الماضية، وتعهد بـ«تطبيق قوانين الجمهورية بكل صرامة لحماية الأرواح والممتلكات، وستواصل مصالح الأمن مهامها بجدية لبسط الطمأنينة والأمن في غرداية».
وهاجم سلال أشخاصا متورطين في أحداث عنف دون تسميتهم، فقال: «البعض حاول إحداث فتنة، لكنهم لم ينجحوا بفضل وقوف أهل غرداية ووقوف الدولة الجزائرية (ضدهم)، التي لا تقبل التلاعب بمصير الوطن الواحد».
وقال خذير باباز مسؤول «خلية متابعة أحداث غرداية»، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن الميزابيين «يعتزمون توسيع رقعة الاحتجاج إلى كل ولايات البلاد الـ48، حتى يعلم كل الجزائريين أننا نتعرض للتقتيل في صمت، وحتى نضع الحكومة أمام مسؤولياتها». وتساءل: «أيعقل أن تعجز الدولة بأجهزتها الأمنية، عن التعرف على الأشخاص الذين يعتدون علينا في العلن وأمام أعين قوات الأمن؟».
والتقى وفد من أعيان المذهب الإباضي أمس، بوالي غرداية بعد تنظيم مظاهرة في المدينة، حيث سلموه عريضة تتضمن مطالب؛ أبرزها حماية بيوتهم وتجارتهم من «اعتداءات الشعانبة».
وتجددت المواجهات الأسبوع الماضي بين الطائفتين بمناسبة مباراة لكرة القدم فاز بها منتخب الجزائر في إطار مونديال البرازيل. وقتل ميزابي في الرابعة والعشرين من عمره قبل يومين من قبل مجهولين يجري البحث عنهم من طرف الأمن، لكن أصابع الاتهام توجه لـ«الشعانبة العرب» كما يسميهم الميزابيون. واللافت أن أعيان الشعانبة لم يصدر عنهم أي رد فعل حيال هذه الاتهامات.
ولم تتدخل قوات الأمن لمنع المظاهرة التي جرت بالعاصمة، مع أن السلطات رفضت باستمرار خروج أحزاب المعارضة إلى الشارع للتعبير عن مواقف سياسية، بحجة «الحفاظ على الأمن العام». وانصرف الميزابيون في هدوء بعد نحو ثلاث ساعات من الاحتجاج. وأكثر ما يعرف عن هذه الطائفة، التي لها امتدادات في سلطنة عمان، الهدوء والرزانة. وغالبية من ينتسبون إليها يعدون تجارا مهرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».