برلمان مصر والحكومة: كثير من الثقة وقليل من الخلاف

TT

برلمان مصر والحكومة: كثير من الثقة وقليل من الخلاف

لا يسجل تاريخ العلاقة بين البرلمان المصري بتشكيله الحالي، والذي بدأ عمله عام 2016 والحكومة وقائع خلاف لافتة، إذ لم يرفض منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء السابق شريف إسماعيل، ولا التعديلات التي أجريت على تشكيلها، وكذلك فإن أعضاء «النواب» لم يسحبوها، أو حتى تمكنوا من تنفيذ استجواب واحد بحق رئيس الوزراء.
صحيح أن الأغلبية البرلمانية في مجلس النواب يسيطر عليها ائتلاف «دعم مصر»، صاحب الموقف المؤيد بقوة لسياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي يكلف بدوره الحكومات المختلفة، غير أنه وبالنسبة للنواب المعارضين فإن مضبطة المجلس لم تسجل لأحدهم إعمال أداة رقابية مهمة، يمثل الاستجواب قمتها بما يمنحها من سلطات لأعضاء البرلمان، تصل إلى سحب الثقة من الحكومة نفسها ككل.
وخلال العامين الماضيين تقدم رئيس الوزراء الأسبق بعرض بيان الحكومة للمرة الأولى أمام المجلس بعد تشكيله ونال الثقة، كما أجرى ثلاثة تعديلات مختلفة، تضمنت تغيير بعض الوزراء ودمج وزارات، وكان قرار البرلمان هو أيضاً منح الثقة.
وينظم الدستور المصري مسألة الحصول على موافقة مجلس النواب اللازمة لعمل الحكومة، إذ تنص المادة 146 منه على أن «يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء بتشكيل الحكومة، وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء المجلس خلال 30 يوماً على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب، أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، وإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً، عُدّ المجلس منحلاً».
ومع ذلك فإن اللائحة الداخلية المنظمة لمجلس «النواب» تمنح العضو الحق في تقديم الاستجواب إلى «رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم لمحاسبتهم في أي شأن من الشؤون التي تدخل في اختصاصاتهم».
ويمثل الاستجواب قمة الأدوات الرقابية الممنوحة لأعضاء البرلمان، إذ إنه وبحسب لائحة البرلمان له «الأسبقية على سائر المواد المدرجة بجدول الأعمال بعد طلبات الإحاطة والأسئلة... ولكل عضو أن يطلب ممن وجه إليه الاستجواب أي بيانات لازمة لاستجلاء حقيقة الأمر بالنسبة لموضوع الاستجواب... وتكون الأولوية للاقتراح بسحب الثقة متى قدم من عُشر عدد الأعضاء على الأقل».
وخلال ثلاثة أدوار انعقاد للبرلمان، لم يتم مناقشة طلب استجواب واحد لرئيس الوزراء، رغم أن نائباً واحداً هو محمد بدراوي تمكن من استيفاء الشروط الدقيقة لتقديم الاستجواب، في يناير (كانون الثاني) 2017 وحصل على موافقة بإدراج الاستجواب في دور الانعقاد الثاني لسحب الثقة من رئيس الوزراء الأسبق شريف إسماعيل، بسبب «خطورة الموقف الاقتصادي، وما يترتب عليه من آثار تتمثل في ارتفاع معدلات ونسب التضخم، وكافة أسعار السلع الأساسية والأدوية»، وكان ذلك في أعقاب قرارات تحرير سعر صرف العملة المحلية.
يقول بدراوي، الذي يرأس الكتلة البرلمانية لحزب «الحركة الوطنية المصرية»، لـ«الشرق الأوسط» إن الاستجواب الذي تقدم به «لم ير النور رغم تفويضي لرئيس مجلس النواب عبد العال في تحديد موعده».
ويضيف بدراوي موضحا «تقدمت بأكثر من طلب استعجال للبدء في تنفيذ الاستجواب، خلال ستين يوماً، بحسب لائحة البرلمان، لكنني لم أتلق رداً، وحدثت مواءمة سياسية لم يتم على أثرها تحديد الموعد من قبل هيئة مكتب البرلمان المسؤولة عن الأمر». وشرح أنه وبحكم اللائحة الداخلية للبرلمان، فإن «الاستجواب يسقط بانتهاء دور الانعقاد الذي تم تقديمه فيه، وهو ما حدث بالفعل مع استجوابي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».