«أيّا لبنان بدّك؟» يوثّق الأزمات ويقترح حلولها بالصور

يقدمها بتقنية «باور بوينت الورق}

مرسال ألبار كيروز خلال توقيعه الكتاب في بيروت
مرسال ألبار كيروز خلال توقيعه الكتاب في بيروت
TT

«أيّا لبنان بدّك؟» يوثّق الأزمات ويقترح حلولها بالصور

مرسال ألبار كيروز خلال توقيعه الكتاب في بيروت
مرسال ألبار كيروز خلال توقيعه الكتاب في بيروت

الخروج من الاعتراض على الأزمات اللبنانية المستمرة، لا يمكن أن يتحقق، في نظر الكاتب مرسال ألبار كيروز، إلا بالشروع في تنفيذ المبادرات.
بهذا المعنى، يقدم كيروز، من خلفيته كرجل أعمال، في كتاب أطلقه وحمل عنوان «أيّا لبنان بدّك؟» صيغة جديدة لإنقاذ الجمود الذي يحكم الوضع الاقتصادي اللبناني الهش.
ولأن المعوقات متعددة، وبعضها غير معروف، وغير موثَّق، ارتأى كيروز أن يجمعها في كتاب من الحجم المتوسط، معزَّزاً بالصور الملونة، وبالعبارات المختصرة. تتضافر الصورة مع الشعار لإيضاح الحالة، في مبادرة أدبية – اقتصادية، هي الأولى التي تعتمد الصورة التعبيرية سبيلاً لشرح المعوقات وأسبابها، ومبادرات الحل.
والكتاب، أشبه بعرض «باور بوينت» ورقي، يتضمن شروحات على مراحل، رغم أن الصور هي الأكثر حضوراً.
«أيّا تجارة بدّك؟» عبارة تتصدر صورتين تمثلان خيارين: الاستثمار والافتتاح. «أيّا مرفأ بدك؟»، تتصدر خيارين أيضاً هما البضائع «المهربة» و«المجمركة». وتتسع الدائرة إلى الشؤون السياسية والأزمات الوطنية. «أيّا سلاح بدّك؟» ليخيِّر القارئ بين سلاح الجيش اللبناني وسلاح «حزب الله»، ومنها «أيّا خريطة بدك؟»، الخريطة اللبنانية أم خريطة محتملة للنفوذ الإيراني في المنطقة وتوق طهران للوصول إلى البحر المتوسط عبر لبنان؟ وهي محاولات يضيء عليها الكاتب بالتأكيد وعلى مساعي طهران لتغيير هوية لبنان من ثقافة الاختلاف إلى ثقافة المختلف، وتتضمن تمويل مدارس بثقافات مختلفة، وتمويل أحزاب بإمدادات الصواريخ والأسلحة، وإمدادات مالية للحياة اليومية يتم فيها شراء العقول والقرار الحر، ومعارك تمتد خارج الحدود، فضلاً عن قيام ارتباط إنساني وثقافي على امتداد دول لا علاقة له بهوية لبنان.
في الواقع، يفنّد كيروز في كتابه أزمات النظام اللبناني، واقترح فيه استراتيجية حلّ للأزمات، تقوم على إعادة مناقشة وتحديد المبادئ والمصالح الوطنية، بهدف تثبيت الاستقرار والنهوض بالاقتصاد اللبناني.
ويأتي الكتاب على خلفية القرارات التي يتخذها أفراد الشعب اللبناني، ويرى كيروز أنها لم تعد منسجمة مع ما يعتقدون، بالنظر إلى أنهم «يتصرفون بما يتعارض مع هويتهم ومعتقداتهم التاريخية ومبادئهم وحتى مصلحتهم». وإذ يتوقف عند «إلهاء الناس بموضوعات لا تهمهم» مثل اختلاف الرؤساء، أو الحديث عن الثلثين والنصف زائداً واحداً في المنعطفات اللبنانية، والخلافات على الوزارات والمهاترات، يتوقف الكاتب في الكتاب على أنه يتم شراء ولاء الناس بتقديم الخدمات الأساسية مثل: الخدمات الطبية، وسياسة التوظيف والتعيينات، ورخص المخالفات السكنية وتعبيد الطرقات وغيرها من الخدمات... ويحدد الكاتب المشكلات، وأبرزها إضعاف الدولة. ومنها ينطلق إلى تحديد المصلحة الوطنية وطرح استراتيجية للحلول.
وبعد تحذيره من أن لبنان في خطر الزوال، يقسم الكتاب إلى أربعة أقسام: «تحديد الرؤية»، و«تحديد المشكلات»، و«اقتراح الحل»، وأخيراً «استراتيجية الحل» التي تقوم على تحديد الموضوعات الأساسية ودعم البرامج الحالية، وإطلاق المبادرات وكيفية تطبيقها. ويرى أن المقاربة تعد تغييراً درامياً في المنظور الفكري للكثير من اللبنانيين، داعياً، في حال كان الهدف تحسين الوضع، إلى «العمل على تنفيذ الأشياء التي تقع تحت نطاق سيطرتنا»، من غير استدعاء الماضي بسبب العجز عن التحكم في العواقب التي نتجت عنه.
ويؤكد كيروز أن هذه المبادرة «هي محاولة متواضعة للتذكير بمنطق الدولة والقانون وأهمية الأمن والعدالة»، لافتاً إلى أنها «تذكير بالهوية، والشخصية اللبنانية، والتذكير بخطورة تراجع المبادئ والقيم، وخطورة الاستزلام وإضعاف المواطن وسرقة طموحاته وأفكاره عن طريق شراء ولائه بحاجاته اليومية».
وقال إن استراتيجية الحلول التي وضعها في الفصل الثاني من الكتاب لتقوية المواطن والدخول إلى الوطن من جديد «هي مسؤولية كل شخص من موقعه، خصوصاً المؤثرين في مجتمعاتهم ومهنهم»، مشيراً إلى أن «كثيرين بدأوا بالعمل قبلنا ويجب أن ندعمهم كلٌّ حسب إمكانياته ومجالاته». وقال إن الكتاب بداية لمشاريع ومبادرات لتقوية المواطن اللبناني.



عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

في حالة استثنائية تجسد عمق الالتزام والإرث الدبلوماسي، حملت أسرة بن زقر التجارية العريقة في مدينة جدة (غرب السعودية) شرف التمثيل القنصلي الفخري لجمهورية فنلندا عبر 3 أجيال متعاقبة، في مسيرة دبلوماسية وتجارية متواصلة امتدت لأكثر من 7 عقود.

بدأت القصة كما يرويها الحفيد سعيد بن زقر، في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما علم الجد سعيد بن زقر، بوجود جالية مسلمة في فنلندا تعاني من غياب مسجد يجمعهم، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالسفر إلى هناك لبناء مسجد يخدم احتياجاتهم الدينية.

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

لكن الشيخ سعيد واجه بعض التحديات كما يقول الحفيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تتمثل في منع القانون الفنلندي تنفيذ المشروع في ذلك الوقت، وأضاف: «بعد تعثر بناء المسجد، تقدمت الجالية المسلمة هناك بطلب رسمي إلى الحكومة الفنلندية لتعيين الجد سعيد قنصلاً فخرياً يمثلهم، وهو ما تحقق لاحقاً بعد موافقة الحكومة السعودية على ذلك».

وفي وثيقة مؤرخة في السابع من شهر سبتمبر (أيلول) 1950، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تظهر موافقة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، على تعيين الشيخ سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة.

وجاء في الوثيقة: «فلما كان حضرة صاحب الفخامة رئيس جمهورية فنلندا، قد عيّن بتفويض منه السيد سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة، ولما كنا قد وافقنا على تعيينه بموجب ذلك التفويض، فأننا نبلغكم بإرادتنا هذه أن تتلقوا السيد سعيد بن زقر بالقبول والكرامة وتمكنوه من القيام بأعماله وتخوّلوه الحقوق المعتادة وتمنحوه المميزات المتعلقة بوظيفته».

وثيقة تعيين الجد سعيد بن زقر صادرة في عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه (الشرق الأوسط)

وأضاف الحفيد سعيد، القنصل الفخري الحالي لفنلندا: «أعتقد أن جدي كان من أوائل القناصل الفخريين في جدة، حيث استمر في أداء مهامه حتى عام 1984، لينتقل المنصب بعد ذلك إلى والدي، الذي شغله حتى عام 2014، قبل أن يتم تعييني خلفاً له قنصلاً فخرياً».

وفي إجابته عن سؤال حول آلية تعيين القنصل الفخري، وما إذا كانت العملية تُعد إرثاً عائلياً، أوضح بن زقر قائلاً: «عملية التعيين تخضع لإجراءات دقيقة ومتعددة، وغالباً ما تكون معقدة، يبدأ الأمر بمقابلة سفير الدولة المعنية، يعقبها زيارة للدولة نفسها وإجراء عدد من المقابلات، قبل أن تقرر وزارة الخارجية في ذلك البلد منح الموافقة النهائية».

الأب محمد بن زقر عُين قنصلاً فخرياً على مستوى مناطق المملكة باستثناء الرياض مقر السفارة (الشرق الأوسط)

وتابع قائلاً: «منصب القنصل الفخري هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، حيث تلجأ بعض الدول إلى تعيين قناصل فخريين بدلاً من افتتاح قنصلية رسمية، لتجنب الأعباء المالية، وعادةً ما يتحمل القنصل الفخري كل التكاليف المترتبة على أداء مهامه».

ووفقاً للأعراف الدبلوماسية فإن لقب القنصل الفخري، هو شخص من مواطني الدولة الموفد إليها، بحيث تكلفه الدولة الموفِدة التي لا توجد لديها تمثيل دبلوماسي بوظائف قنصلية إضافة إلى عمله الاعتيادي الذي عادة ما يكون متصلاً بالتجارة والاقتصاد.

يسعى الحفيد سعيد بن زقر إلى مواصلة إرث عائلته العريق في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية وفنلندا، والارتقاء بها إلى مستويات متقدمة في شتى المجالات. يقول بن زقر: «منذ تعييني في عام 2014، حرصت على تأسيس شركات وإيجاد فرص استثمارية في فنلندا، خصوصاً في مجالات تكنولوجيا الغذاء والوصفات الصناعية، إذ تتميز فنلندا بعقول هندسية من الطراز الأول، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة للتعاون والابتكار».

الحفيد سعيد بن زقر القنصل الفخري الحالي لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

ويرى القنصل الفخري لجمهورية فنلندا أن هناك انفتاحاً سعودياً ملحوظاً على دول شمال أوروبا، ومن بينها فنلندا، وأوضح قائلاً: «تتركز الجهود بشكل كبير على شركات التعدين الفنلندية التي تُعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، إلى جانب وجود فرص واعدة لم تُستغل بعدُ في مجالات صناعة السيارات، والطائرات، والصناعات الدفاعية».

وفي ختام حديثه، أشار سعيد بن زقر إلى أن القنصل الفخري لا يتمتع بجواز دبلوماسي أو حصانة دبلوماسية، وإنما تُمنح له بطاقة تحمل مسمى «قنصل فخري» صادرة عن وزارة الخارجية، وبيّن أن هذه البطاقة تهدف إلى تسهيل أداء مهامه بما يتوافق مع لوائح وزارة الخارجية والأنظمة المعتمدة للقناصل الفخريين بشكل رسمي.