النجيفي يفك العقدة السنية في الرئاسات الثلاث ويضع التحالف الوطني في الزاوية الحرجة

المالكي يتراجع عن قراره ويصر على البقاء في منصبه لإحراج البيت الشيعي

النجيفي يفك العقدة السنية في الرئاسات الثلاث ويضع التحالف الوطني في الزاوية الحرجة
TT

النجيفي يفك العقدة السنية في الرئاسات الثلاث ويضع التحالف الوطني في الزاوية الحرجة

النجيفي يفك العقدة السنية في الرئاسات الثلاث ويضع التحالف الوطني في الزاوية الحرجة

فاجأ رئيس البرلمان العراقي السابق وزعيم متحدون أسامة النجيفي الرأي العام العراقي والكتل السياسية وذلك بإعلانه سحب ترشيحه من منصب رئاسة البرلمان بوصفه استحقاقأ للعرب السنة ضمن سياق المحاصصة العرقية والمذهبية المعمول بها في العراق بعد عام 2003. وقال النجيفي في كلمة تلفزيونية بثت مساء أول من أمس إنه «تقديرا منا لما ابداه الشركاء السياسيين لانقاذ العملية السياسية مما يحيق بها من مخاطر قد تؤدي إلى نهاية مؤسفة لها، قررت سحب ترشحي لرئاسة البرلمان «، موكدا أن «القرار جاء لمحق اعذار وحجج اللاهاثين وراء الكراسي والمناصب».
وأضاف النجيفي أن «الوفاء للشعب العراقي ولمطالب المحافظات المنتفضة جعلنا نصر على عدم الاشتراك في حكومة يراسها السيد المالكي، لهذا طالبانا بالتغيير نحن وأطراف مهمة في التحالفين الوطني والكردستاني». وأكد أن «المالكي ادرك انه لامناص من ترشيح رئيس وزراء جديد ولهذا ربط خروجه من رئاسة الوزراء بسحبي ترشحي لرئاسة البرلمان» مشيرأ إلى أنه «على الرغم من غرابة الطلب وخروجه على المنطق، إلا أن تقديري للاخوة في التحالف الوطني الذي يرى ان المالكي يصر على دورة ثالثة في حال بقائي في رئاسة البرلمان» هو من دفعه إلى ذلك مؤكدأ أن «تغيير المنهج الخاطىء في العراق الذي ادى إلى الكثير من الازمات أصبح قريبا».
لكن المالكي وبعد ساعات من إعلان النجيفي سحب ترشيحه أعلن تمسكه بترشحه لمنصب رئاسة الوزراء لدورة ثالثة. وقال في بيان له نشر أمس «إنني لم ولن أخذل الشعب الذي انتخبني والاستحقاق الانتخابي حق المواطن العراقي الذي قرر فيه من يريد». وفيما اعتبر تحالف القوى الوطنية الذي ينتمي إليه النجيفي قرار الأخير بإنه تعبير عن الإيثار والتضحية فقد حاول نواب وقياديون من دولة القانون مثل حنان الفتلاوي وعلي الشلاه الاستخفاف بقرار النجيفي رافضين سحب ترشيحه في مقابل عدم منح المالكي ولاية ثالثة.
عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية طلال الزوبعي أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار النجيفي إنما جاء انسجامأ مع الحاجة التي باتت ملحة في أن تكون للعراق خارطة طريق جديدة وحكومة قوية ومشروع وطني يلتزم بوحدة العراق وهو ما بات يتطلب وجوها جديدة فضلأ عن المناهج». وأضاف أنه «ومن منطلق الشجاعة ونزولا عند رغبة الشركاء السياسيين فقد سحب النجيفي ترشيحه لهذا المنصب لأن المسألة باتت هي كيفية الخروج من المأزق الحالي وليس التمسك بالمناصب». وردأ على سؤال بشأن ما إذا كانت هذه الخطوة يمكن أن تحفز التحالف الوطني على اختيار بديل للمالكي قال الزوبعي إن «المشكلة أن التحالف الوطني ومع إصرار المالكي على ترشيح نفسه يبدو عاجزأ عن اتخذا قرار بها الشان وهو الآن بالتأكيد في موقف صعب بينما الكتلة السنية حسمت أمرها على صعيد إرادة التغيير».
وحول أبرز المرشحين لخلافة النجيفي في منصب رئاسة البرلمان قال الزوبعي إنه «في الوقت الذي يوجد شبه إجماع على تولي الدكتور سليم الجبوري هذا المنصب فإن من بين الأسماء المطروحة أيضا الدكتور ظافر العاني لكن لايوجد خلاف أبدأ حيث بإمكاننا تقديم مرشحنا فورأ «.
من جانبه كشف القيادي في التيار الصدري أمير الكناني في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» إن «إيران دخلت على خط الأزمة الراهنة لا سيما بعد أحداث الموصل وطلبت من قوى التحالف الوطني حسم قضية الموصل وتداعياتها ومن ثم التفكير برئاسة الوزراء ومن يمكن أن يكون مرشحأ» مشيرأ إلى أن «طهران نجحت في تحييد المجلس الأعلى الإسلامي في هذا الشأن ولم يعد من ينادي بقوة في البحث عن بديل للمالكي سوى كتلة الأحرار». وردأ على سؤال بشأن سحب النجيفي ترشيحه لرئاسة البرلمان وما إذا سوف تشكل حافزأ للتحالف الوطني قال الكناني إن «ما أقدم عليه النجيفي خطوة متقدمة حيث إن الإصرار السابق على ان يقدم التحالف الوطني على تغيير مرشحه بدا وكإنه استهداف للتحالف الوطني وإضعاف دوره لا سيما هناك من بات يربط ما يجري الآن بسيناريو 2006 عندما تم استبدال الجعفري عن طريق فيتو وضعه الأكراد وهو ما لايراد له أن يتكرر لكن إقدام النجيفي على سحب الترشيح أعطى رسالة بضرورة أن تتشكل الحكومة بوجوه جديدة وهي منسجمة حتى مع دعوات المرجعية والتي تم الاستجابة لها من قوى غير شيعية وهو بالتأكيد إحراج للبيت الشيعي».
وأوضح الكناني إن «الاجتماعات داخل التحالف الوطني توقفت ولم يعد الجعفري يدعو كتل التحالف إلى الاجتماع كما أن رفع جلسة البرلمان وأبقائها شبه مفتوحة أدى إلى نوع من الاسترخاء وهذه كلها تصب في مصلحة المالكي لا سيما إذا عرفنا أن أزمة تشكيل الحكومة سوف تستمر طويلأ».



«هدنة غزة»: الوسطاء لـ«تقليص الفجوات» وسط «تفاؤل» أميركي

آثار القصف الإسرائيلي على المنازل في جنوب غزة (رويترز)
آثار القصف الإسرائيلي على المنازل في جنوب غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: الوسطاء لـ«تقليص الفجوات» وسط «تفاؤل» أميركي

آثار القصف الإسرائيلي على المنازل في جنوب غزة (رويترز)
آثار القصف الإسرائيلي على المنازل في جنوب غزة (رويترز)

جهود مكثفة للوسطاء تسابق الزمن لإبرام هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، وسط تسريبات إعلامية للمفاوضات التي تفرض عليها سرية كبيرة، تشير لوجود «فجوات»، وأخرى تتحدث عن «تقدم» بمسار المحادثات الذي يشهد زخماً، منذ إعلان فوز دونالد ترمب برئاسة الولايات المتحدة، الشهر الماضي، بعد أسابيع من الجمود.

تحركات الوسطاء تأتي وسط «تفاؤل» أميركي رسمي بإمكانية حدوث اتفاق، وتأكيد القاهرة أن استمرار الحرب الإسرائيلية يعد تحدياً لقرارات الشرعية الدولية. وإزاء تلك المشاهد يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن الصفقة باتت وشيكة حال نجحت جهود «تقليص الفجوات»، وقدم طرفا الحرب «تنازلات حقيقية» في ظل ضغط الوقت الذي حدده ترمب بتنفيذ الهدنة قبل 20 يناير (كانون الثاني)، موعد وصوله للسلطة.

وبحسب مصدر فلسطيني تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن المحادثات تنصبّ على حالياً على «سد الفجوات التي تقوم إسرائيل بفتحها»، خاصة المتعلقة بعدد الرهائن، وإبعاد عدد من الأسرى الفلسطينيين أصحاب الأحكام الكبيرة خارج فلسطين، وطلب الحصول على قائمة بأسماء الرهائن الأحياء، وهناك تحفظات من «حماس» موجودة على الطاولة، متوقعاً إمكانية التوصل لتفاهمات تقرب وجهات النظر على أن يكون هناك اتفاق الأسبوع المقبل حال حدث ذلك.

فيما نقلت «رويترز»، الخميس، عن مصادر مطلعة قولهم إن وسطاء أميركيين وعرباً يكثفون جهودهم على مدار الساعة للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، لافتين إلى أن «الوسطاء تمكنوا من تضييق بعض الفجوات بشأن النقاط العالقة، لكن بعض الاختلافات الأخرى لا تزال قائمة».

فلسطينيون يتفقدون موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل جنوب غزة (رويترز)

ودارت مناقشات، الثلاثاء الماضي، حول أعداد وفئات أولئك الذين سيتم إطلاق سراحهم، لكن الأمور لم تحسم بعد، فيما برزت من بين نقاط الخلاف طلب إسرائيل الاحتفاظ بالحق في التعامل مع أي تهديد عسكري محتمل من غزة، وتمركز القوات الإسرائيلية خلال مراحل الاتفاق، وفق «رويترز».

وبحسب المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، فإن تلك المساعي والجهود من الوسطاء تعزز حالة من التفاؤل بإمكانية التوصل لاتفاق قريب، وتقليص الفجوات التي يثيرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لافتاً إلى أن الحديث الدائر عن الرهائن والأسرى يمكن تجاوزه والوصول لتفاهمات فيها وأي خلاف يؤجل لمرحلة ثانية، مع أي أهمية تقديم تنازلات حقيقية لا سيما من إسرائيل بهذه المرحلة.

جزء من هذا التفاؤل تعبر عنه وسائل إعلامية بإسرائيل، وفق الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور خالد سعيد، مشيراً إلى أن هناك حديثاً عن تحقيق تقدم جراء جهود الوسطاء الحالية، ووجود وفد إسرائيلي في قطر، وآخر سيتوجه إلى القاهرة، الخميس أو الجمعة، لاستكمال مسارات المحادثات.

وهناك مجموعة أخرى في إسرائيل، وفق سعيد، تروج إلى عدم وجود أجواء إيجابية، وأن القرار وحده في يد نتنياهو، وبالتالي غير متفائلة بإمكانية إبرام الاتفاق.

بينما لا يزال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، «متفائلاً» بإمكان التوصّل خلال الأيام المتبقية من ولاية الرئيس جو بايدن إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» رافضاً في مداخلة أمام «مجلس العلاقات الخارجية» في مركز الأبحاث المرموق في نيويورك، الأربعاء، الإدلاء بأي تكهّنات بشأن احتمالات نجاح هذه الجهود، بعدما مُنيت واشنطن بخيبات أمل متتالية في هذا المجال.

وكرّر بلينكن خلال كلمته ما سبق أن أدلى به، الأسبوع الماضي، خلال رحلته الثانية عشرة إلى الشرق الأوسط، حين قال إن «حماس» باتت أكثر جنوحاً إلى المفاوضات؛ بسبب الضربات المتتالية التي تلقّتها داعمتها إيران.

فيما شدد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في كلمة بقمة مجموعة الثماني بالقاهرة، الخميس، على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، مؤكداً أن استمرار الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني تمثل تحدياً لقرارات الشرعية الدولية.

وجاءت كلمة الرئيس المصري بنهاية أسبوع حاسم مليء بالمحادثات كان أبرزها حديث وسائل إعلام أميركية عن زيارة لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، الأربعاء إلى الدوحة؛ لبحث النقاط العالقة، حيث توجد حالياً فرق فنية لبحث الاتفاق.

ووفق مسؤول أميركي تحدث لموقع «أكسيوس»، الثلاثاء، فإن مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكجورك، موجود بالدوحة؛ للمشاركة في المحادثات التي تضم مسؤولين قطريين ومصريين وإسرائيليين، في حين قال مسؤولون إسرائيليون إن وفد بلادهم الذي وصل، الاثنين، ضم ممثلين عن جهازَي «الموساد»، و«الشاباك» والجيش الإسرائيلي.

وشهد الأسبوع الحالي أيضاً اتصالاً لافتاً بين بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الأحد، بشأن مفاوضات غزة، تلاه وصول مستشار ترمب لشؤون الرهائن، آدم بوهلر إلى إسرائيل، الاثنين. وسبقته زيارة رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك، رونين بار، للقاهرة، قبل نحو أسبوع لبحث اتفاق الهدنة، بالتزامن مع لقاء رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق، حسب «أكسيوس»، وتلاها وصول مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، إلى إسرائيل وقطر ومصر، والتشاور بشأن الصفقة، بهدف «سد الثغرات النهائية».

وبرأي الرقب، فإن هذه التحركات وجهود تقليص الفجوات، قد تمهدان لاتفاق قبل نهاية الأسبوع المقبل، حال نجحت في تقريب وجهات النظر، لافتاً إلى أن التفاؤل الأميركي منبعه ضغوط واشنطن المتواصلة والداعمة لتحركات القاهرة وقطر.

وبرأي سعيد، فإن نتنياهو من يملك إبرام الهدنة أو تعطيلها وزيادة الفجوات رغم مرونة «حماس»، وبالتالي فالاتفاق مهدد بأن يرجع لنقطة الصفر لو تمسك نتنياهو بشروطه، أو يمضي في اتجاه إيجابي لرغبة حليفه ترمب في إنهاء الصفقة قبل وصوله للبيت الأبيض في 20 يناير، كما صرح مؤخراً.