غارات كثيفة على درعا... وخروج مستشفيات من الخدمة

«يونيسيف» : الرعب لا يعرف حدوداً في سوريا

دخان يتصاعد من جراء غارات على ريف درعا أمس (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من جراء غارات على ريف درعا أمس (أ.ف.ب)
TT

غارات كثيفة على درعا... وخروج مستشفيات من الخدمة

دخان يتصاعد من جراء غارات على ريف درعا أمس (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من جراء غارات على ريف درعا أمس (أ.ف.ب)

خرجت 3 مستشفيات من الخدمة منذ منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء جراء القصف الجوي العنيف لقوات النظام على محافظة درعا في جنوب البلاد في إطار حملة عسكرية مستمرة منذ أكثر من أسبوع ضد الفصائل المعارضة في المنطقة.
وبدأت قوات النظام في 19 يونيو (حزيران) عملياتها العسكرية في محافظة درعا، انطلاقاً من ريفها الشرقي حيث حققت تقدماً ميدانياً تمكنت بموجبه من فصل مناطق سيطرة الفصائل في الريف الشرقي إلى جزأين، قبل أن توسّع نطاق عملياتها أول من أمس (الثلاثاء)، لتشمل مدينة درعا وريفها الغربي.
واستهدفت الطائرات الحربية السورية والروسية، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مدينة درعا وريفيها الشرقي والغربي طوال الليل واستمر القصف حتى أمس (الأربعاء)، بالبراميل المتفجرة والصواريخ.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية: «تسبب القصف الجوي منذ منتصف الليل في خروج 3 مستشفيات من الخدمة في ريف درعا الشرقي».
واستهدفت غارات روسية محيط مستشفيى بلدة الجيزة صباحاً وبلدة المسيفرة بعد منتصف الليل، ما أدى إلى إصابتهما بأضرار أخرجهما من الخدمة، وفق عبد الرحمن، الذي أوضح أن طائرات مجهولة قصفت مستشفى بلدة صيدا ليلاً ليتوقف أيضاً عن العمل.
وارتفع بذلك عدد المستشفيات التي خرجت من الخدمة في درعا منذ بدء التصعيد العسكري إلى خمسة، أحدها في بلدة بصرى الحرير التي سيطرت عليها قوات النظام ليل الاثنين، وفق المرصد.
وتُشكل سوريا «المكان الأسوأ في التاريخ الحديث في ما يتعلق بالاعتداءات على القطاع الصحي» وفق ما قالت الأمم المتحدة في مايو (أيار) الماضي، مشيرةً إلى أن المنشآت الطبية المستهدفة في الأشهر الأربعة الأولى فقط من عام 2018 أكثر مما شهده عام 2017 بالكامل.

وأدى القصف إلى المزيد من الضحايا، إذ وثّق المرصد مقتل «8 مدنيين بينهم 3 أطفال رضّع» جراء الغارات على ريف درعا الشرقي. وارتفعت بذلك حصيلة القتلى منذ التصعيد العسكري إلى 54 مدنياً.
وتكتسب المنطقة الجنوبية من سوريا التي تضم إلى درعا محافظتي القنيطرة والسويداء خصوصيتها من أهمية موقعها الجغرافي الحدودي مع إسرائيل والأردن، عدا عن قربها من دمشق.
وتسيطر الفصائل على 70% من درعا والقنيطرة، فيما تسيطر قوات النظام على محافظة السويداء المجاورة بشكل شبه كامل.
وبدأت قوات النظام أول من أمس (الثلاثاء)، هجوماً على الأحياء الخاضعة لسيطرة الفصائل في مدينة درعا القريبة من الحدود الأردنية.
وتدور اشتباكات عنيفة قرب قاعدة جوية في جنوب المدينة، تسعى قوات النظام للسيطرة عليها بهدف قطع الطريق بين مدينة درعا والحدود الأردنية، وبالتالي فصل مناطق سيطرة المعارضة في ريف درعا الغربي عن تلك الموجودة في ريفها الشرقي.
وفي الريف الشرقي، تتواصل الاشتباكات العنيفة أيضاً بعدما حققت قوات النظام تقدماً خلال الأيام الماضية تمكنت بموجبه من فصل مناطق سيطرة الفصائل إلى قسمين شمالي وجنوبي.
وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية عند أطراف مدينة درعا أمس (الأربعاء)، بسماع دويّ انفجارات طوال الليل من أحياء مدينة درعا وأخرى أقل وضوحاً ناتجة عن القصف في الريف الشرقي.
وقال أحمد أبازيد، ناشط إعلامي من بلدة الحراك لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم يغادر الطيران السوري والروسي والبراميل المتفجرة الأجواء منذ أكثر من 72 ساعة».
وأضاف الشاب الذي نزح إلى منطقة زراعية قريبة من بلدته: «توجه الناس إلى الخطوط الخلفية للقرى الجنوبية من محافظة درعا مثل الجيزة وصيدا، لكن النظام عاد واستهدف هذه المناطق أيضاً». وتابع: «الناس لا يعرفون إلى أين عليهم الذهاب، الطيران يلاحقهم أينما كانوا».
وتسبب التصعيد الأخير في حركة نزوح واسعة في درعا، وفق الأمم المتحدة التي أفادت بفرار 45 ألف شخص خلال أسبوع.
ويتوجه غالبية النازحين وفق الأمم المتحدة إلى المنطقة الحدودية مع الأردن، الذي أعلن عدم قدرته على استيعاب موجة لجوء جديدة. وأكد وزير خارجيته أيمن الصفدي، أول من أمس (الثلاثاء)، أن «حدودنا ستظل مغلقة ويمكن للأمم المتحدة تأمين السكان في بلدهم».
ويستقبل الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، فيما تقدّر عمّان عددهم بنحو 1,3 مليون.
وشددت منظمة العفو الدولية، الاثنين، على أنه «من واجب الأردن توفير الحماية للاجئين السوريين الفارين من الصراع والاضطهاد، والسماح لهم بدخول البلاد».
ودعا المجلس النرويجي للاجئين في بيان أول من أمس (الثلاثاء)، الأردن «لضمان أن يجد النازحون ملجأ عبر الحدود». وقال المدير الإقليمي للمنظمة بالوكالة يوري سعد الله، إن «القتال يدفع بالناس أكثر وأكثر نحو الجنوب. وفي النهاية لن يكون لديهم مكان آخر يذهبون إليه».
ويواجه النازحون وفق المنظمة نقصاً حاداً في الخبز والوقود في المناطق التي يلجأون إليها. كما «أن المباني العامة باتت مكتظة بالناس، ما يجبر البعض على النوم في العراء».
من جهتها، قالت منظّمة الأمم المتحّدة للطفولة (يونيسيف) في بيان، أمس (الأربعاء): «لا يعرف الرعب حداً في سوريا، حيث علَق الأطفال مرة أخرى». وأضافت: «يحتاج الأطفال والعائلات إلى الغذاء والنظافة والعلاج والحماية. وينبغي السماح لأولئك الذين يرغبون في الفرار بالوصول إلى الملاذ الآمن».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.