أتنفس حرية

قصتي مع الإعلام

أتنفس حرية
TT

أتنفس حرية

أتنفس حرية

من أكثر الأمور التي تأملتها خلال فترة اختطافي وحاولت فهمها أكثر هي الصحافة. كنت أسأل نفسي دائماً سؤالاً واحداً: هل هذا ما أريد؟ هل يجب أن تستمر في العمل صحافياً؟ ما الذي جنيته من هذه المهنة على مدى عقدين سوى ملاحقات ومضايفات وإبعاد؟ والآن في الخطف، على يد جماعة مسلحة لا ترحم...!
كنت في كل مرة أسأل فيها نفسي هذا السؤال، أجد في داخلي ما يؤكد لي أن الصحافة مهنة عظيمة.
ثمانية عشر شهراً في الأسْر جعلتني أؤمن أكثر بهذه المهمة التي أقوم بها. البحث عن الحقيقة، ونقلها إلى الناس هو عمل نبيل وهي مهمة عظمى. نحن الصحافيين نخدم أمتنا ومجتمعاتنا حينما نبحث عن الحقيقة وحينما نكشف فساد الفاسدين واستبداد الأنظمة. نقف في الصف الأول المعزز للديمقراطيات والحريات فحق للجميع الحصول على المعلومة.
كم هو عظيم وكبير عمل الصحافي لو تأملناه. مهمتنا ليست علاقات عامة ودعاية وترويج، فلهذا الأمر أهله، أما نحن فإننا نمثّل الناس ونمثّل الحقيقة لا الساسة ورجال المال.
ما سلبه مني الخاطفون كانت حريتي خلال تلك التجربة. أدركت حقاً ما معنى الحرية، وأن الجريمة الكبرى التي يرتكبها الإنسان في حق أخيه الإنسان هي سلبه حريته.
الإعلام لا يمكن له أن يحقق ما يريد ما لم تكن هناك حريات، والحريات لا يمكن أن تصل إليها المجتمعات دون الحقيقة.
وسط كل هذه المعاني والقناعات التي باتت تترسخ في نفسي مع كل يوم قضيته في الأسر كنت أجد نفسي قوياً بين كل هؤلاء الخاطفين، فلديّ هدف في الحياة: البحث عن الحقيقة ونقلها. أما مَن سلبوا مني حريتي فمثلهم مثل كل نظام أو كيان سلب صحافياً حريته ومنعه من قول الحقيقة أو الحصول على المعلومة.
فهما سواء، فممارسة المتسلطين وأعداء الحقيقة هي واحدة، سواء حملوا السلاح وعاشوا في الغابات أو كانت تحميهم مؤسسات وسكنوا المدن.
سلب الحرية بكل أشكاله جريمة، ولا تبرره مصطلحات المصالح الوطنية العليا والأمن القومي، فالمصلحة كل المصلحة في الحريات والسماح للحقيقة بالظهور. من قلب تلك الغابات في جزيرة سولو جنوبي الفلبين كانت قناعاتي تتبلور.
الإعلام بحاجة إلى حريات، والحريات هي طريقنا الوحيد لبناء مجتمعات أفضل.
الإعلام والحقيقة متلازمتان، وهما قلب معادلة التغيير، والصحافي هو من يصنع هذا التغيير إنْ هو أدرك عِظَم ما يقوم به.
وللحقيقة حكاية أخرى، فهي أيضاً تنمو وتتغير وتأخذ أشكالاً عدة. لم تزل قناعاتي تتغير وتتبدل على مدى عام ونصف العام، حتى تأكدت من أن الحقيقة لا يمكن أن يحتكرها شخص بعينه. وأما ما يكفل تعدد القناعات والحقائق حول الكثير من القضايا فهي الحرية، فالحرية تسمح بتعدد الحقائق والآراء.
أجمل لحظة عشتها تلك التي تأكدت فيها أنني إنسان حر... حر أملك قراري وحدي، في خياراتي اليومية وفي كل حركاتي وسكناتي. وتنفست الحرية عندها.

* صحافي أردني
مدير مكتب «عرب نيوز» في شرق آسيا


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.