«ماجد» و«باسم» و«بلبل» سافروا بالقراء الصغار إلى عالم الحكايات والخيال

مجلات الأطفال لمعت في التسعينات واختار بعضها مواكبة التطور التكنولوجي

حرصت مجلة «ماجد» على مواكبة التطور التقني بتحويل قصصها إلى فيديو على موقعها و«يوتيوب» منها قصص «أمونة المزيونة»
حرصت مجلة «ماجد» على مواكبة التطور التقني بتحويل قصصها إلى فيديو على موقعها و«يوتيوب» منها قصص «أمونة المزيونة»
TT

«ماجد» و«باسم» و«بلبل» سافروا بالقراء الصغار إلى عالم الحكايات والخيال

حرصت مجلة «ماجد» على مواكبة التطور التقني بتحويل قصصها إلى فيديو على موقعها و«يوتيوب» منها قصص «أمونة المزيونة»
حرصت مجلة «ماجد» على مواكبة التطور التقني بتحويل قصصها إلى فيديو على موقعها و«يوتيوب» منها قصص «أمونة المزيونة»

تنوعت مجلات الأطفال في الوطن العربي، واستطاعت أن ترسم البسمة على وجوه القراء الصغار، وأن تفتح لهم باب الخيال. مغامرات وقصص «باسم»، و«سعدان»، و«نوارة»، وعالم البط، و«عم دهب»، و«ميكي»، و«بطوط»، وغيرها من الشخصيات المتخيلة الشيقة تناولتها مجلات الأطفال بين صفحاتها الفاخرة الملونة. ومع التسلية كانت تحوي مضموناً تربوياً هادفاً، في ظل ثقافة عربية خصبة، ترعرعت خلال تسعينات القرن الماضي. تلك الحقبة شهدت سطوع نجم صحافة الأطفال في الدول العربية؛ لكنها سرعان ما فقدت بريقها مع غزو تطبيقات الهواتف الذكية، والألعاب الإلكترونية، التي وجدت إقبالاً من جيل الأطفال والشباب على السواء فهجروا أبطال المجلات ووضعوا أعدادها جانباً.

مجلة «الروضة» هي أول مجلة للأطفال في المملكة العربية السعودية، صدر عددها الأول في عام 1959. ورأس تحريرها طاهر الزمخشري؛ لكنها لم تستمر لأكثر من عامين. ومجلة «حسن» التي صدر العدد الأول منها في 32 صفحة عام 1977 عن مؤسسة «عكاظ للصحافة والنشر»، توقفت عن الصدور، ومجلة «باسم» التي صدرت عام 1987 عن «الشركة السعودية للأبحاث والنشر» وكانت موجهة إلى الطفل السعودي والخليجي في المقام الأول لتزويده بالمعلومات الدينية، والاجتماعية، والثقافية، توقفت هي الأخرى.
لكن منها من اختار الاستمرارية ومواكبة موجة التطور التكنولوجي؛ إذ تعتبر مجلة «ماجد» من أبرز مجلات الأطفال الصادرة في الإمارات، وهي مجلة أسبوعية للأطفال ما بين سن السابعة والرابعة عشرة، وتصدرها شركة «أبوظبي للإعلام»، وصدر العدد الأول منها عام 1979، وتم تدشين موقع إلكتروني للمجلة عام 2009. وقناة «ماجد» على «يوتيوب» عام 2015. وتعد مجلة «العربي الصغير» من أهم مجلات الأطفال في الكويت، وتصدرها وزارة الإعلام بدولة الكويت، وصدر العدد الأول منها في عام 1986، بعد أن كانت تصدر كتيباً يوزع مع مجلة «العربي»، في كثير من دول العالم.
وفي دراسة للباحث المصري أسامة عبد الرحيم حول «تأثير الواقع الثقافي على بناء القيم التربوية في صحافة الأطفال... دراسة تحليلية مقارنة لعينة من مجلات الأطفال في مصر والسعودية»، أعدها عام 1997 بجامعة الأزهر، خلص إلى أن «مجلات الأطفال في العالم العربي ما زالت تعتمد على نسبة كبيرة من الكتابات المترجمة، وتصدرت القيم الدينية المرتبة الأولى في مجلة «باسم» بنسبة 75.1 في المائة... ومن أهم القيم الاجتماعية التي ركزت عليها مجلة «باسم» العلم، والتعاون، والكرم، والعمل، والصداقة واحترام الكبير، والنجاح والطموح، والإصرار والمثابرة، والاعتماد على النفس».
ويقول الكاتب والناقد محمود قاسم، الذي أعد موسوعة «كُتاب الأطفال في العالم العربي» التي أصدرتها إدارة الطفولة بجامعة الدول العربية عام 2004 لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت صحافة الأطفال في السنوات الأولى من القرن العشرين، لكنها تدهورت الآن وتوقف الكثير منها عن الصدور في دول عربية عدة، مثل: سوريا، وليبيا، والعراق، ومصر؛ لأن رؤساء تحرير بعض المجلات ليس لهم صلة بصحافة الأطفال، ولارتفاع تكاليف الطباعة، والاعتماد على القصص المترجمة، ففقدت الكثير من مجلات الأطفال مكانتها وأصبحت بيوتاً مهجورة لا يدخلها أحد».
مضيفاً: تعد مجلة «ماجد» الإماراتية من أفضل المجلات العربية، وذلك بفضل أحمد عمر، رئيس تحريرها لمدة تقترب من الثلاثين عاماً، الذي أعطى المجلة نكهة خليجية في المضمون والأحداث والشخصيات، واستقطب أبرز كتاب الأطفال ورسامي الكاريكاتير فلاقت المجلة رواجاً كبيراً من الأطفال في الوطن العربي؛ لأنها حافظت على خصوصية الطفل الخليجي. مشيراً إلى أنه «من أمثلة الشخصيات المحبوبة في المجلة (كسلان جداً)، و(موزة الحبوبة)، و(فضولي)، و(أبو الظرفاء)، و(زكية الذكية)، و(شمسه ودانة)، و(النقيب فهمان والمساعد خلفان)». وقال: «تستهدف المجلة الطفل الذي يعيش في بيئة محافظة، وتغرس فيه القيم الدينية والوعي الثقافي، والمحافظة على هويته، والاعتزاز بتاريخه العربي، كما واكبت التقدم الاجتماعي الذي شهدته الإمارات في تلك المرحلة، فضلاً عن إنشاء قناة على (يوتيوب)، التي تخطت آلاف المشاهدات، وموقع إلكتروني، فاحتفظت برونقها منذ صدورها حتى الآن».
من جهتها، تقول آمنة الحمادي، رسامة الكاريكاتير الإماراتية، «ابتكرت شخصية (أمونة) التي تعرض على قناة «ماجد» على «يوتيوب»، ويحكي كارتون (أمونة المزيونة) قصة طفلة إماراتية في السابعة من عمرها، تحب اللعب واللهو وتجربة الأشياء الجديدة، وتحرص على أن تكون نجمة المدرسة والمنزل لخفة دمها وشخصيتها القيادية، ويلائم المسلسل الأطفال من عمر 4 إلى 10 سنوات. وهناك برامج أخرى متنوعة تعرض على قناة (ماجد) مثل: (أبطال الغد)، و(أرقام وألوان)، وكرتون (كسلان)، و(النقيب خلفان)».
يُشار إلى أن مجلات الأطفال العربية حملت أسماء أطفال ذكور أو أسماء حيوانات، مثل: «السمير الصغير»، و«سمير»، و«سندباد»، و«ماجد»، و«باسم»، و«أسامة»، وهناك مجلات قليلة تحمل أسماء البنات، ومنها: مجلة «سناء» الليبية، و«قطر الندى» المصرية، وهناك مجلات لأبطال مؤسسة «والت ديزني» مثل: مجلة «توم وجيري»، و«ميكي».
وتعد مصر هي صاحبة النصيب الأكبر في إصدار مجلات الأطفال، وقد اهتمت المؤسسات الصحافية بإصدار مجلات الأطفال للعثور على قارئ إضافي يتمثل في الطفل أو أولياء الأمور. وتعتبر «ميكي»، و«سمير»، و«علاء الدين»، و«بلبل»، و«قطر الندى» ضمن مجلات الأطفال الشهيرة في حقبة التسعينات التي رسمت السعادة على وجوه الأطفال، وأثرت عقولهم بالحكايات المسلية والمغامرات، وقصص الخيال العلمي.
صدرت مجلة «ميكي» أسبوعياً بلغات عدة بترخيص من شركة «والت ديزني»، وكانت تصدر في مصر منذ عام 1959 عن مؤسسة «دار الهلال» الصحافية، ثم توقفت عن إصدارها في عام 2003، وأعادت إصدارها دار «نهضة مصر» في 2004 مع اكتساب الحقوق في مصر فقط، وفي 2011 منحت شركة «والت ديزني العالمية» الأميركية، دار «نهضة مصر» حق توزيع إصدارات «ميكي» و«ميكي جيب» في السعودية، والكويت، وقطر، وسلطنة عمان، والبحرين. ومجلة «سمير» التي تصدر أسبوعياً عن «دار الهلال» منذ عام 1956، تفردت بتلخيص روايات العالم الشهيرة، إلى جانب نشر قصص المغامرات والاهتمام بالشخصيات العربية في الحكايات، مثل: «باسل وزملاء الكشافة»، و«عصام»، وهو اسم الابن الأكبر لماما «لبنى» التي تولت رئاسة تحرير المجلة لأكثر من أربعين عاماً. ومجلة «قطر الندى» التي أعادت إصدارها الهيئة العامة لقصور الثقافة وتحتوي المجلة على قصص متنوعة بعنوان «القطة العجوز»، و«فنجان شاي»، و«الزنبقة الذكية».
وصدرت مجلة «بلبل» عن دار أخبار اليوم منذ عام 1998... أما مجلة «علاء الدين» فكانت تصدر أسبوعياً منذ يوليو (تموز) 1993 تحت إشراف عزت السعدني، لكنها تصدر الآن شهرياً. ويرى الكاتب قاسم، أن «الأطفال في مصر صاروا يتامى ثقافياً بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، فلم يجدوا الاهتمام الكافي بهم، وبخاصة في مجال معارض كتب الأطفال التي توقفت تماماً في مصر وانتقلت إلى دول أخرى، فمثلاً نجد أن مجلة (سمير) لم يطرأ عليها أي تغيير لأكثر من أربعين عاماً حتى عام 2002؛ الأمر الذي يتطلب ضرورة الاهتمام بثقافة الأطفال»، على حد قوله.
من جانبها، تقول أمل فرح، مدير تحرير إصدارات «ديزني» باللغة العربية لـ«الشرق الأوسط»: «مجلات الأطفال أهم بكثير من أجهزة التابلت التي تحد من تنمية ملكات الطفل الذهنية والفكرية، ومجلة (ميكي) لها تاريخ طويل مع القارئ المصري، وتخاطب المجلة الطفل من عمر 7 سنوات إلى 18 عاماً، وتتسم المجلة بمراعاة مفردات الطفل العربي وتفاصيل حياته، وتطبع في شكل فخم على مستوى القطع والورق والمحتوى، لتكون زاداً معرفياً للأطفال، وتدور حكايات المجلة في العلاقة بين عالم البط، لتكريس أهمية العلاقات الأسرية وقيمة التعاون». وتذكر فرح أن المشكلة الحقيقية عدم اقتناع الآباء بأهمية شراء قصص أطفال لأبنائهم اعتقاداً منهم أنها قد تمثل عبئاً على ميزانية الأسرة، فينصحون أطفالهم بمشاهدة قنوات الرسوم المتحركة، وبالتالي ينصرف الأطفال عن القراءة ويكتفون بالألعاب الإلكترونية والمسلسلات الكارتونية. أما الدكتورة نهى عباس، رئيس تحرير مجلة «نور»، فتقول «صدرت مجلة (نور) للأطفال عن المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، وتحتوي المجلة على أبواب تنويرية وتثقيفية وترفيهية، ولها تطبيق تفاعلي على الأجهزة الذكية، وتخاطب المجلة الشريحة العمرية من 8 سنوات إلى 18 عاماً؛ وذلك من أجل بناء شخصية الطفل، وتنمية مهاراته الفكرية والفنية، وحمايته من التطرف، ووقايته من الأخطار التي تسببها الأفلام الأجنبية المليئة بمضامين سلبية كالعنف والقتل والدمار».
مضيفة لـ«الشرق الأوسط»، إن المجلة تحتوي على أبواب متنوعة مثل: «سلة الأفكار»، و«عربة إسعاف نور»، و«كلام للنشر»، وباب «طاقة نور» الذي يهدف إلى محاربة الأفكار المتشددة والفكر المتطرف.
لافتة إلى أنه لتشجيع الأطفال على القراءة، «يجب عدم الاكتفاء بالمجلات المطبوعة فقط، بل يجب علينا توظيف التقنيات التكنولوجية في سرد حواديت الأطفال، وذلك من خلال ابتكار ألعاب الإلكترونية للشخصيات الكارتونية المحببة للأطفال، وإنتاج مسلسلات وأفلام كارتون تحكي قصص ومغامرات الشخصيات الكارتونية، وطرح ألعاب في الأسواق على هيئة هذه الشخوص، وبالتالي نضمن ارتباط الطفل بها فيحرص على تتبع حكاياتها في المجلات المطبوعة والإلكترونية على السواء، وهو ما طبقناه في مسلسل (نور وبوابة التاريخ)، وهو مسلسل تاريخي يتحدث عن علماء العرب والمسلمين، من إنتاج أكاديمية البحث العلمي والأزهر ويذاع في رمضان، إلى جانب تدشين قناة (نور الصغير) التي تخاطب الأطفال من عمر 3 إلى 6 سنوات والتي تعلُم الأطفال الألوان، والحروف، وأغاني أعياد الميلاد»، وذلك وفقاً لما ذكرته د.نهى عباس.
تعليقاً، يقول الدكتور إسماعيل إبراهيم، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام وفنون الاتصال بجامعة 6 أكتوبر (تشرين الأول)، مدير تحرير صحيفة «الأهرام» الأسبق، إنه «رغم التاريخ الطويل لمجلات الأطفال الصادرة في الدول العربية؛ فإنها متأثرة بشكل كبير بالمجلات الأجنبية، فقد توصلت من خلال بحوثي إلى أن مجلات الأطفال تحمل أسماء عربية لكنها أجنبية، ويتضح ذلك جلياً في مجلات (ميكي)، و(سمير) والتي تعد نسخة من المجلات الأجنبية، عدا مجلة (ماجد)».
وأضاف إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن أن تسترد مجلات الأطفال مكانتها في قلوب وعقول الأطفال من جديد، من خلال انتظامها في الصدور، واختيار أبطال قريبين من عقول الأطفال، كما يجب التنوع في فنون الكتابة المستخدمة في مجلات الأطفال، وأن تتناسب مع مراحل نموهم، وقدراتهم العقلية وميولهم، فضلاً عن الاهتمام بالكوادر التحريرية والفنية المؤهلة لتقديم مجلات الأطفال».


مقالات ذات صلة

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم سيارة عليها كلمة «صحافة» بالإنجليزية بعد تعرض فندق يقيم فيه صحافيون في حاصبيا بجنوب لبنان لغارة إسرائيلية في 25 أكتوبر (رويترز)

اليونيسكو: مقتل 162 صحافياً خلال تأديتهم عملهم في 2022 و2023

«في العامين 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي صحافيون من مختلف وسائل إعلام يتشاركون موقعاً لتغطية الغارات الإسرائيلية على مدينة صور (أ.ب)

حرب لبنان تشعل معركة إعلامية داخلية واتهامات بـ«التخوين»

أشعلت التغطية الإعلامية للحرب بلبنان سجالات طالت وسائل الإعلام وتطورت إلى انتقادات للإعلام واتهامات لا تخلو من التخوين، نالت فيها قناة «إم تي في» الحصة الأكبر.

حنان مرهج (بيروت)
يوميات الشرق الملتقى يُعدُّ أكبر تجمع في السعودية للمؤثرين والخبراء وصناع المحتوى الرقمي (واس)

السعودية تطلق أول ملتقى لـ«صناع التأثير» في العالم

أعلن وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري إطلاق الملتقى الأول لصناع التأثير (ImpaQ)، الذي تستضيفه العاصمة الرياض يومي 18 و19 ديسمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحد من «المعلومات المضللة»؟

شعار شركة «ميتا» يظهر على شاشة هاتف جوال (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» يظهر على شاشة هاتف جوال (أ.ف.ب)
TT

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحد من «المعلومات المضللة»؟

شعار شركة «ميتا» يظهر على شاشة هاتف جوال (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» يظهر على شاشة هاتف جوال (أ.ف.ب)

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً لنهاية هذا التمديد، تساؤلات حول مدى فاعلية القرار في الحد من انتشار «المعلومات المضللة». يأتي ذلك بالتزامن مع رصد تجاوزات مررتها المنصة الأشهر «فيسبوك» خلال الفترة السابقة رغم تقييد الإعلانات.

وأعلنت «فيسبوك» نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي «حظر أي إعلان يحمل رسائل توجيه سياسي أو اجتماعي من شأنه التأثير في سير الانتخابات الرئاسية الأميركية»، غير أن مراقبين قاموا برصد تجاوزات على المنصة وصفوها بـ«التضليل»، وقالوا إن «فلاتر» المحتوى على «ميتا» «غير متمرسة» بما يكفي لتمييز المحتوى الذي ينتهك إرشادات المصداقية، ما يثير شكوكاً بشأن جدوى قرار الشركة تقييد الإعلانات.

أستاذ التسويق الرقمي والذكاء الاصطناعي في عدد من الجامعات الإماراتية، الدكتور حسن مصطفى، عدّ قرار «ميتا» «محاولةً لتجاوز المخاوف المتزايدة حول استغلال الإعلانات في التأثير على الرأي العام». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «(ميتا) تخشى من الاتهام بنشر المعلومات غير الموثوقة بشكل واسع خلال الفترات الانتخابية وما بعدها، لا سيما أنه تم اتهام الشركة من قبل بوجود محتوى يؤثر على الرأي العام خلال فترات انتخابية سابقة».

وعن دور «ميتا» في الحد من «المعلومات المضللة»، أوضح مصطفى أنه «لا تزال (المعلومات المضللة) تحدياً قائماً رغم ما اتخذته (ميتا) من إجراءات لمكافحتها، والتقليل من انتشار (الأخبار الكاذبة)». وعدّد دور الشركة في هذا الصدد بقوله: «قامت (ميتا) بتعزيز التعاون مع جهات خارجية للتحقق من صحة الأخبار؛ حيث تعتمد الشركة على منظمة (FactCheck) وشبكات من المؤسسات المستقلة للتحقق من الأخبار التي يتم تداولها عبر المنصة».

واستشهد أستاذ التسويق الرقمي والذكاء الاصطناعي ببعض التقارير الصادرة عن منظمة «هيومن رايتس ووتش»، التي أظهرت إحراز «ميتا» تقدماً في مجال الحد من «خطاب الكراهية»، «حيث تمكّنت خوارزميات الشركة من التعرف على بعض الأنماط المتكررة للمحتوى المسيء وحذفه تلقائياً قبل أن ينتشر». غير أنه عدّ إجراءات «ميتا» غير كافية، وأشار إلى أن «خوارزميات الذكاء الاصطناعي ما زالت محدودة القدرة على معالجة المحتوى بلغات ولهجات متنوعة أو فهم السياقات الثقافية المعقدة، ما يجعل من الصعب وضع حدود واضحة أمام تحقيق نجاح كامل في تقليص (خطاب الكراهية)».

وكانت المنظمة الدولية «جلوبال ويتنس» قد أعدّت تقريراً حول ما إذا كانت منصات التواصل الاجتماعي قادرة على اكتشاف وإزالة «المعلومات المضللة الضارة»، لا سيما المتعلقة بانتخابات الرئاسة الأميركية، وأشارت في نتائجها عقب الانتخابات الأميركية إلى أن أداء «فيسبوك» كان أفضل مقارنة بمنصة مثل «تيك توك»، غير أن التقرير لم ينفِ التورط في نشر «معلومات مضللة» رغم القيود، وذكر التقرير أن «(فيسبوك) وافق على واحد من بين ثمانية إعلانات اختبرت بهم المنظمة قيود المنصة للحد من (المعلومات المضللة)»، ما عدّته المنظمة «تحسناً ملحوظاً مقارنة بأداء المنصة السابق»، ومع ذلك قالت إن هذا التحسن لا يزال غير كافٍ.

من ناحية أخرى أشار تقرير صادر عن منظمات المجتمع المدني «إيكو» و«المراقبة المدنية الهندية الدولية» إلى أن «ميتا» سمحت بظهور إعلانات تحتوي على عبارات تحريضية ضد الأقليات على منصتها خلال فترة الانتخابات الأميركية، كما أشارت إلى رصد «محتوى زائف» مصنوع بأدوات الذكاء الاصطناعي.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في مصر والمملكة العربية السعودية، خالد عبد الراضي، علّق على قرار «ميتا»، بالقول إننا بصدد محاولات عدها «غير جادة»، ودلّل على ذلك بأن «(ميتا) قيّدت الإعلانات قبل الانتخابات الأميركية بأسبوع واحد فقط، وهي مدة غير كافية إذا كانت المنصة بالفعل جادة في الحد من التضليل والتأثير على الرأي العام، مثلاً (إكس) كانت أكثر جدية من خلال تقييد أي منشور موجه قبل الانتخابات بشهر»، مشيراً إلى أنه «بالتبعية شاهدنا على منصة (فيسبوك) محتوى مضللاً وزائفاً تمت صناعته بالذكاء الاصطناعي».

وأوضح عبد الراضي لـ«الشرق الأوسط» أن «(ميتا) لم تقم بفرض قيود على الإعلانات بشكل عام، بينما على نوع واحد فقط، وهي الإعلانات السياسية المدفوعة، ومن ثم تركت المجال أمام التضليل والتأثير على الرأي العام». ودلل كذلك على عدم جدية «ميتا»، بقوله: «بعد الانتخابات الأميركية في 2020 واجهت (ميتا) عدة اتهامات بتوجيه الرأي العام، ما دفع الشركة لاتخاذ إجراءات جادة من بينها توظيف (فرق السلامة) والمعنية بمراجعة النصوص للتأكد من ملاءمتها مع معايير المنصة، غير أن هذه (الفرق) تم (إنهاء عملها) لاحقاً، ما يشير إلى عدم جدية ادعاءات المنصة».