تجار بيروت متخوفون من وصول القطاع الاقتصادي إلى حافة الانهيا

توقّعات بإقفال نحو 25 % من المؤسسات في العامين المقبلين

متجر للعصائر في بيروت (إ.ب.أ)
متجر للعصائر في بيروت (إ.ب.أ)
TT

تجار بيروت متخوفون من وصول القطاع الاقتصادي إلى حافة الانهيا

متجر للعصائر في بيروت (إ.ب.أ)
متجر للعصائر في بيروت (إ.ب.أ)

أطلق رئيس جمعية «تجار بيروت» نقولا شمّاس صرخة عشيّة تشكيل الحكومة، مؤكداً أن الوضع الاقتصادي بات منكوباً، وتوقع إقفال نحو 25 في المائة من المؤسسات التجارية في العامين المقبلين.
وترأس شمّاس اجتماعاً طارئاً للجمعيات ولجان الأسواق والنقابات التجارية في مقرّ الجمعية، للتداول في خطورة الأوضـاع التجارية التي «باتت أكثر من أي وقت مضى، على حافة الانهيار»، بحسب ما جاء في بيان الاجتماع.
ولفت إلى أن تمويل سلسلة الرتب والرواتب من خلال رزمة من عشرات الضرائب والرسوم أثقلت كاهل الأُسَر، وقوّضت قدرتها الشرائية، بالتزامن مع غياب السيّاح والزّوار من الخارج، الذين يرفدون الدورة الاستهلاكية بنَفَس إضافي في المحطات الرئيسية.
وأضاف: «نتيجـة لما سبق، تراجع النشاط في الأسواق التجارية، بحسب المناطق والقطاعات، بنسبة تتراوح بين 20 في المائة و30 في المائة، وقد لامست الـ50 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام المنصرم، الذي كانت نتائجه رديئة هو الآخر». وأكد شمّاس أن «القطاع التجاري يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة بالمعنى الاقتصادي من دون أن تتّخذ الجهات المسؤولة أي تدابير حازمة». وفي حين أشار إلى تنامي أعداد المؤسسات غير الشرعية توقّع أن تشهد السنتان المقبلتان إقفال ما لا يقلّ عن 20 إلى 25 في المائة من المؤسسات التجارية الشرعية، إذا ظلّت الظروف الاقتصادية على حالها من دون معالجة.
ودعا إلى مساندة الحكومة للقطاعات الاقتصادية، وقال: «تماماً كما تقف الحكومة إلى جانب القطاع الصناعي، وعن حق، ينبغي عليها أن تُبادر فوراً إلى مساندة، لا بل إغاثة القطاع التجاري».
وعليه، كان لسان حال الحاضرين في المطالبة بالإسراع في تشكيل حكومة استثنائية، يتحلّى أعضاؤها بالكفاءات العلمية وجرأة المواقف، لا سيما في الحقائب الاقتصادية، وذلك لوضع وتنفيذ برامج إنقاذية طال انتظارها، واستقطاب الاستثمارات وإطلاق عجلة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بحسب البيان. وأكدوا على أهمية «ضبط فلتان المالية العامة وتقليص مساحة الهدر والفساد في الدولة وخفض حجم القطاع العام، والمبادرة إلـى خفض شامل للضرائب والرسوم عن المؤسسات والأُسَر، وتخفيف الإجراءات الضريبية وخفض فوائد التقسيط على المتوجبات الضريبية، وذلك بالتزامن مع تنفيذ البرامج التي تندرج ضمن مؤتمر (سيدر) الاستثماري، وصياغة خطط لتحديث أسس الاقتصاد الوطني لجهة تقويته وتحصينه من المؤثرات الخارجية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.