مسؤول إسرائيلي يؤكد التمسك بمنع إقامة «هلال إيران»

اعترف بسقوط طائرة مسيرة في الجولان

TT

مسؤول إسرائيلي يؤكد التمسك بمنع إقامة «هلال إيران»

بعد الاعتراف الإسرائيلي بسقوط طائرة مسيَّرة في الجولان، والتشديد الغربي على أن إسرائيل هي التي نفَّذت القصف «الاستثنائي» على دير الزور، شرق سوريا، قال مسؤول سياسي كبير في تل أبيب، الأربعاء، إن «الموقف الإسرائيلي الحازم وترجمته بالممارسات العملية على الأرض، نجحا في لجم الجهود الإيرانية لترسيخ قواعدها وتثبيت تموضعها على الأرض السورية».
وكشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عرض خلال لقائه الأخير مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، في عمان، صوراً ووثائق تدل على أن عدة عناصر من «حزب الله» اللبناني وغيره من الميليشيات الإيرانية ينخرطون في قوات جيش النظام السوري.
وقالت هذه المصادر إن نتنياهو، الذي يتفق مع الأردن وغيره على مطلب إبعاد القوات الإيرانية وميليشياتها عن الجنوب السوري، بل يطالب بإبعادها عن سوريا بالكامل، وجد أن الإيرانيين وجدوا طريقة للالتفاف على هذا المطلب بواسطة إدخال الميليشيات إلى جيش النظام وارتداء زيه العسكري. وأضافت أن نتنياهو عرض هذه الأدلة على الوسيط الروسي، محتجّاً على الخدعة الإيرانية. وهدد بقصف أية وحدة عسكرية سورية تضم في صفوفها تلك العناصر المخفية.
وردّاً على السؤال إن كانت إسرائيل هي التي قصفت في منطقة الهري جنوب شرق البوكمال في ريف دير الزور الشرقي، أول من أمس، ما أدى إلى مقتل 52 شخصاً، قال مسؤول إسرائيلي للمراسلين العسكريين الإسرائيليين، إن «إسرائيل أعلنت في الماضي وتعلن اليوم إنها لن تسمح لإيران بإقامة (هلال النفوذ)، الذي يجعلها تسيطر على ممر بري من إيران عبر العراق فسوريا ومن ثم لبنان، والبحر الأبيض المتوسط. هذا مشروع عدواني ضد إسرائيل». وأكد المسؤول أنه يرى في القصف الأخير على دير الزور «عملية استثنائية بكل معنى الكلمة»، لكنه رفض التأكيد أن قواته هي التي نفذتها.
وعندما طُلب إليه أن يفسر القول «عملية استثنائية»، أجاب: «هذه منطقة بعيدة جدّاً عن الحدود الإسرائيلية وقريبة جدّاً من الحدود العراقية. فمن يريد أن يفهم، سيفهم، كم هي إيران في مرمى القصف، في حال استمرت في مشروعها التوسعي».
وكان قائد اللواء الشمالي في الجيش الإسرائيلي الجنرال يوئيل ستريك، قد أدلى بتصريحات موجهة لإيران وسوريا مساء الثلاثاء، قائلا إن «إيران تحاول جعل سوريا موقعاً متقدماً لها وخاضعاً لسيطرتها المطلقة لمهاجمة إسرائيل، بينما يواصل (حزب الله) خرق قرارات الأمم المتحدة. لذلك، فلا بد لإسرائيل أن تواصل حرية العمل بأقصى حد ممكن لضمان أمنها».
وربط المراقبون بين تصريحات المسؤولين أعلاه وبين الهجوم على شرق سوريا، الذي وقع الاثنين، والذي أكد مسؤول أميركي، في تصريحات لشبكة «CNN»، أن إسرائيل هي التي نفذته. وقال ستريك إن «هذه الفترة معقدة من الناحية الأمنية، حيث تحاول إيران تحويل سوريا إلى موقع تحت سيطرتها المطلقة، وتستخدم تمركزها على الأراضي السورية لمهاجمة إسرائيل وزعزعة الاستقرار الأمني في المنطقة كلها. وذراعها في لبنان (حزب الله) يواصل خرق قرارات الأمم المتحدة، ويعزز قوته، وينشط في المنطقة الحدودية. ونحن نوضح لهم جميعاً، قولاً وفعلاً، أننا لن نسمح باستهداف إسرائيل، وسنواصل تطبيق أقصى حد من حرية العمل من أجل ضمان ذلك».
وسُئِل إن كانت إسرائيل معنية بالحرب، بهذه النشاطات، وإن لم تكن تستفز إيران وحلفاءها. فأجاب: «بالعكس، فإن الجيش الإسرائيلي يعمل بهذا على إبعاد الحرب المقبلة. ولكن، في الوقت نفسه يعمل على تطوير جاهزيته لتلك الحرب في حال اضطر لخوض معركة على جبهة واحدة أو عدة جبهات متوازية».
وفي هذا السياق، اعترف الجيش الإسرائيلي بسقوط طائرة استطلاع مسيّرة تابعة لسلاح الجو، الثلاثاء، داخل الأراضي السورية. وادعى الجيش الإسرائيلي أنه لا توجد مخاوف من تسرب معلومات من هذه الطائرة، مضيفاً أنه لم يتضح بعد سبب تحطم الطائرة.
وعلى الصعيد ذاته، هبطت ثلاث طائرات شبح جديدة من طراز «إف 35» هبوطاً اضطراريّاً، أول من أمس (الثلاثاء)، وهي في طريقها من الولايات المتحدة إلى إسرائيل. وتبين أن هبوط الطائرات الاضطراري نجم عن خلل، ما يعني أن تسليمها لسلاح الجو الإسرائيلي سيتأخر. وجاء أن الطائرات أقلعت من مصنع «لوكهيد مارتين» في تكساس، إلا أن أحد الطيارين اضطر للهبوط في مطار قريب بسبب إشارة ضوئية حذرت من خلل في الطائرة. وهبط الطياران الآخران بطائرتيهما في المطار نفسه.
يشار إلى أن الطائرات الثلاث كان يقودها طيارون من سلاح الجو الأميركي، وكان من المفترض أن تهبط في القاعدة العسكرية «نباطيم» جنوب إسرائيل. وتتعمد إسرائيل اعتماداً أساسياً على هذا النوع من الطائرات، لدى تخطيطها لمواجهة خطر حرب مع إيران. وقد تسلمت حتى الآن 9 طائرات «إف 35» من بين 50 طائرة. وفي الشهر الماضي أعلن الجنرال عميكام نوركين، قائد سلاح الجو الإسرائيلي، أن الطائرة نفذت أول مهمة عملانية لها بعد سنة من وصولها إلى البلاد.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.