ميركل في بيروت الخميس... والأولوية للاقتصاد والنازحين السوريين

TT

ميركل في بيروت الخميس... والأولوية للاقتصاد والنازحين السوريين

تصل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى بيروت الخميس المقبل على رأس وفد اقتصادي للقاء المسؤولين اللبنانيين. ومن المتوقع أن تكون مواضيع عدة على طاولة البحث على رأسها القضايا الاقتصادية، إضافة إلى ملف النازحين السوريين في ظل الجدل الحاصل بشأن عودتهم إلى بلادهم.
ويأتي التعويل الأكبر على زيارة المسؤولة الألمانية على مساهمة الشركات الألمانية في تطوير مشاريع إنمائية في قطاعات عدة في لبنان في المرحلة المقبلة خاصة بعد المؤتمرات الدولية وتحديدا «مؤتمر سيدر» الذي عقد في فرنسا لدعم لبنان وتلقيه وعوداً بـ11.5 مليار دولار، بين قروض ومنح مالية.
وقالت مصادر رسمية إن زيارة ميركل التي تتركز على ثلاثة مواضيع أساسية، هي السياسة والاقتصاد وأوضاع المنطقة، ستستمر ليومي الخميس والجمعة، فيما أكد نديم المنلا، مستشار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لـ«الشرق الأوسط» أن الزيارة بعنوانها الأساسي هي للبحث في العلاقات الثنائية بين البلدين، ومساهمة القطاع الخاص الألماني في إعادة إعمار لبنان لا سيما في مشاريع البنى التحتية بعد مؤتمر سيدر.
بدوره، أكد رئيس غرف التجارة والصناعة محمد شقير، على أهمية الزيارة داعيا إلى الاستفادة من الاهتمام الدولي بلبنان والإسراع في تشكيل الحكومة للانطلاق في تنفيذ الوعود التي قدمها لبنان في المؤتمرات، وتحديدا في مؤتمر «سيدر» في باريس.
وقال شقير لـ«الشرق الأوسط»: «زيارة ميركل التي تمثل أكبر دولة مصدرة في العالم والرابعة في قائمة الدولة التي يستورد منها لبنان، وإن كانت لا تخلو من السياسة إنما هي اقتصادية بامتياز، وهو ما يعكسه الوفد الاقتصادي المرافق لها والذي يضم رؤساء لأهم الشركات الألمانية. ويلفت إلى أن هؤلاء يمثلون مختلف القطاعات من المياه والكهرباء والبنية التحتية وغيرها»، مشددا على أن ألمانيا تولي مشروع الكهرباء في لبنان اهتماما خاصا، ومشيرا إلى حضور رئيس مجلس إدارة شركة «سيمنز» التي أبدت رغبتها للاستثمار في هذا القطاع، كما سيتم البحث في مشاريع متعلقة بقطاعات أخرى أهمها تلك التي أقرتها هيئة الخصخصة وهي تطوير مطار بيروت والاتوتسترادات وما يعرف بـ«داتا سنتر».
وفي تفاصيل جدول الزيارة، أوضحت المصادر الرسمية لـ«الشرق الأوسط» أنها تبدأ بلقاء رئيس الحكومة المكلف، ومن ثم لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري على أن ينظم لقاء اقتصادي في السراي الحكومي صباح الجمعة يجمع الوفد الاقتصادي الألماني برجال أعمال واقتصاديين لبنانيين وتنتهي بمؤتمر صحافي يجمع الحريري وميركل.
وفي القصر الجمهوري، لن تختلف القضايا المدرجة على طاولة البحث بين المسؤولة الألمانية والرئيس عون، على أن يأخذ ملف النازحين حيزا من المباحثات، بحسب المصادر التي لفتت إلى أنه «وكما في كل دعواته ولقاءاته التي يعقدها الرئيس عون في المرحلة الأخيرة سيطلب من المستشارة الألمانية المساعدة في تأمين عودة النازحين الراغبين إلى المناطق الآمنة في سوريا في أسرع وقت ممكن وعدم انتظار الحل السياسي، وعدم ترهيبهم في ظل العبء الاقتصادي والاجتماعي المتزايد على لبنان». وقضية النازحين أيضا لن تكون غائبة عن طاولة البحث بين ميركل والحريري، بحسب المنلا، الذي أثنى على الدور الذي تلعبه ألمانيا في هذا الإطار لجهة المساعدات التي تقدمها إلى لبنان.
وتربط بيروت ببرلين علاقات اقتصادية وإن كانت محدودة في قطاعات عدة، كما تعتبر الجالية اللبنانية في ألمانيا الأكبر بين الدول الغربية، حيث يقدر عددها وفق مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني بنحو 114000 لبناني.
ويوجد في لبنان بحسب إحصاءات غرفة التجارة والصناعة الألمانية، أكثر من 400 شركة لبنانية تمثل شركات ألمانية أو ترتبط معها بعلاقات تجارية. وقد انخرطت شركات ألمانية كثيرة في مشروعات إعادة الإعمار في لبنان بعد الحرب، مثل مشروعات البنى التحتية وتأهيل وبناء محطات توليد الطاقة الكهربائية، وكذلك في مجال الهاتف الخلوي، بحسب موقع السفارة اللبنانية في ألمانيا.
ويعتبر لبنان سوقاً جيّدة للمنتجات الألمانيّة، كما تعتبر ألمانيا الشريك الاقتصادي الخامس للبنان بعد إيطاليا، والصين، والولايات المتحدة وفرنسا. وبلغ حجم الصادرات الألمانيّة إلى لبنان خلال عام 2012 نحو مليار ومائة وسبعة وثمانين مليون دولار أميركي، وذلك بحسب المعطيات الإحصائية الصادرة عن مكتب الإحصاء الاتحادي. وأهم الصادرات الألمانية هي: السيارات، قطع الغيار، الأدوات الكهربائية، الأدوية، وبعض الصناعات الكيميائية، في المقابل قدّرت الصادرات اللبنانية إلى ألمانيا خلال عام 2012 بنحو 33.5 مليون دولار أميركي، على أن أهم الصادرات اللبنانية إلى ألمانيا هي المواد الغذائية والأقمشة.
ويتوزع نشاط المغتربين اللبنانيين، على قطاعات عدة، ولا سيما تجارة السيارات وخدمات المطاعم والمهن الحرة، بالإضافة إلى وجود عدد لا بأس به من الأطباء والمهندسين والمحامين وأصحاب الاختصاصات العلمية والأكاديمية الذين استطاعوا تبوؤ مناصب متقدمة في ألمانيا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.