ليبيا: أميركا وإيطاليا تنددان بالهجوم على منطقة النفط... وتحذيرات من كارثة بيئية

ميليشيات الجضران تتراجع... وتدعو إلى تدخل دولي بعد مقتل العشرات من أفرادها

صورة وزعتها مؤسسة النفط الليبية لحريق الخزانات في راس لانوف
صورة وزعتها مؤسسة النفط الليبية لحريق الخزانات في راس لانوف
TT

ليبيا: أميركا وإيطاليا تنددان بالهجوم على منطقة النفط... وتحذيرات من كارثة بيئية

صورة وزعتها مؤسسة النفط الليبية لحريق الخزانات في راس لانوف
صورة وزعتها مؤسسة النفط الليبية لحريق الخزانات في راس لانوف

دخلت الولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا أمس، على خط الاشتباكات العنيفة التي يخوضها الجيش الوطني الليبي ضد الميليشيات المسلحة، التي هاجمت منطقة الهلال النفطي، وسيطرت على ميناءين. وفي غضون ذلك، أعلن الجيش أنه قتل 20 على الأقل من هذه الميلشيات، بينما خسر 14 جندياً في المعارك، التي خاضتها قواته لاستعادة السيطرة على المنطقة.
وأكدت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا إصابة الخزان رقم 12 لخزانات شركة الهروج براس لانوف بأضرار جسيمة، نتيجة هجوم مسلح في مينائي راس لانوف والسدرة. وطالبت المؤسسة في بيان لها أمس، عززته بصور فوتوغرافية للنيران المشتعلة بخزانات النفط، «ميليشيات إبراهيم الجضران ومن معه بالخروج الفوري المباشر، دون أي قيد أو شرط لتفادي كارثة بيئية، ودمار للبنية التحتية سيكون لها أثر هائل على القطاع النفطي والاقتصاد الوطني».
كما دعت المؤسسة «جميع الجهات إلى عدم استخدام قطاع النفط والمؤسسة الوطنية للنفط والمنشآت النفطية في اللعبة السياسية، وإبقائها بعيداً عن جميع النزاعات»، قبل أن تطالب «جميع الجهات بإدانة الأعمال التي تهدد حياة الناس، أو تتسبب في سفك دماء الليبيين»، معتبرة أن هذه المنشآت هي «ملك الشعب الليبي وتمثل قوت ومستقبل الليبيين».
وكان الجضران، الذي أشارت إليه مؤسسة النفط، يشغل منصب آمر حرس المنشآت النفطية، حيث كان المسؤول الأول عن تأمين منطقة الهلال النفطي الاستراتيجية، ومنع تصدير النفط الخام طيلة عامين تقريباً إلى أن طردته قوات الجيش في سبتمبر (أيلول) من عام 2016. لكن الجضران ظهر مجدداً مع بدء الهجوم المفاجئ على المنطقة الخميس الماضي، وأعلن في كلمة مصورة عن تشكيل ما سماه «قوة تحرير الهلال النفطي»، بهدف استعادة السيطرة على المواقع النفطية.
ودعت الولايات المتحدة، التي دانت بأشد العبارات الهجمات الأخيرة على ميناء راس لانوف وميناء السدرة، إلى وضع حد فوري للعنف، الذي يضر بالبنية التحتية الوطنية الحيوية في البلاد. واعتبرت السفارة الأميركية في ليبيا أن منشآت النفط وإنتاجه وإيراداته هي ملك الشعب الليبي، وينبغي أن تظل تحت السيطرة الحصرية للمؤسسة الوطنية للنفط، وفقاً لقراري مجلس الأمن الدولي رقم 2259 و2278.
من جانبه، رأى جوزيبي بيروني، سفير إيطاليا لدى ليبيا، أن الهجوم هو «خطوة سلبية غير مرحب بها تؤدي إلى تفاقم الصراع، وتعريض الموارد الثمينة التي يملكها الشعب الليبي للخطر»، مشيراً إلى أن «دائرة العنف وسوء التصرف في شرق ليبيا لن تؤدي إلا إلى تعميق الأزمة، التي تتطلب بدلاً من ذلك الحوار والمصالحة».
في غضون ذلك، عززت قوات الجيش الوطني الليبي حشودها العسكرية في المنطقة، استعداداً لشن هجوم كبير ضد المسلحين، بينما اجتمع أمس القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر مع العميد أحمد سالم، آمر غرفة عمليات الهلال النفطي، لبحث آخر تطورات المنطقة، ودحر الجماعات الإرهابية التي حاولت التسلل إلى منطقة الهلال النفطي.
وقال مكتب حفتر في بيان مقتضب، إنه تم خلال الاجتماع الذي عقد مساء أول من أمس وضع الخطط اللازمة لتأمين قوت الليبيين.
فيما قال مصدر عسكري، إن حصيلة المواجهات الأخيرة بين قوات الجيش و«الإرهابيين» في منطقة الهلال النفطي بلغت 34 قتيلاً، حيث سقط 14 قتيلاً في صفوف الجيش، بينما قتل 20 على الأقل في صفوف الجماعات الإرهابية.
في المقابل، زعم ناطق باسم الجضران، أن قوات الجيش تستخدم البراميل المتفجرة في الهجمات، التي تشنها ضد ميلشياته، معلناً أن الاشتباكات توقفت أمس.
وفى مؤشر على حجم الخسائر، التي منيت بها ميلشيات الجضران، دعا بيان لحرس المنشآت النفطية (فرع الأوسط)، وسكان الهلال النفطي المجتمع الدولي، ممثلاً في مجلس الأمن، إلى توفير الحماية للمواطنين في الهلال النفطي وفي برقة، وفي الجنوب، والعمل على منع ما وصفه بـ«انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب لضمان السلم الأهلي، وتطبيق قرارات مجلس الأمن الخاصة بليبيا». كما زعم البيان أن ميليشيات الجضران تعرضت لما سمته هجوماً من قوات الجيش. وأضاف: «كمواطنين ليبيين... كان بعضنا يعمل بجهاز حرس المنشآت النفطية، رحبنا وباركنا الاتفاق السياسي الليبي الموقع بالصخيرات، بل وتصدينا لتنظيم داعش الإرهابي سواء في النوفلية أو بن جواد... وهدفنا العودة إلى ديارنا ومناطقنا بسلام».
ومضى البيان يقول: «نعلن أن أيدينا ممدودة للمصالحة الوطنية وحقن الدماء، وفي دخولنا فتحنا الممرات الآمنة وأطلقنا سراح الأسرى دون مقابل، وذلك من موقع قوة وليس ضعف، ونحن نعلن أننا مع المصالحة وتطبيق العدالة الانتقالية، ومع وحدة ليبيا وسلامة شعبها وكل مقدراتها».
واندلعت معارك مسلحة في منطقة الهلال النفطي، التي تضم أهم موانئ تصدير النفط في ليبيا، بعدما حاولت ميليشيات الجضران بتعاون مع جماعة «سرايا الدفاع عن بنغازي»، التي تم طردها العام الماضي من بنغازي، التوغل داخل الهلال النفطي.
وفى درنة، حيث تواصل قوات الجيش الوطني تحرير مدينة الساحلية من قبضة «الإرهابيين»، وزعت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش، لقاءات مصورة لعناصر الجيش وهي تتجول في ضواحي المدينة، مشيرة إلى أنه بعدما وصفته بالحصار الخانق للإرهابيين «لم تعد بحوزتهم إلا أمتار قليلة في هذه المدينة، التي عادت إلى أحضان الوطن»، على حد تعبيرها.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.