قالت وكالة موديز إن الاقتصاد الروسي قادر على الوقوف بوجه عقوبات جديدة إن كانت محدودة، لكنه قد لا يصمد إن جاءت العقوبات أقوى من الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة على رجال أعمال مقربين من الكرملين في مطلع أبريل (نيسان) الماضي. وفي شأن آخر خلصت موديز إلى أن التأثير الإيجابي لبطولة كأس العالم لكرة القدم على الاقتصاد الروسي، لن يكون كبيرا وسيكون «قصير الأجل». لكن على الجانب الآخر، قللت السلطات الروسية من قدرة أي عقوبات جديدة التأثير على الاقتصاد الوطني، وأكدت فيما يخص «مونديال - 2018»، أنه سيأتي بنتائج إيجابية كبيرة اقتصاديا، وسيساهم في إنعاش السياحة وغيره من نشاطات ستساهم في نمو الاقتصاد الروسي خلال السنوات القادمة.
ومنذ أن عبر الغرب عن رفضه السياسات الروسية في أوكرانيا، لا سيما ضم شبه جزيرة القرم إلى قوام الاتحاد الروسي صيف عام 2014 تحولت العقوبات الغربية المتتالية إلى ما يمكن وصفه بـ«حالة مرضية مزمنة» عجز الاقتصاد الروسي عن التعافي منها، ويضطر للتعايش معها، حتى وإن فشل في كثير من الأحيان في التقليل من «أعراضها السلبية». وفي الوقت الذي تعيش فيه روسيا على أمل تخفيف تلك العقوبات، عبر قادة مجموعة «السبع الكبار» في البيان الختامي لقمتهم مطلع الأسبوع عن استعدادهم لـ«تبني قيود إضافية كي تشعر روسيا بتأثير أكبر (للعقوبات)»، ووصف البيان السياسات الروسية بأنها «تقوض الديمقراطية».
وكان خبراء من وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية حذروا قبل قمة «السبع» من أن الاقتصاد الروسي قد لا يتمكن من الصمود بوجه موجة جديدة من العقوبات، إن جاءت أكثر فعالية من تلك التي فرضتها الولايات المتحدة على مجموعة من أثرياء روسيا، المقربين من الكرملين، والذين يسيطرون على شركات استراتيجية. وفي الوقت ذاته رأى الخبراء من الوكالة أن الاقتصاد الروسي قد يصمد بوجه عقوبات جديدة، لكن إن لم تكن أشد من السابقة. إلا أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت الدول الغربية بشكل عام ستفرض حزمة عقوبات جديدة أم ستكتفي بتمديد عمل العقوبات السابقة فقط.
في غضون ذلك تعكس التصريحات الرسمية الروسية إرادة سياسية بالصمود في مواجهة العقوبات، وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريحات مؤخراً، عشية زيارته إلى الصين، إن «وجود قيود وعقوبات لا يدهشنا، وهذا أمر لا يخيفنا»، وأكد: «لن يجبرنا هذا كله على التخلي عن الدروب الذاتية السيادية للنمو»، واتهم الغرب بأنه يفرض العقوبات ضد روسيا لكبح نموها.
وفي وقت سابق قال مسؤولون روس إن الاقتصاد تجاوز تداعيات العقوبات الأميركية في أبريل الماضي. ويتفق مع وجهة النظر هذه ياروسلاف سوغيرا، الخبير في وكالة موديز، الذي قال إن «المنظومة المصرفية الروسية تبدو بشكل عام متينة بوجه العقوبات»، وأشار إلى أن «موديز» كانت قد قدرت في وقت سابق تأثير عقوبات أبريل، وأظهرت التقديرات حينها أن «المنظومة المصرفية الروسية تمكنت من تجاوز الوضع بهدوء بفضل الدخل الخارجي الجاري»، وعبر عن قناعته بأن الوضع في مجال الاقتصاد الكلي في روسيا «هادئ بشكل عام ومستقر»، لكنه حذر مع ذلك من أن «المنظومة المصرفية الروسية قد تضعف وتخسر بحال تم تبني أكثر من حزمة عقوبات في آن واحد».
في شأن آخر متصل، قالت وكالة «موديز» في تقرير خاص إن النتائج الإيجابية لـ«مونديال - 2018» على الاقتصاد الروسي ستكون محدودة، وأشار التقرير إلى أن «الكثير من النتائج الاقتصادية قد ظهرت عبر الاستثمارات في البنى التحتية، لكن حتى في هذا المجال فإن التأثير كان محدوداً. وحجم الاستثمارات المتصلة بالتحضيرات للمونديال خلال 2013 - 2017 لم يتجاوز نسبة 1 في المائة من إجمالي الاستثمارات».
وقال كريستيان ليندو، الرئيس والمحلل في «موديز» إن «المباريات ستستمر في روسيا لمدة شهر، والمحفزات الاقتصادية المرتبطة بهذه الألعاب ستتلاشى مقارنة بحجم الاقتصاد الروسي 1.3 تريليون دولار»، وأضاف: «لذلك لا نتوقع أن تقدم البطولة مساهمة كبيرة في النمو الاقتصادي» في روسيا.
إلا أن الجهات الرسمية الروسية لها رؤية مغايرة لتأثير البطولة «مونديال - 2018» على الاقتصاد الروسي. وفي دراسة أعدتها بعنوان «التوقعات لتأثير بطولة كأس العالم لكرة القدم على المجالين الاقتصادي والاجتماعي»، توقعت الحكومة الروسية نتائج إيجابية للاقتصاد الروسي، تُقدر بنحو 867 مليار روبل روسي، أي ما يزيد على 14 مليار دولار أميركي. وقال أركادي دفوركوفيتش، نائب رئيس الحكومة الروسية، رئيس اللجنة التنظيمية لمونديال «روسيا - 2018»، إن استضافة روسيا للبطولة سيمنح الاقتصاد الروسي واحدا في المائة من الناتج الإجمالي المحلي سنوياً، وذهب أبعد من ذلك حين قال: «لو لم تكن هناك بطولة كأس العالم، ما كان الاقتصاد ليسجل النمو الذي نلاحظه الآن»، وأوضح أن نمو الناتج المحلي الإجمالي المتصل بالتحضيرات للمونديال، كان خلال السنوات الخمس الأخيرة يتحرك صعوداً، وبلغ خلال عام 2018 الحد الأقصى بنسبة 0.4 في المائة.
ويُذكر أن روسيا سجلت أعلى رقم تم إنفاقه حتى الآن على التحضيرات للمونديال، وبلغ نحو 12 مليار دولار أميركي، وتجاوزت بذلك البرازيل التي أنفقت على المونديال 11 مليار دولار. وقال دفوركوفيتش: «هذه ليست نفقات، وإنما هي استثمارات في واقع الأمر»، ووصفها «نفقات مثمرة، تقدم مساهمة مباشرة في حياة الناس». وتأمل روسيا بأن يوفر المشجعون للناتج المحلي الإجمالي أكثر من 120 مليار روبل، أي ما يكاد يصل إلى ملياري دولار، هي عبارة عن المبالغ التي سينفقونها على الإقامة والطعام والهدايا وغيره.
{موديز} تشكك بقدرة الاقتصاد الروسي على تحمل حزم عقوبات جماعية جديدة
قالت إن النتائج الاقتصادية للمونديال ستكون محدودة وقصيرة الأجل
{موديز} تشكك بقدرة الاقتصاد الروسي على تحمل حزم عقوبات جماعية جديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة