«الغربان»... تحولات المجتمع التونسي بعد «ثورة الياسمين»

رحيل الروائي الساخر حسين الواد عن 85 عاماً

حسين الواد وغلاف روايته الأخيرة
حسين الواد وغلاف روايته الأخيرة
TT

«الغربان»... تحولات المجتمع التونسي بعد «ثورة الياسمين»

حسين الواد وغلاف روايته الأخيرة
حسين الواد وغلاف روايته الأخيرة

رحل أخيراً في السعودية الروائي والباحث حسين الواد عن 70 سنة بعد معاناته من وعكة صحية. والراحل من مواليد مدينة المكنين في تونس حائز على شهادة دكتوراه في الآداب من جامعة تونس. عميد لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في القيروان وأمين عام للجنة الوطنية التونسية لدى اليونسكو والألكسو والإيسيسكو. له عدة مؤلفات في الأدب العربي، ونشر مجموعة روايات، آخرها ثلاثية «روائح المدينة». حائز على جائزة الكومار الذهبي للرواية العربية، ونال جائزة توفيق بكار عن مجمل أعماله في آخر معرض للكتاب في تونس هذا العام.
هذه قراءة في روايته الأخيرة:
يواصل الأكاديمي والروائي التونسي حسين الواد في أعماله كتابة تاريخ تونس عبر «روائح مدينته»، فبعد «روائح المدينة» في جزئها الأول الذي تناول فيه أجواء وحيثيات وأحداث تونس في الفترة الاستعمارية الفرنسية عبر الروائح المختلفة المنبعثة من المدينة، من روائح الياسمين إلى روائح المزابل مروراً بروائح لأطباق طعام شعبية وسواها.
في الجزء الثاني المكمل للأول انتقل الواد إلى مرحلة الاستقلال وركز اهتمامه على مرحلة ما بعد البورقيبية وما أصاب تونس من حالة متردية من الفساد والتسلط والمحسوبيات وانعدام القانون والمحاسبة، وخصوصاً لأعوان السلطة والمقربين والأقرباء من العائلتين الحاكمتين اللتين قام أفرادهما بالنهب المنظم للدولة ولبعض أملاك الشعب، دون ذكرهما بالاسم.
في «الغربان» التي ظهرت أخيراً عن «دار الجنوب»، وتم نشرها في معرض كتاب تونس الأخير، يرسم الكاتب صورة قاتمة لتونس التي فجرت شرارة الربيع العربي ثورة لم تكن بالحسبان أشعلها بائع الخضار محمد البوعزيزي بإحراق نفسه في سيدي بوزيد.
الراوي في هذه الرواية الطويلة (400 صفحة)، التي هي أقرب إلى سيرة ذاتية، هو «سي حميدة» المتقمص شخصية الكاتب، فهو عاش طفولة بائسة مع والدين متخاصمين انتهيا بالطلاق والزواج سريعاً كل من جانبه، فاضطر الطفل إلى العيش مع جده «في قرية على بعد بضعة كيلومترات من مدينته» يذرعها ذهاباً وإياباً يومياً للالتحاق بمدرسته. يقول: «جدي شحيح، فاسد الطوية، قبيح الوجه... ما تزوج امرأة إلا سارع عزرائيل إلى قبض روحها... عشت محروماً من معظم ما يسعد أترابي فكنت دائم الكدر». في مرحلة الإعدادي يحصل الطفل على إقامة في «مبيت التضامن الاجتماعي» وعمل في المعتمدية يدون فيها بيانات مختلفة في وقت كان فيه المتعلمون في البلد يعدون على الأصابع. كان يتردد على مكتبة عامة للتزود بالكتب فتعرف على «فيلسوف الشراسة» - كما كان يسميه الذي كان خير معين له في التعرف على الكتب القيمة، ثم جاء من يدعوه للانخراط في «التعاضدية» (تجربة اقتصادية اشتراكية قادها أحمد بن صالح خلال الستينات)، واضطر فيما بعد للهرب إلى الجزائر ومنها إلى باريس بعد فشل السياسة التعاضدية وانقلاب السلطة على بن صالح.
في باريس «هذه المدينة العجيبة»، يتقلب حميدة الشاب في الأعمال الوضيعة طلباً للعيش، ثم يتعرف على فتاة فرنسية يقطن معها في منزلها ويرزق منها مولودة - غير شرعية - ويفترقا بعد سنوات قضياها في تصادم مستمر بسبب الاختلاف الديني والثقافي والطبقي.
يعود سي حميدة وحيداً إلى تونس بعد أن احتفظت صديقته بابنتهما. وبدأ يعيش أجواء ما قبل الثورة؛ روائح الفساد، والتسلط، والتمرد تحت الرماد، وظاهرة التدين تتفشى كالحبر في الماء: «أعرف جيداً أهل هذه المدينة وأعرف جيداً أنهم كانوا، دائماً، يسرحون، في المنكر والمكروه والمحظور حتى إذا ما أدركوا الأربعين شرعوا في التردد على المساجد ليغسلوا، حسبهم، أنفسهم مما كانوا قد لوثوها به. أما هذه اللهفة على التظاهر بالتدين والتلويح بما يحملونه عنه من أفكار فشيء جديد، طال بي الاستغراب من (روائح الجنة) كيف هبت على مدينتنا عاصفة بالجميع بما في ذلك الشبان... أصبح المار بالطرقات... يشم ألواناً من الروائح لم تعهد أو تعرف بمدينتنا». تونس لم تعد كما كانت، الشباب الصاعد يطالب بالشغل والحرية والكرامة، حتى إذا اندلعت الشرارة الأولى هدرت الجموع في «دوار الجرة» بصوت واحد: «ارحل».
ينتقل سي حميدة يومياً من مكان إلى آخر يخالط الحلاق، وصاحب المكتبة، والعطار، وبائع الإطارات، والجزار، والمهندس المعماري، وعالم الاجتماع... عينة من المجتمع تعكس الجو العام في البلد عبر الحوارات ونشر الشائعات والأخبار. يعود «سي حميدة» إلى منزله منهكاً ليجد زوجته التونسية، التي يأسف أنها لا تجاريه ثقافة ولا علماً، قد طردت من عملها ليحل محلها أحد مقربي المتنفذين الجدد، الذين يصفهم الكاتب بـ«الملتحين» أو بصفة منحوتة من الإخوان «المتخونجين»، وكل من ركب موجة الإسلام السياسي.
كانت الأحزاب السياسية قد انتشرت كالفطريات بعد المطر: «انتشر فيروس تكوين الأحزاب في بلادنا رامياً بروائح غاية في العفن... الروائح هي هي زفرة... كثير من الأسماء، حتى باتت البلاد ترزح تحت أكثر من مائتي حزب تتهيأ جميعها للانتخابات: التعبئة للانتخابات بدأت ترسل روائح شبيهة بروائح البصل الخامج والكراث العفن»... «عمت النتونة كل شيء، تسربت إلى الأرواح، حتى العصافير التي كانت ببعض الأشجار سارعت بالفرار». التحولات التي طرأت على المجتمع التونسي تدعو للعجب، وتسبب صداعاً فكرياً في رأس سي حميدة؛ صعود العمليات الإرهابية والتطرف، وركوب موجة «التخونج»، وعمليات التهريب بكل أشكاله، وفتاوى غريبة كفتوى جهاد النكاح، وحرق مقامات بعض الأولياء، وفرض محرمات جديدة، وفصل الإناث عن الذكور، وتدمير البنوك الربوية، وإبطال العمل بقانون الأحوال الشخصية: «ما هذا الدين الجديد الذي خرج به علينا هؤلاء؟ كل شيء حرام أو مكروه».
ولم يصدق سي حميدة عينيه عندما حضر رجل ملتحٍ وشابة محجبة إلى منزله واكتشف أنها ابنته «غير الشرعية» كلارا التي أبلغته أن اسمها بات أم إسلام، وزوجها أبو أيوب، باتريك سابقاً: «شعرتُ كمن صب علي سطل ماء بارد».
ومع موجة الاغتيالات السياسية التي أقامت الدنيا في تونس، تم اغتيال السسولج صديق سي حميدة الحميم الذي لمواقفه المناهضة للملتحين، فيصاب في حالة من الهلوسات تعود به إلى ماضيه القديم عبر كوابيس لا تنتهي.
ونعرف من الزوجة فيما بعد أنه انتهى في مستشفى الرازي للأمراض العقلية.
هذه الرواية الطويلة (يشعر القارئ في بعض سردها الطويل كأنه يقرأ خبراً صحافياً بتفصيل ممل) قسمها حسين الواد إلى 3 أجزاء، وكل جزء مقسم إلى مقاطع وكل مقطع تتخلله عناوين فرعية تذكر بمقالات مطولة في صحافة الستينات والسبعينات.
رواية رغم متانة أسلوب الكاتب اللغوي وسرده للوقائع بتسلسل زمني ككتابة تحقيق، فإنها تفتقر لعنصر التشويق، فالقارئ المتابع لما جرى في تونس يعرف سلفاً عما سيتحدث الكاتب عنه في صفحات لاحقة حسب التسلسل الزمني للأحداث. ويتخلل النص بعض الكلمات المألوفة في تونس، لكن يصعب فهمها من قبل قارئ عربي عادي غير ملم خصوصاً باللغة الفرنسية.



رقصة هندية تلهم الروبوتات تعلّم حركات اليد المعقدة

عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
TT

رقصة هندية تلهم الروبوتات تعلّم حركات اليد المعقدة

عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)

استخلص باحثون في جامعة ماريلاند الأميركية بمقاطعة بالتيمور (UMBC) العناصر الأساسية لإيماءات اليد الدقيقة التي يستخدمها الراقصون في رقصة «بهاراتاناتيام» الهندية الكلاسيكية، ووجدوا «أبجدية» للحركة أغنى وأكثر ثراء مقارنةً بمسكات اليد الطبيعية.

ووفق دراستهم المنشورة في مجلة «ساينتفيك ريبورتس» (Scientific Reports)، يمكن لهذا العمل أن يُحسّن كيفية تعليم الروبوتات حركات اليد المعقدة، وأن يُوفر للبشر أدوات أفضل للعلاج الطبيعي.

ركّز رامانا فينجاموري، الأستاذ في جامعة ماريلاند بمقاطعة بالتيمور والباحث الرئيسي في هذا العمل، مختبره على فهم كيفية تحكم الدماغ في حركات اليد المعقدة.

ابتكر فينجاموري نهجاً جديداً لاستخلاص العناصر الأساسية من مجموعة واسعة من إيماءات اليد الدقيقة، المسماة «مودرا»، المستخدمة في الرقص الكلاسيكي الهندي لتعزيز عنصر سرد القصص في هذا الإطار الفني.

ويُطور الفريق البحثي حالياً تقنيات «لتعليم» الأيدي الروبوتية أبجديات الحركات وكيفية دمجها لإنشاء إيماءات يد جديدة، وهو ما يُمثل انحرافاً عن الأساليب التقليدية لتعليم الروبوتات تقليد إيماءات اليد، ويتجه نحو أسلوب جديد لكيفية عمل جسم الإنسان ودماغه معاً.

ويختبر الباحثون هذه التقنيات على يد روبوتية مستقلة وروبوت بشري، يعمل كل منهما بطريقة مختلفة ويتطلَّب نهجاً فريداً لترجمة التمثيلات الرياضية للتآزر إلى حركات جسدية.

يقول فينجاموري: «الأبجدية المُشتقة من مودرا أفضل بالتأكيد من أبجدية الفهم الطبيعي لأنها تُظهر قدراً أعلى من البراعة والمرونة».

وأضاف في بيان نُشر الخميس: «عندما بدأنا هذا النوع من الأبحاث قبل أكثر من 15 عاماً، تساءلنا: هل يُمكننا إيجاد أبجدية ذهبية يُمكن استخدامها لإعادة بناء أي شيء؟».

ووفق نتائج الدراسة يمكن استخدام هذا المفهوم لتفكيك تنوع مذهل من الحركات إلى عدد محدود من الوحدات الأساسية.

بحث الفريق عن العناصر الأساسية لحركات اليد وفهرستها (ساينتفيك ريبورتس)

وقبل أكثر من عقد من الزمان، بحث فينجاموري وشركاؤه عن العناصر الأساسية لحركات اليد وفهرستها، بالاعتماد على مفهوم يُسمى التآزر الحركي، إذ يُنسّق الدماغ حركات مفاصل متعددة باليد في آنٍ واحد لتبسيط الحركات المعقدة.

بدأ فينجاموري وطلابه بتحليل مجموعة بيانات تضم 30 مسكة يد طبيعية، تُستخدم لالتقاط أشياء تتراوح أحجامها بين زجاجات المياه الكبيرة وحبات الخرز الصغير.

اختبر الفريق بعد ذلك مدى قدرة التآزرات المستمدة من الإمساك الطبيعي على الجمع لإنشاء حركات يد غير مرتبطة مقارنةً بالتآزرات المستمدة من المودرا. وقد تفوقت التآزرات المستمدة من المودرا بشكل ملحوظ على تآزرات الإمساك الطبيعي باليد، وفق نتائج الدراسة.

يقول بارثان أوليكال، العضو المخضرم في مختبر فينجاموري الذي يسعى حالياً للحصول على درجة الدكتوراه في علوم الحاسوب: «عندما تعرَّفت على مفهوم التآزر، أصبح لدي فضول كبير لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا استخدامه لجعل اليد الروبوتية تستجيب وتعمل بطريقة اليد البشرية نفسها».

ويضيف: «لقد كان من دواعي سروري أن أُضيف عملي الخاص إلى جهود البحث، وأن أرى النتائج».

يستخدم الفريق كاميرا بسيطة ونظاماً برمجياً للتعرُّف على الحركات وتسجيلها وتحليلها، وهو ما يُسهم بشكل كبير في تطوير تقنيات فعالة من حيث التكلفة يمكن للناس استخدامها في منازلهم.

في نهاية المطاف، يتصوَّر فينجاموري ابتكار مكتبات من الأبجديات المُخصصة لمهام روبوتية مُحددة، يُمكن استخدامها حسب الاحتياجات، سواءَ كان ذلك إنجاز الأعمال المنزلية اليومية من بينها الطهي أو طيّ الملابس، أو أي شيء أكثر تعقيداً ودقة، مثل العزف على آلة موسيقية.


تكريم عمر خيرت في الدورة الأولى لـ«مهرجان الأوبرا» بقطر

الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
TT

تكريم عمر خيرت في الدورة الأولى لـ«مهرجان الأوبرا» بقطر

الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)

يستهل «مهرجان الأوبرا العربية» فعاليات دورته الأولى في قطر بتكريم الموسيقار المصري عمر خيرت، وذلك برعاية وتنظيم «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم» (الألكسو)، حيث اختيرت مصر ضيف شرف المهرجان بوصفها صاحبة أقدم دار أوبرا في العالم العربي.

وتنطلق الدورة الأولى للمهرجان بالتعاون مع المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) خلال الفترة من 8 حتى 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقد تقرَّر تكريم عمر خيرت «تقديراً لعطائه وعرفاناً بدوره الرائد في إثراء ساحة الإبداع العربي»، وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية. ويقدِّم «أوركسترا القاهرة السيمفوني» بقيادة المايسترو أحمد عاطف حفلاً يتضمن مجموعة من المؤلفات المصرية لكل من علي إسماعيل، وفؤاد الظاهري، ويوسف شوقي، وعمار الشريعي، وحسن أبو السعود، وعمر خيرت، وأندريا رايدر.

وعدَّ الدكتور علاء عبد السلام، رئيس «دار الأوبرا المصرية»، اختيار الأوبرا المصرية ضيف شرف الدورة الأولى «تأكيداً لأعرقيَّتها عربياً»، مشيراً إلى أن ذلك «يُبرز عمق العلاقات بين الأشقاء ويعكس التطلعات إلى مستقبل أكثر إشراقاً للفنون في المنطقة». وأضاف أن «احتضان دولة قطر للمهرجان خطوة ثقافية رائدة تعكس تقديرها للمسار الفني العربي، وتُبرز أهمية تلاقي التجارب والمؤسسات الفنية في فضاء واحد تُصاغ فيه مشروعات جديدة وتُفتح آفاق رحبة للتعاون والإبداع».

«دار الأوبرا المصرية» ضيف شرف «مهرجان الأوبرا» بقطر (وزارة الثقافة المصرية)

وقال الناقد الفني المصري أحمد السماحي إن «عمر خيرت يستحق هذا التكريم عن جدارة؛ فهو منذ بداياته يقدِّم نغمة مختلفة ومتجددة، وعمل على تطوير الموسيقى المصرية من خلال توزيعاته أولاً ثم من خلال مؤلفاته». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «خيرت من أوائل من ساهموا في تطوير التوزيع الموسيقي في الوطن العربي، ونجح في جذب أجيال واسعة، خصوصاً من الشباب، إلى الموسيقى، وقدّم ألبومات موسيقية خالصة بأسلوب متفرد حظيت بنجاح وانتشار كبيرين».

وقدّم عمر خيرت عدداً كبيراً من الألبومات والمقطوعات التي ارتبطت بالدراما والسينما، وغنَّى من أعماله نجوم الطرب في مصر والعالم العربي، مثل علي الحجار، ومحمد الحلو، ومدحت صالح، وحنان ماضي، ولطيفة. ومن أشهر مقطوعاته السينمائية «قضية عم أحمد»، و«إعدام ميت»، و«ليلة القبض على فاطمة»، و«عفواً أيها القانون»، ومن موسيقاه في الدراما «ضمير أبلة حكمت»، و«البخيل وأنا»، و«غوايش».

وكان مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية، الذي عقد دورته الـ24 في الرباط (المغرب)، قد أقر إقامة «مهرجان الأوبرا العربية» في قطر، واختيرت «دار الأوبرا المصرية» ضيف شرف دورته الأولى بالنظر إلى أسبقيتها التاريخية، إذ أسَّست مصر أول دار أوبرا في الوطن العربي، وفق بيان وزارة الثقافة.

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «تكريم عمر خيرت في (مهرجان الأوبرا العربية) الأول يعكس القيمة الكبيرة التي يُمثِّلها في الموسيقى العربية، وليس المصرية فقط»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الاختيار موفَّق جداً، سواء في تكريم خيرت أو في اختيار (دار الأوبرا المصرية) ضيفَ شرفٍ بوصفها الأقدم عربياً».

أُنشئت «دار الأوبرا المصرية» عام 1869 على يد الخديو إسماعيل ضمن احتفالات افتتاح قناة السويس. وبعد أكثر من قرن كانت فيه الأوبرا الخديوية المنارة الثقافية الأبرز في الشرق الأوسط وأفريقيا؛ احترق مبناها في أكتوبر (تشرين الأول) 1971. ومن ثَمَّ اختيرت أرض الجزيرة مقراً للمبنى الجديد بالتنسيق مع هيئة التعاون الدولية اليابانية (JICA) والاتفاق على تصميم معماري إسلامي حديث، ليُفتتح المبنى الجديد في 10 أكتوبر 1988.


«حجر رشيد»... رحلة الأثر الذي فك طلاسم الحضارة المصرية

«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
TT

«حجر رشيد»... رحلة الأثر الذي فك طلاسم الحضارة المصرية

«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)

تحت عنوان «حجر رشيد: مفتاح الحضارة المصرية»، أنتجت مكتبة الإسكندرية فيلماً وثائقياً جديداً هو الخمسون ضمن مشروع «عارف... أصلك مستقبلك» الذي يتناول موضوعات تاريخية وبيئية، ورموزاً في مجالات شتى، ويقدم رحلة بصرية شيقة تمزج بين دقة المعلومة التاريخية وسحر الحكاية.

الفيلم الأحدث بسلسلة الأفلام الوثائقية يتناول حجر رشيد؛ ليس كمجرد قطعة أثرية؛ بل كقصة حضارة خالدة ألهمت العالم أجمع، من خلال استعراض أن الحضارة المصرية قد بدأت قبل عملية التدوين.

يستعرض الفيلم تطور أنظمة الكتابة المصرية القديمة، عبر الخطوط الثلاثة المنقوشة على الحجر، وهي: الهيروغليفية (الرسم المقدس)، والهيراطيقية (خط الكهنة)، والديموطيقية (الخط الشعبي)، وصولاً إلى القبطية التي مثلت الجسر الصوتي للغة المصرية القديمة.

ويتتبع الفيلم رحلة الحجر الأثري، بدءاً من معبد «سايس» بمحافظة الغربية، ومروراً باستخدامه كحجر بناء في قلعة «قايتباي» ببرج رشيد خلال العصور الوسطى، حتى اكتشافه عام 1799 على يد الملازم الفرنسي بيار بوشار.

ويسرد الفيلم قصة الصراع اللاحق عليه بين القوات الفرنسية والإنجليزية، الذي انتهى بوجود الحجر في المتحف البريطاني حالياً.

ويُبرز الفيلم المعركة العلمية الطويلة التي دارت لفك طلاسم الحجر، مسلطاً الضوء على جهود العلماء الأوائل، مثل السويدي يوهان أكربلاد، والإنجليزي توماس يانغ. ويُظهر الوثائقي كيف نجح العبقري الفرنسي جان فرنسوا شامبليون في تحقيق الانتصار العلمي. ويكشف أن تفوق شامبليون جاء نتيجة إجادته للغة القبطية التي استخدمها لربط الصوت بالصورة في النصوص القديمة. ففي سبتمبر (أيلول) 1822، أعلن شامبليون نجاحه في فك أول رموز الكتابة المصرية القديمة. وبهذا الإنجاز، تحول حجر رشيد رسمياً من مجرد وثيقة ملكية قديمة للإعفاء من الضرائب إلى أيقونة عالمية، ومفتاح جوهري لفهم التراث الإنساني.

الكتابة المصرية القديمة ظلت لغزاً لزمن طويل (مكتبة الإسكندرية)

ووفق مدير مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي، بقطاع التواصل الثقافي في مكتبة الإسكندرية، الدكتور أيمن سليمان، فإن الاهتمام بإنتاج فيلم عن حجر رشيد يعود لأهمية هذا الحجر، ودوره في الكشف عن أسرار الحضارة المصرية القديمة، بعد فك طلاسم لغتها ومعرفة أبجديتها، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «فمن خلال لوحة تعود للعصر اليوناني– البطلمي عبارة عن مرسوم ملكي للإعفاء من الضرائب، وُضعت في كل المعابد تقريباً، نقل جزء منها لإعادة بناء قلعة قايتباي على نهر النيل بمدينة رشيد، استطاع العلماء فك رموز الكتابة المصرية»؛ لافتاً إلى أن عالم الآثار الفرنسي جان فرنسوا شامبليون (1790– 1832) استطاع أن يترجم ويكشف عن اللغة المصرية القديمة، نظراً لمعرفته اليونانية والقبطية، وبالمقارنة استطاع أن يترجم منطوق اللفظ والكلمة من الخط المصري القديم؛ سواء المقدس (الهيروغليفي) أو الخط الشعبي (الديموطيقي).

وقدمت سلسلة «عارف... أصلك مستقبلك» 49 فيلماً وثائقياً من قبل، من بينها أفلام: «وادي حيتان»، و«بورتريهات الفيوم»، و«أبو العباس المرسي»، و«الألعاب في مصر القديمة»، و«حديقة الزهرية»، و«توت عنخ آمون الملك الذهبي»، و«أمير الخرائط».