عشرات القتلى بغارات في ريف إدلب

مظاهر الدمار بعد غارة على زردنا في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
مظاهر الدمار بعد غارة على زردنا في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

عشرات القتلى بغارات في ريف إدلب

مظاهر الدمار بعد غارة على زردنا في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
مظاهر الدمار بعد غارة على زردنا في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

قتل 44 مدنياً ليل الخميس في غارات يرجح أن طائرات روسية نفذتها مستهدفة بلدة في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، وفق حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الإنسان. ونفت موسكو مسؤوليتها.
واستهدف القصف الجوي ليلاً منطقة سكنية في وسط بلدة زردنا في ريف إدلب الشمالي الشرقي، التي تتواصل فيها عمليات البحث عن عالقين تحت الأنقاض.
وكان المرصد أفاد ليلاً عن حصيلة أولية من 18 قتيلاً مدنياً قبل أن ترتفع على مراحل مع استمرار عمليات البحث. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية «ارتفعت حصيلة القتلى تدريجياً مع انتشال المزيد من القتلى من تحت الأنقاض ووفاة مصابين متأثرين بجراحهم»، مشيراً إلى أن بين القتلى الـ44، ستة أطفال.
ورجح عبد الرحمن أن تكون «طائرات حربية روسية شنت الغارات». ويحدد المرصد السوري الطائرات التي تنفذ الضربات انطلاقاً من اتجاهات تحليقها وأنواعها والذخائر المستخدمة.
وشاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في المكان رجالاً مرميين على الأرض بين الركام، ويصرخ أحد عناصر الدفاع المدني لزميله «اطلب إرسال شباب لنقل هؤلاء الشهداء».
وفي مستشفى في بلدة قريبة، انهمك الكادر الطبي في علاج الجرحى، بينهم فتى بدا فاقداً للوعي، وآخر لا يقوى على فتح عينيه وقد غطت الدماء وجهه.
وتسيطر على بلدة زردنا فصائل إسلامية وأخرى متطرفة بينها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).
وتسيطر هيئة تحرير الشام على الجزء الأكبر من محافظة إدلب مع تواجد محدود لفصائل إسلامية أخرى. وقد استعادت قوات النظام إثر هجوم عنيف نهاية العام الماضي السيطرة على عشرات القرى والبلدات في ريفها الجنوبي الشرقي.
ولطالما شكلت إدلب خلال السنوات الماضية هدفاً للطائرات الحربية السورية والروسية، إلا أن وتيرة القصف الجوي تراجعت بشكل كبير خلال الأشهر الماضية.
وتشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التوتر برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق عملياً في إدلب في سبتمبر (أيلول) الماضي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.