المغرب ينتقد تقرير «هيومن رايتس وتش» بشأن مظاهرات جرادة

من أحداث جرادة.
من أحداث جرادة.
TT

المغرب ينتقد تقرير «هيومن رايتس وتش» بشأن مظاهرات جرادة

من أحداث جرادة.
من أحداث جرادة.

انتقدت الحكومة المغربية التقرير الذي أصدرته منظمة «هيومن رايتس ووتش» بشأن الاحتجاجات التي عرفتها مدينة جرادة (شرق البلاد)، وقالت إنه «تضمن ادعاءات ومغالطات مجانبة للصواب، ومخالفة للحقيقة والواقع».
وكانت أحداث جرادة قد اندلعت في 22 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد وفاة عامل في منجم عشوائي لاستخراج الفحم، تلتها وفاة شخص آخر في الظروف نفسها.
وأفاد تقرير للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان بأن الحكومة «حرصت منذ الواقعة المؤلمة على إبداء تفاعلها الإيجابي مع المتطلبات التنموية بالإقليم، وهو ما تم تجسيده منذ البداية من خلال استبعاد أي مقاربة أمنية في التعامل مع الوقفات الاحتجاجية، المنظمة من طرف السكان لما يقارب ثلاثة أشهر».
وأضاف التقرير أن الحكومة حرصت أيضاً على «تغليب منطق الحوار والتشاور»، من خلال ثلاثة مستويات: الأول تمثل في اللقاءات التي عقدتها السلطات مع مختلف الفرقاء بالإقليم. والثاني تجسد في زيارات تفقدية للحكومة، من بينها زيارة رئيس الحكومة لجهة الشرق في 10 من فبراير (شباط) الماضي. أما المستوى الثالث فهو الإعلان عن عدد من مشاريع التنمية بالمنطقة».
ورداً على تقرير المنظمة الذي حمل عنوان «قمع جديد للاحتجاجات في المغرب: قوة مفرطة واعتقالات وسوء معاملة في جرادة»، أوضحت المندوبية أن سبب تدخل قوات الأمن يعود إلى أن «بعض الفئات» تعاملت مع المبادرات الحكومية بـ«الرفض والعدمية»، ولم تكتف بذلك، بل «حاولت الدفع بالمناطق المجاورة إلى الاحتقان»، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال انتقال المئات من المتظاهرين من جرادة إلى العيون الشرقية بإقليم تاوريرت، بتاريخ 11 مارس (آذار) الماضي. الأمر الذي استدعى «قرار وزارة الداخلية التدخل لمنع التظاهر غير المصرح به في الشارع العام، والتعامل بكل حزم مع التصرفات والسلوكيات غير المسؤولة، حفاظاً على الأمن وضماناً للسير العادي للحياة العامة، وحماية لمصالح المواطنات والمواطنين».
كما كشف التقرير الحكومي أن «بعض العناصر الملثمة قامت باستفزاز ومهاجمة القوات العمومية، مدججين بالعصي والحجارة والأسلحة البيضاء، ما نتج عنه وقوع إصابات بين الطرفين، من بينها إصابة 280 عنصراً من القوات العمومية بجروح متفاوتة الخطورة، نقل 31 منهم لتلقي العلاج بعد تعرضهم لإصابات خطيرة، كما تم تسجيل إصابة 29 شخصاً من المتظاهرين، تم نقل 3 منهم إلى المصالح الطبية لتلقي الإسعافات اللازمة، إضافة إلى إلحاق خسائر جسيمة بـ117 عربة تابعة للقوات العمومية، منها 6 سيارات تعرضت لإضرام النار».
وعلى خلفية هذه الأحداث، ذكر تقرير المندوبية الوزارية «أنه تمت متابعة 91 شخصاً من أجل الاشتباه في ارتكابهم أعمال عنف، وأفعالاً مجرمة قانوناً أمام المحاكم المختصة بالمنطقة، وقضت بعقوبات متفاوتة في حق 11 شخصاً، من بينهم 7 أشخاص صدرت في حقهم عقوبات موقوفة التنفيذ، و4 أشخاص صدرت في حقهم عقوبات نافذة. بينما ما زال آخرون أمام هيئات التحقيق أو الحكم، وعددهم 80 شخصاً، من بينهم 11 شخصاً في حالة سراح (7 راشدون و4 أحداث)، و69 في حالة اعتقال».
وخلص التقرير إلى أن حادث وفاة مواطنين في ظروف مأساوية «كان بسبب عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة واحترام شروط السلامة الضرورية»، مشيراً إلى أن التظاهر الذي عرفته المنطقة لمدة 3 أشهر «لم يعرف أي مواجهة من طرف السلطات العمومية».
وأكد التقرير أن «الاستفزازات الصادرة عن بعض المتظاهرين في حق القوات العمومية أدت إلى مواجهات بين الطرفين أسفرت عن وقوع إصابات في صفوف العناصر الأمنية والمتظاهرين، إضافة إلى إلحاق خسائر جسيمة بسيارات الدولة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.