سيكون المدرب الكولومبي هرنان داريو غوميز على موعد مع مهمة اعتاد عليها في مسيرته، وهي قيادة منتخب إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم وفيها، إلا أنه سيكون في روسيا على موعد مع تحد مختلف بقيادة بنما في أول مشاركة لها في المونديال.
ستكون نهائيات 2018 محطة جديدة في مسيرة حافلة للمدرب البالغ من العمر 62 عاما، بعد تجارب مع منتخبات كولومبيا والإكوادور وغواتيمالا.
بدأت مسيرة غومير التدريبية كمساعد لفرانسيسكو ماتورانا، في مهمة تخللتها قيادة كولومبيا إلى كأس العالم مرتين في 1990 و1994.
وفي 1995، تولى غوميز مقاليد الإدارة الفنية للمنتخب، ونجح في إيصاله إلى مونديال 1998 في فرنسا، حيث فشل في عبور الدور الأول. وبعد عام، عين مدربا للإكوادور وتمكن أيضا من تحقيق الأهم، بقيادتها إلى نهائيات كأس العالم في كوريا الجنوبية واليابان 2002، للمرة الأولى أيضا.
بقي غوميز مدربا للإكوادور حتى عام 2004، بعد ذلك بعامين، تولى تدريب منتخب غواتيمالا لعامين، قبل الانتقال إلى نادي سانتا في العاصمة بوغوتا لفترة عام، والعودة إلى المنتخب الوطني الكولومبي في 2010.
وفي تجربته الثانية مع منتخب بلاده لم تسر الأمور على أفضل ما يرام، إذ انتهت بعد نحو عام إثر اتهامه بالتعدي على امرأة تردد أنها أهانته في إحدى حانات كولومبيا. استقال غوميز وقال في بيان أن ما قام به «هو أمر مشين من جانبي حيال والدتي، زوجتي، وكل امرأة في عائلتي وفي بلادي».
وبعدما بدا أن مسيرة المدرب قد شارفت على الأفول، منح فرصة جديدة بدءا من العام 2014 مع بنما، لمحاولة تعويض الخيبة الكبيرة التي وجدها مع منتخب البلاد بفشله في بلوغ مونديال البرازيل 2014.
ولدى تعيينه مدربا لبنما قال غوميز: «اليوم نبدأ المسار الذي سيحملنا إلى روسيا 2018». وفي 18 يونيو (حزيران) عندما تخوض بنما مباراتها الأولى في المجموعة السابعة ضد بلجيكا، سيكون المدرب المخضرم قد وفى بوعده. واكتسب غوميز مكانة البطل القومي في بنما. وعلى رغم أن المنتخب الصغير ليس مرشحا لعبور الدور الأول في مجموعة تضم أيضا إنجلترا وبلجيكا وتونس، إلا أن المدرب لا يخفي فرحته قائلا: «أنا سعيد في بنما. الناس يظهرون عاطفة تجاهنا. يحبون ويحترمون المنتخب الوطني وما حققناه».
وأضاف: «ثمة الكثير من الحب حاليا. أشعر وكأنها المرة الأولى التي أشارك فيها بكأس العالم. أنا سعيد وفخور. سأقول للناس: استمتعوا بذلك». وعلى عكس أغلب الدول في أميركا اللاتينية لا تتمتع كرة القدم في بنما بقاعدة جماهيرية كبيرة، حيث كانت حتى سنوات قليلة ماضية تأتي خلف الملاكمة والبيسبول.
ولم تسلك بنما طريقا يؤدي إلى كأس العالم حتى شاركت في تصفيات 1978، لكن هذا الوضع تغير في العقد الأخير وأصبحت من المنتخبات القوية في اتحاد أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي (كونكاكاف).
ومنذ 2005 بلغت نهائي الكأس الذهبية مرتين، كما ظهرت في الدور قبل النهائي في مناسبتين من بينهما هزيمة مؤلمة أمام المكسيك في 2015. وأشار غوميز إلى أنه لم يتوقع أن يتأهل لكأس العالم بهذا الشكل المبكر، واعترف بأن بنما هو المنتخب الوحيد الذي أرادت المنتخبات الـ31 الأخرى وقوعه معها في المجموعة».
وأضاف: «هذا بلد صغير في كرة القدم وتأهلنا قبل الأوان. بنما لا تملك ليونيل ميسي أو نيمار أو كريستيانو رونالدو».
لكن مع تراجع الولايات المتحدة وسلسلة من النتائج كانت في صالحها احتلت بنما المركز الثالث في الدور الأخير لتصفيات اتحاد الكونكاكاف رغم فوزها في ثلاث من عشر مباريات وتسجيلها تسعة أهداف.
وبعد فوزها 2 - 1 على كوستاريكا في المباراة الأخيرة أنهت بنما التصفيات متقدمة بفارق الأهداف عن هندوراس ونقطة واحدة عن الولايات المتحدة التي خسرت 2 - 1 أمام ترينيداد وتوباغو.
وفجأة بلغت كأس العالم لكنها تدرك الآن أنها وصلت إلى مرحلة أبعد من أكبر آمالها.
ولا تفتقر بنما، للخبرة وخاض ستة من لاعبيها الذين شاركوا في الصعود لكأس العالم أكثر من 100 مباراة دولية. لكن ما يعيب الفريق هو أن الحارس خايمي بينيدو وثنائي الدفاع فيليبي بالوي ورومان توريس ولاعبي الوسط غابرييل غوميز والبرتو كينتيرو والمهاجمين بلاس بيريز ولويس تيخادا تخطوا حاجز 30 عاما.
والافتقار للخبرة ضد منتخبات خارج اتحاد الكونكاكاف يمثل قلقا والهزيمة الثقيلة 6 - صفر أمام سويسرا والتي وصفها غوميز بأنها «كشفت» الفريق تركت المدرب في حالة خوف.
وقال: «حققنا حلما بتأهلنا لكأس العالم، لكن ما زال أمامنا الكثير من العمل عندما نصل إلى هناك. هذه مهمة كبيرة وعلينا العمل لتقديم أداء مشرف يمكن أن يسعد الجماهير في بنما».
التشكيلة
المدير الفني: الكولومبي هرنان داريو غوميز
حراس المرمى: خايمي بينيدو وخوسيه كالديرون وأليكس رودريغيز.
الدفاع: مايكل أمير مورييو وهارولد كامينغز وفيدل اسكوبار ورومان توريس وأدولفو ماشادو وإيريك ديفيس ولويس أوفالي وفيليبي بالوي.
الوسط: غابريال غوميز وإدغار بارسيناس وأرماندو كوبر وفالنتين بيمنتيل وألبرتو كوينتيرو وأنيبال غودوي وخوسيه لويس رودريغيز.
الهجوم: بلاس بيريز وغابريال توريس وإسماعيل دياز ولويس تيخادا وأبدييل أرويو
نجم الفريق
رومان توريس
ثارت ضجة كبيرة حول هدف رومان توريس الذي قاد بنما للوصول إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم لأول مرة، وتسبب في الوقت ذاته في إخفاق الولايات المتحدة في الذهاب إلى روسيا.
وكان قلب الدفاع البالغ عمره 32 عاما مؤثرا في مشوار تطور بنما من منتخب متواضع في اتحاد أميركا الشمالية والوسطى ودول الكاريبي (الكونكاكاف) وكان حاضرا في الفريق الذي كان على أعتاب التأهل إلى النهائيات منذ أربع سنوات. وفي ظل التعادل 1 - 1 في الجولة الأخيرة من تصفيات كأس العالم 2018 أمام كوستاريكا ترك توريس موقعه الدفاعي وتقدم إلى الأمام دون تعليمات من الجهاز الفني.
وكان يتبقى ثلاث دقائق فقط على النهاية ونجح بضربة رأس في وضع الكرة في مرمى باتريك بيمبرتون حارس كوستاريكا ليسجل لحظة تاريخية للبلاد وصفتها صحيفة لابرينسا المحلية بأنها «معجزة رومان».
وتسببت تلك اللقطة في عقد مقارنات مع مأساة الإخفاق في التأهل منذ أربع سنوات، عندما خسرت بنما 3 - 2 أمام الولايات المتحدة في الجولة الأخيرة من التصفيات، لتحصل المكسيك على بطاقة الظهور في الملحق.
وكتبت الصحيفة المحلية «قبل أربع سنوات كانت دموع الألم حاضرة. الآن جاءت دموع السعادة. بنما ستذهب إلى روسيا 2018 والبطل اسمه رومان توريس». وأدرك توريس، الذي خاض 108 مباريات دولية مع بلاده ويرتبط بفريق سياتل ساوندرز في الدوري الأميركي، سريعا أن الإنجاز الذي تحقق جاء نتيجة لجهود سنوات طويلة. وقال توريس: «إنه شيء نسعى إليه منذ وقت طويل جدا. لا يمكنني الحديث عن الأمر والاستاد كان ممتلئا بالسعادة وكانت النشوة حاضرة بقوة لما حدث. كانت لحظة تاريخية للبلاد ولمنتخبنا الوطني». وفي فترة شهدت العديد من الانتقالات من الأميركيتين إلى أوروبا لم يكن غريبا أن يستمر توريس معظم فترات مسيرته في كولومبيا والولايات المتحدة. وارتبط توريس أكثر من مرة بإمكانية الانتقال إلى إنجلترا، لكن رغم الحديث عن اهتمام سوانزي سيتي ونوتنغهام فورست الذي قام باختباره لفترة قصيرة، فإنه لم يلتحق في النهاية بكرة القدم الإنجليزية.
ورغم ذلك بدأ توريس يستمتع بفترات تألق في الدوري الأميركي وزادت شعبيته في سياتل في 2016 عندما سجل ركلة الترجيح الحاسمة أمام تورونتو ليحرز لقب المسابقة الذي كان الأول في تاريخ ناديه.
وعندما يشارك لأول مرة في نهائيات كأس العالم ويواجه بلجيكا في 18 يونيو فمن المرجح أن يخوض مواجهة ثنائية مع روميلو لوكاكو وستكون الفرصة متاحة أمام المدافع الصلب لإظهار قوته أمام العالم.