كيزل عمر: ندرّس كل أنواع الشعر العربي... من العمودي إلى قصيدة النثر

أستاذ اللغة العربية بجامعة كيرلا الهندية يتحدث عن مكانة العربية في بلاده

كيزل عمر يقدم بحثه في المؤتمر الدولي السابع للغة العربية في دبي
كيزل عمر يقدم بحثه في المؤتمر الدولي السابع للغة العربية في دبي
TT

كيزل عمر: ندرّس كل أنواع الشعر العربي... من العمودي إلى قصيدة النثر

كيزل عمر يقدم بحثه في المؤتمر الدولي السابع للغة العربية في دبي
كيزل عمر يقدم بحثه في المؤتمر الدولي السابع للغة العربية في دبي

الدكتور سهيل بلاونتي كيزل عمر، هو أستاذ مساعد في كلية الأدب العربي بجامعة كيرالا (Kerala) الحكومية. وتقع ولاية كيرلا على ساحل المحيط الهندي جنوب الهند، وعدد سكانها زهاء 34 مليون نسمة، بينهم 25 في المائة مسلمون، واللغة العربية الثانية في ولاية كيرلا بعد اللغة الرسمية الإنجليزية، وأغلب المسلمين في الولاية يقرأ ويكتب اللغة العربية، لكن يصعب عليهم التحدث بها. في هذا الحوار، يتحدث بلاونتي، الذي قدم أخيراً بحثاً في المؤتمر الدولي السابع للغة العربية الذي نظم في دبي، عن تجربته في تعليم العربية، والإقبال عليها في الدراسات العليا، والدعم الذي تقدمه حكومة الولاية، وكذلك تدريس الأدب العربي، القديم والحديث. وفيما يلي نص الحوار:

- دكتور سهيل بلاونتي كيزل عمر، حدّثنا عن تجربتك مع تعلم وتعليم اللغة العربية؟
- حصلت على دكتوراه في آداب اللغة العربية من جامعة كيرلا، ومنذ ثماني سنوات أدرّس في الكلية نفسها، حيث أشرف على طلبة الماجستير. لدينا 100 طالبة وطالبة يدرسون الماجستير في اللغة العربية، وتقدم حكومة كيرلا رسمياً الدعم المالي لتدريس اللغة العربية، وهذا الدعم لا نجده في أي بلد غير عربي تُدرس فيها اللغة العربية لغير الناطقين بها.
- منذ متى بدأ تدريس اللغة العربية في ولايتكم كيرلا، وهل ثمة أسباب دفعت لتدريسها؟
- بدأ تدريس اللغة العربية رسمياً في جامعة كيرلا الحكومية عام 1912، وفي عام 2012 احتفلنا بمرور مائة عام على تدريسها بجامعتنا، هذا من حيث التدريس الرسمي للغة العربية، بينما تدريسها في المدارس الدينية لتعليم القرآن بدأ منذ زمن بعيد بحكم العلاقات الوثيقة بين الهند والبلاد العربية منذ القديم، ويعود تدريسها في ولاية كيرلا إلى وجود مسلمين يشكلون ما لا يقل عن ربع السكان، الذين رفضوا إبان الاستعمار الإنجليزي للهند التعلم في مدارس الاحتلال الإنجليزي؛ لأنهم كانوا يناهضون وجود الإنجليز في الهند. حينها فكرت الحكومة بطريقة تجذب المسلمين الأميين للدراسة، فوجدت ضالتها في تعليم القرآن الكريم وهو الكتاب المقدس للمسلمين، وأصبح القرآن يُدرس رسمياً في المدارس الحكومية، فأقبل المسلمون على مزاولة الدراسة فيها، وهكذا كانت بداية تدريس اللغة العربية في ولاية كيرلا، بالإضافة إلى مدارس أهلية دينية كثيرة منتشرة في كيرلا تدرس اللغة العربية.
- هل هناك فرص عمل في القطاع الحكومي لحملة شهادات في اللغة والأدب العربيين؟
- نعم، توجد فرص كثيرة، فهناك أكثر من 10 آلاف مدرس يعملون مدرسين للغة العربية في أكثر من 6 آلاف مدرسة تُدرس فيها هذه اللغة من الصف الأول إلى الصف الثاني عشر (بكالوريا). وتخصص حكومة كيرلا منحة دراسية لدارسي اللغة العربية، ويوجد مجلس مهمته إعداد الكتب والمناهج التعليمية للمدارس والمعاهد والجامعات تحت إشراف وزارة التربية والتعليم العالي في كيرلا.
- كم يبلغ عدد الحصص المكرسة لتدريس العربية؟
- في المدارس من الصف الأول إلى الصف العاشر هناك 4 حصص في الأسبوع لدراسة اللغة العربية. والنظام الدراسي عندنا ينقسم إلى أربع مراحل؛ المرحلة الابتدائية من الصف الأول إلى الصف الرابع، والمرحلة الابتدائية العالية من الصف الخامس إلى الصف السابع، والمرحلة الثانوية من الثامن إلى العاشر، والمرحلة الثانوية العالية من الحادي عشر إلى الثاني عشر.
بعد الصف العاشر، أي المرحلة الثانوية العالية، هناك 6 حصص أسبوعياً لتدريس اللغة العربية. والطلاب يختارون اللغة العربية لغةً ثانيةً، ويختارون معها لغات ثانية أخرى مثل لغتنا الهندية، واللغة المحلية ماليالمية، إلى جانب اللغة الإنجليزية التي هي اللغة الأولى.
وفي كلية الأدب العربي ندرس البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في اللغة العربية وآدابها. والمنهج الدراسي الجامعي يغطي الأدب الجاهلي وحتى العصر الحديث، بما فيه الشعر والرواية والقصة والمسرح والترجمة والنحو والبلاغة، وغير ذلك.
- أيوجد تعاون مع الجامعات العربية لإيفاد مدرسين في اللغة العربية إلى كيرلا، أم أن كادر التدريس هندي بالكامل؟
- في معظم الأحوال الهنود يدرسون اللغة العربية، لكن في بعض المعاهد الدينية غير الحكومية أو في الجامعات الخاصة، يوظف أساتذة من بلاد العرب لتدريس اللغة العربية، بينما التعليم الرسمي مقصور على المدرسين الهنود، لكن بعض الجامعات الرسمية لها يحق لها توظيف أساتذة من غير الهنود لتدريس اللغة العربية.
- هل تمنح وزارة التعليم العالي بكيرلا منحاً دراسية لمتابعة الدراسة في الجامعات العربية؟
- نعم، يوجد تعاون مع بعض المعاهد وبعض الجامعات، ونحن نبعث طلاباً لبعض البلدان العربية ليدرسوا اللغة وطرائق تدريسها لغير الناطقين بغيرها. ونتعاون مع بعض المعاهد الدينية في مصر مثل جامعة الأزهر، وكذلك مع معاهد دينية حكومية في السعودية. نرسل كذلك مدرسين لورش تدريب ينظمها «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية»، وقد اشتركت في ورشة هناك استمرت ستة أيام.
لكن لدينا مشكلة وهي أننا تعلمنا اللغة العربية من الكتب وهي اللغة الفصحى ولم نتعايش مع المجتمع العربي لنعرف لغته العامية، فلا نعرف الدارجة في البلدان العربية، كما أن دارسي اللغة العربية في كيرلا يعرفون القراءة والكتابة، لكنهم لا يجيدون التحدث بالعربية.
- أنت مدرس اللغة العربية وشاعر، هل ثمة علاقة بين الشعر العربي والشعر الهندي؟
- هناك بعض الإشارات في الشعر العربي تدلل على العلاقة الوثيقة بين الهند والعرب، منها ما ورد في قصيدة «البردة» للشاعر كعب بن زهير في مدح الرسول - صلى الله عليه وسلم:
إنَ الرَسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِه
مُهَنَدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ
واسم السيف «مهند» يعني مصنوع في الهند، وهناك بيت شعر في معلقة امرئ القيس يُبين علاقة العرب بالهند:
تَـرَى بَـعَرَ الأرآمِ فـي عَرَصاتِها
وقِـيـعانِها كـأنَـهُ حَـبٌ فُـلفُلِ
يقول امرؤ القيس: انظر كيف تغير حال الديار، وأصبحت مقفرة كثرت فيها الظباء، التي تناثر بعرها على الرمال كأنه حب فلفل منثور في رحباتها. «حب فلفل»، من التوابل الهندية كانت تستورده البلاد العربية.
- للشعر العربي أنواع ؛ الشعر العمودي وشعر التفعيلة والشعر الحر وقصيدة النثر، هل هذه الألوان الشعرية تدرس في جامعتكم؟
- نعم، ندرّس في الجامعات كل أنواع الشعر العربي من العمودي إلى شعر التفعيلة وقصيدة النثر. لكن في المدارس نهتم فقط بالشعر العمودي؛ لأن هذا الشعر له موسيقى وقواف، والطلاب الذين لا يعرفون اللغة العربية ينجذبون إلى موسيقى هذه الأشعار، فالطلاب يستمعون إلى الشعر إلى نبرة كلماته ومخارج الحروف ونغمه وموسيقاه فيحفظونه. ومع التكرار والشرح يعرفون معانيه فتزداد ثروتهم اللغوية العربية.
- أي الشعراء أكثر تمثيلاً في مناهج كلية الأدب العربي بجامعة كيرلا؟
- نحن نهتم بتدريس أشعار أحمد شوقي، وحافظ بك إبراهيم، وبعض أشعار أبو القاسم الشابي، كما ندرس المعلقات، الشعراء الأمويين مثل عمر بن أبي ربيعة، ومن العصر العباسي أشعار أبي تمام وأشعار المتنبي.



مبادرة سويسرية لإنشاء مركز عالمي للصحراء

مبادرة سويسرية لإنشاء مركز عالمي للصحراء
TT

مبادرة سويسرية لإنشاء مركز عالمي للصحراء

مبادرة سويسرية لإنشاء مركز عالمي للصحراء

أطلقت مجموعة من النخب السويسرية مبادرة عالمية لإنشاء مركز عالمي لجذب الباحثين وأصحاب المصالح والرؤى المكرسين لفهم وحماية الصحراء، ليكون رمزاً لممارسة مستقبلية تجمع بين الوعي التاريخي والبحث الابتكاري والمسؤولية الاجتماعية.

المبادرة كانت من فكرة الروائي الطارقي والسويسري إبراهيم الكوني، واستضافتها جامعة نيويورك أبوظبي، بمشاركة المفكّر السويسري، والأكاديمي، دكتور ريتّو زورغ، رئيس مركز دراسات «روبرت فالسر» في بيرن، والأكاديمي السويسري، المحاضر في جامعة كوبنهاغن، دكتور يان لوب، وسفير سويسرا المعتمد لدى دولة الإمارات العربية المتّحدة دكتور آرثر ماتّلي.

وفي الندوة التي عقدت بحضور أكاديميين وإعلاميين، كشف المشاركون عن أن مهمة المركز ستسهم في دعم البحث والاستكشاف العلمي للصحراء وتعزيز فهم أعمق لبيئة الصحراء، وتعزيز ثقافة وفن وأدب الصحراء، ودعم الاستدامة وضمان الحفاظ على الصحاري وإمكاناتها بمسؤولية للأجيال القادمة.

وحسب دكتور ريتو سورغ فإن المجموعة جلبت معها خبرة واسعة في إدارة وتطوير مشاريع دولية يتقاطع فيها الأدب والأكاديمية والقطاع الخاص، مع إدراك منا أن تحقيق رؤية إبراهيم الكوني لمركز صحراوي متعدد التخصصات يتطلب دعم شركاء من مجموعة واسعة في المجالات الأكاديمية، خاصة العلوم الطبيعية والاجتماعية إلى جانب مستشارين ورعاة محليين.

المبادرة وضعت التعليم والتواصل العام نصب عينيها، حسب البيان الصادر عنها، وذلك من خلال إنتاج المعرفة حول الصحراء ونشرها على نطاق واسع لردم الفجوة بين البحث والمشاركة العامة.

وقال الروائي إبراهيم الكوني في كلمة ألقاها أمام الحضور إن «الصحراء هي الأسطورة في أبجديّة وجودنا، والهجرة فيها هي درس هذه الأبجدية. أمّا الرّعي فهو المدرسة، لأن التجربة برهنت على أن مَن أعجزه أن يروّض نفسه على رعي الأنعام، فهيهات أن يفلح في رعي الأنام، لهذا السبب كان الرعي حرفة الأنبياء، لأن من رَبَّى في نفسه الصبر على شقاوة الأنعام، وحده يستطيع أن يخوض مغامرة ترويض الأنام على الإيمان».

وأضاف: «لقد كان الإنسان الحضري منذ الأزل، يتلقّى رؤيا الخلاص من أنفاس روح النموذج الهجري، كما حدث مع تجربة كل ملحمةٍ نبويّة، أفلا يكون اختيارنا اليوم لواقع هذا المكان البرّي (الإمارات) بمثابة فألٍ حسنٍ، لإطلاق سراح أوّل حرفٍ في أبجديّة تشخيص طبيعة هذه الأحجية، المدعوّة في لغتنا صحراء، لا بصفتها مسقط رأس النبوّة وحسب، ولكن بوصفها مسقط رأس التكوين، الذي استطاع هنا أن يحقق بالإرادة في العمل، وبالحكمة في العقل، حلم التطوير في مفردة، (evolution)، لا بالردّة عن التطوير، المترجمَة في مفهوم التثوير (revolution)، التي أغرقت واقع عالمنا بنزيف الدمّ، لتجهض مشروع النهضة، الذي تغنّت به الآيديولوجيات المفلسة، لتغدو الإمارات النموذج في استثمار السلم، لا في احتراف العنف، في تجربة التغيير، بإدمان أفيونٍ سحري، هو: الحبّ، ليغدو فصل الرأسمال فيه الإنسان من جانب، والطبيعة، التي يسكنها هذا الإنسان، من جانبٍ آخر، بوصفها المستودَع الذي يحتضن نشاط هذا الإنسان؟ وهو اليقين الذي تحوّل قاسماً مشتركاً أعظم بين سويسرا والإمارات، ليكون سرّ تفوّقهما، ليجعلهما قِبلة كلِّ مُريدِ حقيقة، في عالمٍ تغترب فيه الحقيقة، فلا يُدهشنا أن ننتدبهما اليوم ليكونا هما الشاهدَين على مبادرتنا في إنصاف هذا الفردوس (الصحراء)، المعجونِين من طينته، ولكننا المنكرون لنعمته، فنعمل أخيراً ما من شأنه أن يمكّنه من أن ينطق بحجّته، ليترافع عن نفسه!».