ليبيا: مخاوف من تعثر «إعلان باريس»... وتساؤلات حول إمكانية إجراء انتخابات

أوحيدة: الاجتماع مرحلة انتقالية رابعة لكن من دون دستور أو اتفاق جديد

فائز السرّاج يطلع أعضاء ونواب المجلس الرئاسي على نتائج اجتماع باريس
فائز السرّاج يطلع أعضاء ونواب المجلس الرئاسي على نتائج اجتماع باريس
TT

ليبيا: مخاوف من تعثر «إعلان باريس»... وتساؤلات حول إمكانية إجراء انتخابات

فائز السرّاج يطلع أعضاء ونواب المجلس الرئاسي على نتائج اجتماع باريس
فائز السرّاج يطلع أعضاء ونواب المجلس الرئاسي على نتائج اجتماع باريس

لم تمض سوى ساعات قليلة على توقيع الأفرقاء الليبيين «إعلان باريس» لحل الأزمة في بلادهم، حتى ظهرت عدة تخوفات، وطرحت تساؤلات كثيرة حول كيفية تنفيذ الجدول الزمني لإجراء انتخابات قُبيل نهاية العام الجاري، وفي وقت رحب فيه نواب برلمانيون عن إقليم (برقة) بنتائج الإعلان، رأى آخرون أنه سيضع البلاد في «منزلق خطير»، وأنه أغفل تغوّل الميليشيات المسلحة في مناطق واسعة منها.
وقال الشيخ محمد المُبشر، رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة، إن «أي جهود تُخرج ليبيا من أزمتها مرحب بها، ونأمل خيراً من ذلك... ولا أعتقد أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيغامر، ويضع تواريخ محددة لإجراء الانتخابات في ليبيا من دون العمل على تحقيقها».
لكن المُبشر عبّر أيضا عن تخوفه من فشل إعلان باريس خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بالقول: «هناك مخاوف من ذلك بسبب وجود تجاذبات كثيرة بين بعض الدول على مصالحها في ليبيا، مما يجعل احتمال فشل هذا اللقاء واردا، وهناك أيضا عدم توحيد الموقف الدولي ضد المُعرقلين داخل وخارج البلاد... وربما تسعى بعض الدول إلى عرقلة الإعلان».
وأضاف المُبشر موضحا «من المخاوف الكبيرة التي تدعو للقلق انتشار السلاح بشكل واسع في ليبيا، بالإضافة إلى وجود عدد من المجموعات المسلحة، التي لا ترغب في توحيد الجيش، أو قيام جهاز أمني قوي وموحد»، فضلاً عن «عدم اتفاق الأطراف المشاركة في فرنسا على الآليات اللازمة لتنفيذ الاتفاق»، لافتاً إلى أن الإعلان لم يتطرق للقاعدة الدستورية للانتخابات، مما يدع الباب مفتوحاً لاستمرار الخلافات الجذرية حول الفترة الانتقالية ومدتها، ومهام الرئيس المقبل، وهل سيعدل الإعلان الدستوري، أم سيتم الاستفتاء على الدستور، وغيرها من القضايا التي كانت وما زالت أحد أسباب الخلاف».
وذهب المُبشر إلى أن إعلان باريس «جيد إن لم نقل ممتازا»، لكنه استدرك بالقول إن «الفيصل في تطبيقه هو صدق نوايا الأطراف المحلية، ونعتقد أن الحل الحقيقي والواقعي يملكه الليبيون وحدهم وبإرادتهم، ومن دون إقصاء لأي أحد». مشددا على أن «الحلول المفروضة على الدول والشعوب عمرها قصير إن لم تفشل، ونأمل في نصر قريب للوطن على الجهوية والمصالح الحزبية الضيقة». في غضون ذلك، رحب عدد من أعضاء مجلس النواب عن إقليم برقة (شرق) بتوصيات إعلان باريس، وأبدوا موافقتهم على إجراء انتخابات عامة، وفق دستور الاستقلال لعام 1951. أو دستور جديد بمعايير دولية، أو وفق الإعلان الدستوري، مع إجراء تعديلات واسعة عليه لمعالجة سلبيات المرحلة الانتقالية.
وأضاف النواب في بيان أصدروه، عقب توقيع المبادرة، أن ليبيا بحاجة إلى «حكومة وحدة وطنية موسعة تمثل الجميع، وإلى توحيد المؤسسات السيادية، وتشجيع مسار القاهرة الهادف إلى توحيد المؤسسة العسكرية».
في موازاة ذلك، حذر مصباح أوحيدة، النائب عن منطقة سبها في جنوب البلاد، من تبعات إعلان باريس، وقال إن الاجتماع يعد مرحلة انتقالية رابعة من دون دستور أو اتفاق جديد، فضلاً عن أنه تم في أقل من يومين «بين الوصاية والتهديد، مع إغفال اتفاق شامل لكل المراحل الموقعة في اتفاق الصخيرات، واستبداله من خلال أوامر العاصمة الفرنسية، والآن ستوضع البلد في منزلق خطير بحجة تطلعات الجماهير».
وشدد أوحيدة في بيان نشره عبر صفحته على «فيسبوك» على أنه «كان حريا بالمجتمعين تفعيل اتفاق الصخيرات، الذي يحتوي على السلطة التنفيذية وتوحيد المؤسسات السيادية والعملية الدستور التي تبنى عليها الانتخابات، والانتقال إلى مرحلة دائمة»، موضحاً أن اتفاق الصخيرات «لا يخدم أحداً من الجالسين ولا الراعي للجلسة، وإنما يخدم مصالح الشعب الليبي لوجود مواد واضحة تضمن مدنية الدولة والمسار الديمقراطي، والحفاظ على ما تبقى من السيادة الوطنية، التي دنست بين الفرض والتهديد والوصاية».
بدوره، استغرب أحد النواب في طرابلس، رفض ذكر اسمه، الحديث عن إجراء انتخابات «في ظل تحكم الميليشيات المسلحة في العاصمة»، وقال: «نحن نضيّع الوقت، ونطول المدد، ونغض الطرف عن الأزمات الكبيرة، ونتلمّس الحول من الغرب».
واتفق فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي، وخليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري في نهاية اجتماع باريس، أول من أمس، على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وتعهدوا باحترام نتائجها. ميدانياً، قال الجيش الوطني إنه يحقق نجاحاً على مسار «تطهير» مدينة درنة من «الجماعات الإرهابية»، موضحا أن قواته تتأهب لاقتحامها. في وقت انفجرت فيه سيارة مفخخة غرب درنة، وقتلت 5 مدنيين على الأقل.
وفضّل العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم القوات المسلحة، عقد مؤتمره الصحافي الأسبوعي من «وادي بولم» على ساحل درنة، في دلالة على اقتراب الجيش من تخوم المدينة، وقال إن «الجيش يسعى لجر الإرهابيين إلى خارج المدينة لتجنب الاقتتال بالداخل حماية للمدنيين».
وأضاف المسماري وفقاً لفضائية «ليبيا الحدث»، مساء أول من أمس، أن «القوات المسلحة طهرت نحو 140 كلم مربعاً حول درنة»، لافتاً إلى أن «خسائر الجيش لا تُذكر»، في إشارة على قلة أعداد الذين سقطوا خلال المعارك.
وتابع المسماري مبرزا أن «القوات تستعد الآن لمعركة جديدة، والجيش يضمن سلامة ومحاكمة عادلة لكل من سيسلم نفسه»، مطالبا أهالي «الإرهابيين بدعوة أبنائهم لتسليم أنفسهم ليحاكموا محاكمة عادلة».
وقتل تسعة أفراد من الجيش على الأقل خلال الأسبوع الماضي في اشتباكات مع متشددي عناصر مجلس «شوري درنة».
في السياق، اطلع سكان من درنة «الشرق الأوسط» على طبيعة الحياة في مدينتهم، وقالوا إنها تعاني من الإظلام التام منذ أول من أمس بسبب تبادل القذائف بين قوات الجيش الليبي ومسلحي مجلس شوري درنة، ما تسبب في تفجير خطوط التيار الكهربائي الناقلة من محطة البخاري غرب درنة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.