دراسة مصرية ترصد انحسار النشاط الإعلامي لـ«داعش»

الشرطة الإسبانية تعتقل أحد المشتبه بانتمائهم إلى شبكات المتطرفين في تناريف بجزر الكناري الشهر الجاري (إ.ب.أ)
الشرطة الإسبانية تعتقل أحد المشتبه بانتمائهم إلى شبكات المتطرفين في تناريف بجزر الكناري الشهر الجاري (إ.ب.أ)
TT

دراسة مصرية ترصد انحسار النشاط الإعلامي لـ«داعش»

الشرطة الإسبانية تعتقل أحد المشتبه بانتمائهم إلى شبكات المتطرفين في تناريف بجزر الكناري الشهر الجاري (إ.ب.أ)
الشرطة الإسبانية تعتقل أحد المشتبه بانتمائهم إلى شبكات المتطرفين في تناريف بجزر الكناري الشهر الجاري (إ.ب.أ)

أكد مسؤول في الأزهر أن مرصده في القاهرة عكف طيلة الشهور الثلاثة الماضية على درس قدرات الآلة الإعلامية لتنظيم داعش الإرهابي، لا سيما بعد فقدانه 98 في المائة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق.
وذكرت الدراسة أن «هناك عدداً من المتغيرات التي طرأت على محتواه الإعلامي، كانخفاض الإصدارات، والتأخر في البيانات، وغلبة النغمة الدفاعية، وسقطات الترجمة، فضلاً عن رداءة جودة الصور والفيديوهات».
وكان تنظيم داعش معروف بفيديوهات بالغة الفظاعة بما في ذلك قطع رؤوس مدنيين وعسكريين في سوريا والعراق (ودول أخرى). ويقول مراقبون إنه استخدم سياسة قطع الرؤوس بهدف «الترهيب»، إذ أصدر سلسلة من أشرطة الفيديو الدعائية لعمليات إعدام علنية وجماعية، واحتوى بعضها على سجناء أجبروا على حفر قبورهم بأيديهم قبل قتلهم.
وأشارت دراسة الأزهر إلى أن المكافحة الإلكترونية التي شنتها مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب»، ساعدت في ترنح الشبكة الإعلامية لـ«داعش». ويُضاف إلى ذلك الحملات العسكرية المكثفة للتحالف الدولي والتي كان لها نتائج إيجابية في تقويض «الإعلام الداعشي» بعد قتل عدد من القيادات التي شغلت مناصب رئيسية فيه مثل أبو محمد العدناني، الذي كان بمثابة وزير الإعلام في التنظيم، وأحمد أبو سمرة المسؤول عن نشاط التواصل الاجتماعي. ويشار إلى أن «داعش» يمتلك آلة إعلامية ساعدته في السنوات الماضية كي يصبح التنظيم المتطرف الأشهر في العالم. ولدى التنظيم مواقع ومنابر إعلامية كثيرة ومواقع أخرى تعيد نشر إصداراته من دون أن تكون مرتبطة به ارتباطاً عضوياً.
وقال الدكتور محمد عبد الفضيل، مدير مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى، أمام لجنة مكافحة التطرف في مقر الأمم المتحدة بنيويورك الليلة قبل الماضية، إن «التعاون وتبادل الخبرات بين المؤسسات المختلفة في مجال مواجهة الإرهاب هدف لم يعد خياراً نفعله أو نتركه؛ بل هو واجب حتمي تأخر كثيراً»، مؤكداً أن غياب التكامل وعدم تنسيق الجهود يمثلان «أحد أهم الأسباب التي أدت إلى الفشل الذي نعاني منه في مكافحة الإرهاب الذي أسال دماء الأبرياء في شتى بقاع العالم، وفكك عائلات كثيرة باستخدام وسائل مختلفة يأتي في مقدمتها أكثر من 18 مجلة إلكترونية تصدرها التنظيمات والجماعات المتطرفة».
وأوضح أن الأزهر أنشأ مرصده عام 2015 «إيماناً منه بأن الفكر المتطرف لا يمكن مواجهته إلا بعد قراءة عميقة ودراسة موضوعية لسرديات الجماعات الإرهابية المختلفة، لا سيما التباين الشديد في أفكار (المتطرفين) والاختلافات الكثيرة في مرجعياتهم التراثية». وقال إن مرصد الأزهر يعمل بـ11 لغة في كتابة مقالات وتقارير ومتابعة أحوال المسلمين في العالم، وينشر بشكل شهري إحصائية تتناول أعداد القتلى والمصابين جراء العمليات الإرهابية الواقعة في عدد من دول العالم، لافتا إلى أن أول عمل للمرصد كان على المجلات الإلكترونية التي تصدر باللغات المختلفة لتنظيمات الإرهابية مثل «دابق»، و«رومية»، و«دار السلام»، و«الرسالة»، و«النبأ»، إضافة إلى مجلات أخرى.
وأشار مدير مركز الأزهر العالمي إلى الحملات الشبابية التي أطلقها المرصد على منصات التواصل الاجتماعي مثل حملة «يدعون ونصحح»، و«التعريف بمصطلح الجهاد»، و«قيم إنسانية»، و«هن»، و«رحمة للعالمين»، و«كيف للدين؟»، و«طرق الأبواب» التي استهدفت آخر حلقاتها شباب الجامعات تحت مسمى «ملتقى الشباب... اسمع وتكلم». وطالب بضرورة تضافر جهود كل المؤسسات العاملة في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، بما فيها التي تعمل على الأبعاد الدينية والفكرية، أو التي تعالج من جانب اجتماعي أو التي تنظر إلى الأبعاد السياسية والأمنية، داعياً إلى «تبني فكرة مشروع دولي يحتضن شباب العالم تحت مسمى (اسمع وتكلم) لتوعيتهم بمخاطر استقطاب الجماعات التي تنتهز ما يمر به بعض الدول من جهل وفقر وفراغ روحي، للتأثير على أفكارهم ودفعهم لحمل السلاح بهدف إقامة خلافة مزعومة أو نصرة أفكار مسمومة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.