مباحثات بين القاهرة والخرطوم اليوم تناقش القضايا العالقة

خلال أول زيارة لوزير الخارجية السوداني الجديد إلى مصر

TT

مباحثات بين القاهرة والخرطوم اليوم تناقش القضايا العالقة

يعقد وزير الخارجية المصري سامح شكري، اليوم (الثلاثاء)، مباحثات مع الدرديري محمد أحمد، وزير الخارجية السوداني الجديد، الذي يقوم بزيارته الأولى إلى مصر، منذ توليه مهام منصبه. وبحسب الخارجية المصرية، فإنه من المنتظر أن تتناول المباحثات، التي ستعقد بمقر الوزارة بالقاهرة، العلاقات المصرية السودانية، والموضوعات الإقليمية محل الاهتمام المشترك، كما سيعقد الوزيران مؤتمراً صحافياً مشتركاً في ختام المباحثات.
وقال السفير السوداني في القاهرة عبد المحمود عبد الحليم، أمس، إن «المباحثات تركز على سبل ووسائل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين، وتحريك الآليات التي أقرها كل من الرئيس عمر حسن البشير والرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من قمة، لحل القضايا العالقة، والوصول بالعلاقات إلى آفاق أرحب، استناداً إلى خصوصية العلاقات».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن المباحثات «تشمل قضايا المنطقة العربية والأفريقية، وخاصة الأوضاع في ليبيا واليمن وسوريا، وكذلك تعزيز التنسيق بين البلدين في المحافل الدولية والإقليمية».
وأوضح أن اجتماع الوزيرين سوف يحدد الموعد المناسب لاجتماعات اللجنة الرباعية، المكونة من وزيري الخارجية ورؤساء المخابرات في البلدين، والتي من المفترض أن تعقد جولتها المقبلة في الخرطوم.
وكشف السفير عن اجتماع يعقد في القاهرة للجنة التساعية بين دول مصر والسودان وإثيوبيا، بخصوص «سد النهضة»، يومي 18 و19 يونيو (حزيران)، يضم وزراء الخارجية والري والمخابرات، ومن المقرر أن يركز على القضايا التي تم بحثها في أديس أبابا قبل أيام، وشهد التوقيع على وثيقة استرشادية للتعاون بين الدول الثلاث في كل المجالات، ومتابعة التكليفات التي أقرها ذلك الاجتماع، والتفاهمات التي رحبت بها الدول الثلاث.
وقبل نحو أسبوع، أثار مسلسل تلفزيوني مصري بدأ عرضه مطلع شهر رمضان حفيظة السودان، ودفعه إلى استدعاء السفير المصري في الخرطوم، للاحتجاج رسمياً على مضمون العمل الذي يتناول ظاهرة الإرهاب.
وشكت وزارة الخارجية السودانية من أن مسلسل «أبو عمر المصري» الذي يعرض على أكثر من قناة مصرية «تم الترويج له بصورة عكست إصرار البعض على اختلاق وتكريس صورة نمطية سالبة، تلصق تهمة الإرهاب ببعض المواطنين المصريين المقيمين أو الزائرين للسودان».
ولجأت مصر إلى «التهدئة» للتعاطي مع غضب السودان. ففي حين تجنبت الخارجية المصرية التعليق المباشر أو الضمني على الواقعة، أصدرت مؤسسات مصرية خاصة ورسمية معنية بالقضية، تعليقات ومواقف تتضمن تأكيداً على حرص مصر على العلاقات مع السودان، ونفي أن يكون مسلسل «أبو عمر المصري» معبراً عن وجهة نظر الدولة المصرية.
كما أعلن مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، حذف بعض مشاهد من المسلسل.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس السوداني عمر البشير، قد اتفقا خلال لقاء عقد في القاهرة، في مارس (آذار) الماضي، على تعزيز العلاقات الأمنية والتعاون بين بلديهما، وذلك في أول قمة ثنائية تجمعهما، بعد انتهاء التوتر الذي شاب العلاقات خلال الشهور القليلة الماضية.
وشهدت العلاقات بين الخرطوم والقاهرة توتراً في الأشهر الأخيرة، وكان الرئيس السوداني عمر البشير قد اتهم القاهرة بدعم معارضين سودانيين، فيما اتهمت وسائل إعلام مصرية الخرطوم مراراً بإيواء عناصر في جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها القاهرة «إرهابية». كما زاد التوتر بين البلدين، بسبب الخلافات حول بناء إثيوبيا سداً على نهر النيل، ودعم السودان للموقف الإثيوبي. وتخشى مصر أن يؤثر بناء إثيوبيا «سد النهضة» على حصتها من مياه النيل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».