البرلمان العراقي يفشل مجدداً في مناقشة نتائج الانتخابات

وزير داخلية سابق اتهم «عصائب أهل الحق» علناً بالتزوير

TT

البرلمان العراقي يفشل مجدداً في مناقشة نتائج الانتخابات

ما زالت الانتخابات البرلمانية العراقية، التي أعلنت نتائجها النهائية قبل أسبوع، تثير جدلاً واسعاً، سواء على مستوى القوائم والشخصيات الخاسرة، أو حتى على مستوى التحالفات التي فازت بنسبة قليلة من المقاعد، وقد دعا ائتلافا «الوطنية» و«القرار» أمس صراحة إلى إلغائها.
واستكمالا للجلسة الطارئة التي عقدت الأسبوع الماضي لمناقشة نتائج الانتخابات وحال عدم اكتمال النصاب دون إتمامها، عقد البرلمان، أمس، جلسة أخرى وحضرها في بداية الأمر نحو 160 نائبا، لكن انسحابات لاحقة أدت إلى عدم اكتمال النصاب وتأجيلها إلى الاثنين (غدا).
وأبلغت مصادر برلمانية «الشرق الأوسط» بقيام أكثر من مائة نائب «بتقديم شكوى إلى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش للتدخل من أجل تصحيح إجراءات مفوضية الانتخابات». وتشير المصادر إلى أن «مطالب المعترضين على نتائج الانتخابات تركز على المطالبة بإلغاء تصويت الناخبين في خارج العراق والنازحين والتصويت المشروط». ويستبعد خبراء في القانون إمكانية إلغاء نتائج الانتخابات أو جزء منها لأن ذلك ليس من صلاحيات البرلمان
وفي شأن يتعلق باتهامات تزوير الانتخابات، اتهم النائب وزير الداخلية الأسبق جواد البولاني «عصائب أهل الحق» وزعيمها قيس الخزعلي، بتزوير الانتخابات من خلال «فريق فني من الخارج، من لبنان وبيلاروسيا، والعراق، يسكن في موقع قريب من المنطقة الخضراء». والمفارقة أن البولاني ترشح في محافظة القادسية الجنوبية عن تحالف «الفتح» الذي تنتمي إليه «عصائب أهل الحق». وقال البولاني في مؤتمر صحافي الذي عقده في مبنى البرلمان، أمس، إنها «ليست قضية مقعد بل كرامة شعب يراد إسكاته بلغة التعسف والتهديد والسلاح». مضيفا أن «هناك ضغوطا على المفوضية للإبقاء على النتائج».
من جهته، رفض عضو المكتب السياسي لـ«عصائب أهل الحق»، محمود الربيعي، في تصريحات اتهامات البولاني معتبرا أنها «غير صحيحة جملة وتفصيلا وسنعمل على دراسة ومناقشة الجهات والأسباب التي دفعت البولاني لهذا الاتهام». مضيفا أن حركته «ستدرس جميع الإجراءات القانونية التي تكفل لنا الرد على هذه التهم التي تدخل في باب القذف والتشهير والتسقيط غير المبرر».
وحصلت «العصائب» على 15 من أصل 47 مقعدا حصل عليها تحالف «الفتح» الذي ضم أغلب فصائل «الحشد الشعبي»، فيما لم يتمكن جواد البولاني من الفوز بمقعد برلماني بعد أن حصل على 8068 صوتا.
إلى ذلك، أعلن تحالف «القرار العراقي» السني بزعامة نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي الذي حصل على 14 مقعدا عن رفضه لما اعتبره تزويرا وتلاعبا بنتائج الانتخابات، وقال التحالف في بيان: «لم يعد تزوير الانتخابات البرلمانية مجرد شبهات يطلقها منافسون سياسيون وإنما هي حقيقة دامغة يقف على تأكيدها ألف دليل ودليل بما يطعن في شرعية مجلس النواب القادم والحكومة التي ستنبثق عنه ويهدد العملية الديمقراطية برمتها». وأشار التحالف إلى أنه «قدم أدلته للقضاء العراقي عن حجم التزوير الهائل الذي شاب نتائج بعض المحافظات، ولا سيما ما تعلق بأصوات الخارج والنازحين»، مطالبا بحذف نتائج الخارج والنازحين بـ«بسبب ضخامة التزييف للإرادة الشعبية فضلا عن عدم إمكانية فرز القليل الصحيح منها». كما طالب بـ«تحقيق قضائي على أعلى المستويات لمحاسبة الجهات والأشخاص المتورطين بالتلاعب بالإرادة الشعبية لإجهاض النظام السياسي».
وفي محافظة السليمانية بإقليم كردستان، شكك «التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة» الذي يتزعمه السياسي برهم صالح في نتائج الانتخابات وعمليات التزوير التي شابتها، وقال المتحدث باسم التحالف، ريبوار كريم، في بيان: «بعد الفضائح الهائلة التي حصلت في الانتخابات والتزوير، بالإضافة إلى التي حصلت في إقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها نحن الآن بانتظار استجابة المفوضية للشكاوى التي قدمناها خلال الفترة الماضية». وأضاف أن «الأولوية الآن استرجاع الأصوات المسلوبة من قبل السلطة في الإقليم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.