ميشال المر صديق الرؤساء... وصانعهم

يضيف لقب «رئيس السن» إلى سجل مهامه الرسمية

ميشال المر
ميشال المر
TT

ميشال المر صديق الرؤساء... وصانعهم

ميشال المر
ميشال المر

يضيف نائب رئيس الحكومة الأسبق، والنائب الحالي ميشال المر، اليوم، لقباً إضافياً إلى مسيرته السياسية التي ناهزت نصف قرن. سيحمل «أبو إلياس»، كما يناديه أبناء منطقته، لقب «رئيس السن» لمجلس النواب الحالي، بالنظر إلى أنه أكبر النواب المنتخبين في دورة 2018 النيابية، ويؤهله الدستور ليترأس جلسة انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب.
وسيحمل المر هذا اللقب لمدة ثلاثة أيام، تبدأ من انطلاق ولاية مجلس النواب الحالي اليوم في 21 مايو (أيار) الحالي، ويستمر «رئيس السن» إلى 23 مايو، وهو موعد انتخاب رئيس البرلمان نبيه بري لولاية جديدة في رئاسة مجلس النواب، حيث سيترأس المر الجلسة. ومن المفارقات، أن المر يعتبر من أبرز أصدقاء بري، وبُنِيَت تلك الصداقة منذ التسعينات، حين تولى المر مهام كثيرة في الحكومة، بينها نائب رئيس مجلس الوزراء، وهو موقع يتولاه عُرفاً وزير من طائفة الروم الأرثوذكس. كما تولى حقيبة الداخلية في التسعينات وحتى عام 2000.
منذ دخوله إلى البرلمان اللبناني في عام 1968 لأول مرة، لم يواجه المرّ، المعروف ببراغماتيته السياسية، معضلة في التحالفات الانتخابية، كما هو الحال في الدورة الأخيرة من الانتخابات النيابية في 6 مايو، عندما وجد المر نفسه وحيداً، بعيداً عن التحالفات السياسية التي انقسمت إلى أربع لوائح، تصدرتها اللائحة المدعومة من «التيار الوطني الحر»، ولائحة «حزب الكتائب» ولائحة «القوات اللبنانية»، فضلاً عن لائحة «المجتمع المدني». ورفع المر بمواجهة الأحزاب والتكتلات الكبرى، شعار «المتن ما بيتنكّر، المتن بيتذكّر». لكن غيابه عن التكتلات الانتخابية الكبرى، لم يخسره مقعده الذي يحافظ عليه منذ 50 عاماً، ذلك أن القاعدة الشعبية المؤيدة له في المتن، وفّرت له حاصلاً انتخابياً وأصواتاً تفضيلية، كانت كافية لفوزه. وحقق أعلى رقم بين الأصوات التفضيلية التي حازها المرشحون الأرثوذكس في المتن، إذ فاز بـ11945 صوتاً تفضيلياً.
لا ينكر كثير من الخبراء، وحتى في ماكينات بعض الأحزاب، أن فوز المر كان مفاجئاً بالنسبة لهم، علما بأن «الزعيم المحلي» في بتغرين والمتن، كان قد تحالف في دورات سابقة مع «التيار الوطني الحر» و«حزب الطاشناق»، وافتقدهما في الانتخابات الأخيرة. وأرجع كثيرون هذا الفوز إلى «القاعدة الشعبية التي بناها على مدى سنوات، من خلال خدمات قدمها لأبناء المتن».
وقد أعلن المر نفسه ذلك، أثناء مهرجان انتخابي أقامه للائحته «الوفاء المتنية» قبل موعد الانتخابات، توجه فيه لمناصريه بالقول: «على مدى 50 عاماً، نحن وأنتم نتبادل الوفاء. وخلال هذه الأعوام لا أنتم أخطأتم معنا ولا نحن أخطأنا معكم». وشدد على أنّ «المال والكرسي لا يوصلان إلى الزعامة أو القيادة، إنّما محبة الناس وخدمتهم والصدق معهم، هي التي تؤدّي إلى الزعامة والنجاح».
وبعد فوزه بالانتخابات، اعتبر نجله الوزير الأسبق إلياس المر أن «الانتخابات يوم واحد، ولكن مشوارنا مكمل مع الناس، ويبدأ من اليوم».
ويقول المقربون منه إنه لعب دوراً أساسياً في إيصال عدد من الرؤساء إلى السلطة، أبرزهم صديقه الرئيس إلياس سركيس، كما الرئيس أمين الجميل، الذي يقال إن المر لعب دوراً بارزاً في إقناع عدد من النواب بحضور جلسة انتخابه، وأيضا الرئيس إميل لحود. وهو كان لاعباً بارزاً في عهود بعضهم. أما مع الرئيس الحالي ميشال عون، فقد تقلبت الأمور من الصداقة إلى الخصومة، فالتحالف، ثم الخصومة مجدداً.
والحال أن براغماتية المر أبقته في السلطة، أو قريباً منها، طوال خمسين عاماً، ووفرت له القدرة على تقديم الخدمات من خلال المواقع التي تسلمها. فقد بنى المر صداقات مع أطراف سياسية كثيرة، تُوّجت في التسعينات، حين بات قريباً من الرؤساء الثلاثة: إلياس الهراوي، ورفيق الحريري، ونبيه بري.
وقبلها، في عام 1992، لم يكن المر جزءاً من المقاطعة المسيحية للانتخابات، بل انخرط في المشهد السياسي الذي استجد في ظل وجود الجيش السوري النظامي في لبنان، وكان يترأس كتله نيابية مكوّنة من عشرة نواب. وفي دورة عام 2005، كان عضواً في «تكتل التغيير والإصلاح» الذي يرأسه حليفه بالانتخابات النائب ميشال عون، قبل أن يترك التكتل ويعلن أنه عضو مستقل. كما انتخب في أكتوبر (تشرين الأول) 2004 نائباً لرئيس مجلس النواب، وبقي حتى يونيو (حزيران) 2005، حين انتهت ولاية مجلس النواب آنذاك. وحين انقطع المر عن المناصب الوزارية، كان نجله إلياس المر وزيراً، حين عُيّن وزيراً للداخلية بين العامين 2001 و2004. ثم وزيراً للدفاع في أربع حكومات متعاقبة، بين عامي 2005 و2011.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».