باريس تستضيف اليوم اجتماعاً عن «الكيماوي»

TT

باريس تستضيف اليوم اجتماعاً عن «الكيماوي»

تستضيف باريس اليوم اجتماعا وزاريا ستحضره أكثر من 33 دولة ومنظمة دولية وإقليمية، وبين الدول المشاركة السعودية والكويت والمغرب وتونس، إلى جانب الدول الكبرى، ولكن من غير روسيا والصين، وذلك في إطار «الشراكة الدولية لمحاربة الإفلات من العقاب لمستخدمي السلاح الكيماوي».
ويأتي لقاء اليوم الذي سيحضره ما لا يقل عن 12 وزيرا ووزير دولة، استكمالا للاجتماع الأول الذي استضافته باريس في 23 يناير (كانون الثاني) الماضي والذي صدر عنه «إعلان باريس» المتضمن التزامات قوية برفض ومحاربة الإفلات من العقاب لمستخدمي السلاح الكيماوي، وتعزيز تبادل المعلومات بين الدول وتوفير الدعم للدول الراغبة، ودعم منظمة منع استخدام السلاح الكيماوي التابعة للأمم المتحدة. وينتظر أن يزيد عدد الدول المنضمة إلى «الشراكة» خلال العام الحالي، علما بأن عملية الانضمام لا تتطلب سوى الالتزام بـ«إعلان باريس».
تقول مصادر دبلوماسية فرنسية إن منطلق المبادرة هو الرغبة بالتحرك إزاء شلل مجلس الأمن الدولي في مسألة فرض منع اللجوء إلى السلاح الكيماوي ومنع ظهور لجان متخصصة تكون من بين صلاحياتها تحديد الجهة المستخدمة للسلاح الكيماوي، وذلك بعدما عطلت روسيا اللجنة المشتركة المشكلة من الأمم المتحدة ومن منظمة منع استخدام السلاح الكيماوي في سوريا. ولذا، فإن الغرض الأول من الاجتماع «المحافظة على استمرار الدينامية السياسية» وضم مزيد من البلدان إلى المبادرة، إضافة إلى الاستمرار في تبادل المعلومات بين الأطراف المجتمعة حول الهجمات الحاصلة وحول المسؤوليات. بيد أن الأهم من ذلك كله «النظر في كيفية الخروج من الطريق المسدودة» التي آلت إليها الجهود في مجلس الأمن الدولي، والنظر في كيفية الالتفاف على التعطيل من غير أن يعني ذلك الحلول محل الأمم المتحدة؛ بل مساعدتها ومساعدة المنظمة المعنية بذلك.
وتضيف المصادر الفرنسية أن هناك «خيارات» من داخل منظمة منع استخدام السلاح الكيماوي لتحديد آليات تسمح بتعيين المسؤوليات، وهو ما لا تجيزه في الوقت الحاضر النصوص الخاصة بالمنظمة، الأمر الذي ظهر في التحقيق الذي قامت به في دوما مؤخرا حيث تتوقف مهمتها عند التأكد من اللجوء إلى الكيماوي من عدمه.
واضح أن المبادرة التي أطلقتها فرنسا مبررها الوضع السوري وسلاح النظام الكيماوي. وقالت المصادر الفرنسة أمس إن النظام «ما زال يملك برنامجا كيماويا سريا» خبأه عن أنظار العالم مخالفا التزاماته عام 2013 التي جاءت نتيجة تفاهم أميركي - روسي تم بموجبه تدمير مخزونه المعلن. وتقول باريس إن معلوماتها الاستخباراتية «الخاصة» تؤكد وجود البرنامج السري، كذلك فإن تقارير «المنظمة» الدولية «تثير القلق» لأنها تبين عجزها عن التصديق على أن دمشق قامت بالتخلص الكلي من برنامجها الكيماوي. فضلا عن ذلك، فإن استخدام النظام المتكرر للسلاح الكيماوي يشكل دليلا ماديا على وجوده. والواضح أن أحد مكامن ضعف عمليات تفتيش المنظمة في سوريا عدم قدرتها على زيارة وتفتيش المواقع التي تريد تفتيشها، مما يرخي ظلالا من الشك حول حقيقة تخلص النظام من مخزونه الكيماوي.
يريد المجتمعون من المبادرة التي ترأسها باريس حتى نهاية العام الحالي، الوصول إلى تحقيق 3 أهداف؛ أولها تخطي العقبات التي حالت «وتحول» دون ملاحقة مرتكبي جرائم الكيماوي. والثاني، تحديد المسؤولين المخططين والمنفذين. والثالث حرمانهم من الإفلات من العقاب وبالتالي توفير الظروف لمحاكمتهم ومعاقبتهم. وبانتظار أن تتوافر هذه الظروف، فإن عمل «المبادرة» يقوم على تبادل المعلومات ودعم الهيئات والمنظمات الفاعلة في محاربة الإفلات من العقاب وتقديم الدعم المادي والقانوني للبلدان التي تحتاج إليه. لكن يبدو أن الطريق التي يتعين على «المبادرة» اجتيازها حتى تصبح فاعلة ما زالت طويلة ودونها كثير من العقبات حتى رؤية المسؤولين عن جرائم «الكيماوي» في قفص الاتهام.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.