كما كان متوقعاً، بدأت الأحزاب اللبنانية التي بنت تحالفاتها الانتخابية على أسس غير متينة قادت لقيام كتل نيابية «هجينة» بمواجهة تحديات وصعوبات لاستيعاب الرؤى المختلفة للنواب أعضاء هذه الكتل، الذين وإن أكدوا التزامهم قبل الانتخابات بالخط السياسي للحزب قائد التكتل، فإن عدداً منهم سارع في أول محطة للانقلاب على تعهداته.
وقد خسرت كتلة «القوات اللبنانية»، التي تحمل اسم «الجمهورية القوية»، بعد أقل من أسبوعين على الانتخابات النيابية، أحد أعضائها، وهو النائب عن منطقة البقاع الغربي، هنري شديد، الذي أعلن انتماءه لكتلة «المستقبل» النيابية، علماً بأنه، بحسب مصادر قيادية قواتية، أعطى تعهداً شفهياً وخطياً بالانضمام إلى كتلة «القوات»، في حال أعطاه الحزب أصواته التفضيلية.
ووصفت المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، الأعذار التي قدمها شديد بـ«الواهية»، و«التي لا تعنينا»، وأضافت: «على كل الأحوال، كانت صفحة وطويت، ونحن ما كنا لنعلن أنه جزء من تكتلنا النيابي، لو لم يكن قد أعطانا كلمة نهائية في هذا المجال قبل الانتخابات».
وكان شديد قد أكد في حديث تلفزيوني أخير أنه لم يلتحق بـ«القوات اللبنانية»، ولم يحصل على أصوات ناخبيهم التفضيلية، مشدداً على أنه لن يترك تيار «المستقبل».
ومع انسحاب شديد من الكتلة القواتية، يكون عدد أعضائها قد تراجع من 16 إلى 15، علماً بأنها كانت قد تضاعفت، مقارنة بما كانت عليه في عام 2009. ولم تقتصر «التحديات المبكرة» التي واجهها حزب «القوات» على القرار المفاجئ لشديد، إذ أعلن سيزار المعلوف، وهو نائب عن مدينة زحلة خاض الانتخابات على لائحة تحالف «القوات» - «الكتائب اللبنانية»، وأكد في وقت سابق أنه سيكون جزءاً من كتلة «القوات»، أنه سينتخب نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي، أياً كان القرار الذي ستتخذه القيادة القواتية.
وأشار المعلوف إلى أنه سمع أن تكتل «الجمهورية القوية» قد يضع ورقة بيضاء في انتخابات رئاسة المجلس، مضيفاً: «وأنا كابن زحلة، أعتبر أن بري حامي العيش المشترك، وهو شخصية نموذجية يجب الحفاظ عليه، وهو صمام أمان لكل البلد»، مشدداً على أنه ضد الورقة البيضاء.
وأوضحت مصادر قيادية قواتية أن «المعلوف طلب منذ بداية الطريق هامشاً صغيراً من الحركة بما يتعلق حصراً بموضوع رئاسة المجلس النيابي»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قراره انتخاب بري، بمعزل عن القرار النهائي لحزب (القوات)، بحثه مع الدكتور جعجع في وقت سابق، وقد أعلن الأخير تفهمه لهذا الموقف انطلاقاً من التزامات سابقة للمعلوف»، وأضافت: «لكنه في النهاية جزء لا يتجزأ من تكتلنا، وقد أكد التزامه بخطنا السياسي، وبكل قرارات الكتلة».
وطالت الشائعات إمكانية انشقاق عضو جديد من كتلة «القوات»، وهو النائب عن مدينة بيروت جان طالوزيان، الذي سارع لنفي الموضوع، لكن وجود 5 أعضاء من أصل 15 في كتلة «الجمهورية القوية» ممن لا يحملون بطاقة حزبية، وبالتالي غير الملتزمين حزبياً، يعرض الكتلة القواتية لاهتزازات دائمة، وإن كانت مصادر الحزب تؤكد أن الأعضاء الـ5، سيزار المعلوف وجان طالوزيان وأنيس نصار وزياد حواط وجورج عقيض، «قواتيون قلباً وقالباً، وإن كانوا لا يحملون بطاقة، كما أن عدداً منهم يرافق الدكتور جعجع في مسيرته منذ 40 عاماً، وهم جميعاً أكدوا التزامهم بكل القرارات التي ستتخذها الكتلة، وبالتالي لا خوف على الإطلاق من انشقاقات».
ولا يقتصر تحدي الحفاظ على تماسك التكتل النيابي على «القوات»، بل يطال، وبشكل خاص، تكتل «لبنان القوي»، التابع لـ«التيار الوطني الحر»، الذي يضم 29 عضواً، 11 منهم غير ملتزمين حزبياً ولا يحملون بطاقات، وبالتالي وإن كان بعضهم قريب جداً من «التيار»، كالعميد المتقاعد النائب شامل روكز، فإن البعض الآخر يحمل توجهات سياسية قد تناقض في كثير من الأوقات توجهات «الوطني الحر»، أبرزهم رئيس حركة «الاستقلال»، النائب المنتخب ميشال معوض، الذي لطالما كان ركناً من أركان قوى «14 آذار». وتؤكد مصادر «الوطني الحر» أنها أخذت التزامات واضحة من أعضاء التكتل بالسير بالقرارات الكبرى التي يتم اتخاذها بعد التشاور والحوار، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «يبقى للأعضاء غير الملتزمين حزبياً هامش تحرك خاصاً بهم، باعتبار أننا نعي تماماً عدم إمكانية أن تكون وجهات نظرنا متطابقة تماماً في كل الملفات، خصوصاً أن هذا الأمر لا يحصل عادة حتى ضمن حزب (التيار الوطني الحر)».
الكتل النيابية «الهجينة» تواجه امتحانات الواقع اللبناني
الكتل النيابية «الهجينة» تواجه امتحانات الواقع اللبناني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة