ولد قائد مانشستر سيتي الإنجليزي فينسنت كومباي لأب كونغولي وأم بلجيكية، ويؤمن بأنه ينتمي لكلتا الجنسيتين في الوقت نفسه وبصورة كاملة. وخلال السنوات الأخيرة، اكتسب كومباني هوية أخرى تضاف إلى هاتين الجنسيتين، حيث يشعر بأنه ينتمي لمدينة مانشستر بنسبة 100 في المائة أيضا.
ومع بداية الموسم المقبل، ستكون قد مرت عشر سنوات كاملة على وصول النجم البلجيكي لمدينة مانشستر، حيث انضم كومباني لنادي مانشستر سيتي الذي كان يسير بخطى ثابتة نحو الأمام لكنه كان يشعر بالحذر أيضا من احتمال عدم القدرة على مواصلة التحسن والتطور.
وفي أغسطس (آب) 2008 كانت أموال منطقة الشرق الأوسط قد بدأت تنهال على النادي الإنجليزي، لكنه في الوقت نفسه لم يكن قد حصل على لقب بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز منذ 40 عاما كاملة. وقبل عدة سنوات لم يكن مانشستر سيتي يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز من الأساس. يتذكر كومباني انضمامه للنادي قائلا: «إنه أمر لا يصدق. وبكل صراحة، أشعر بأنني قد انضممت للنادي قبل شهر واحد من الآن. لقد اكتسبت الكثير من الخبرات، وقد تغير الكثير أيضا منذ ذلك الحين. كرة القدم مليئة بالضغوط وتتطلب العمل بشكل متواصل، لذا لا يكون أمامك الوقت الكافي للجلوس والتفكير فيما حققته».
وفي اليوم الأول لانضمامه للنادي، لم يلتق كومباني حتى بزملائه، الذين كانوا قد تدربوا في الصباح لكنه وصل إلى مقر النادي في فترة ما بعد الظهيرة، لذا لم يلتق سوى بعدد قليل من العاملين بالنادي. يقول كومباني عن ذلك: «لم أقابل أياً من اللاعبين حتى اليوم التالي من وصولي للنادي. وقد عقدنا جلسة صغيرة مع الفريق، ولم أكن أعرف اسم أي من اللاعبين، كما لم أكن أعرف أي شيء عن الفريق. وسرعان ما قرر المدير الفني آنذاك مارك هيوز الدفع بي في صفوف الفريق، ولعبت أمام وستهام وحصلت على لقب أفضل لاعب في المباراة التي حققنا فيها الفوز بثلاثية نظيفة، ثم استمرت الرحلة بعد ذلك، وكانت رائعة في حقيقة الأمر».
واليوم، من المقرر أن يرفع كومباني درع الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الثالثة في تاريخه في احتفال رسمي، وسيكون محاطاً بزملائه في فريق مانشستر سيتي اللذين شكلوا أحد أفضل الفرق في تاريخ كرة القدم الإنجليزية. وأصبح مانشستر سيتي على بعد ثلاث نقاط فقط للوصول إلى أكبر عدد من النقاط في موسم واحد في الدوري الإنجليزي الممتاز عبر تاريخه، كما يحتاج النادي لهدفين فقط ليحمل الرقم القياسي كأكثر نادي تسجيلا للأهداف في موسم واحد في تاريخ المسابقة. لكن هل تكون هناك أهمية لمثل هذه الأرقام عندما تكون قد حسمت لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بالفعل؟ تكشف إجابة كومباني الكثير عن شخصيته الجادة والتي لا تتوقف عن التفكير في العمل وتحقيق الإنجازات.
يقول المدافع البلجيكي: «يجب أن نهتم بمثل هذه الإحصائيات الآن. ويجب أن نضع الأهداف دائما أمام أعيننا، وحلمي في الموسم المقبل هو أن أعود وأرى اللاعبين لديهم رغبة هائلة في تحقيق الانتصارات وتقديم نتائج أفضل من تلك التي حققناها خلال الموسم الحالي». ويؤمن كومباني تماما بالمثل القائل إن البقاء في القمة أصعب من الوصول إليها، ويقول: «البقاء في القمة أصعب بكثير، لأنه يتعين عليك أن تقاوم الطبيعة البشرية. فبمجرد أن تحقق هدفا وتصل إلى القمة، يجب عليك أن تحفز نفسك وتقول: يجب أن تكون لدي نفس الرغبة في تحقيق النجاح وكأنني لم أحقق أي شيء. وهذا هو أصعب شيء يمكن القيام به في الحياة».
وكان لوجود المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا على رأس القيادة الفنية لمانشستر سيتي تأثيرا كبيرا على اللاعبين، لأنه يسعى لتكرار النجاح الكبير نفسه الذي حققه عندما كان يقود برشلونة الإسباني. يقول كومباني عن غوارديولا: «الدافع الداخلي لديه مثير للإعجاب بنفس قدرته على تحقيق نجاحات كبيرة كمدير فني. أنا أستمتع بذلك في حقيقة الأمر، لأنني أشعر بقدرتي على مواصلة النجاح أيضا».
ويتعامل كومباني بجدية كبيرة مع دوره كقائد للفريق عند الحديث إلى زملائه حول أهمية أن تكون لديهم الرغبة الدائمة لتحقيق الفوز والوصول إلى الأفضل دائما، ويقول: «دائما ما أفكر بهذه الطريقة. فعندما كنت في السادسة أو السابعة من عمري أتذكر أنه كان هناك لاعبون يخافون من العودة إلى غرفة خلع الملابس عندما كنا نخسر المباراة، لأنهم كانوا يعلمون أنني في انتظارهم. لقد غيرت طريقتي قليلاً، وأصبحت أكثر دبلوماسية، لكن لا يمكنني تغيير ما بداخلي».
وأضاف: «عندما كنت في بداية مسيرتي لم أتلق دعما كبيرا من اللاعبين الكبار في الفريق، ولذا قلت لنفسي إنه لو واصلت التقدم وحققت نجاحا كبيرا في عالم كرة القدم فلن أكون أبدا من نوعية اللاعبين الذين يبخلون بالنصيحة على اللاعبين الصغار. ولدي شغف كبير لرؤية اللاعبين الشباب يتطورون، لذلك فأنا أستمع جيدا لكل لاعب صغير ينضم للفريق الأول بالنادي وأنقل إليه كل الخبرات التي أمتلكها».
ويرى كومباني أن الموسم الحالي لمانشستر سيتي كان ناجحاً للغاية لكن مع بعض الشوائب القليلة، إن جاز التعبير. ويرى المدافع البلجيكي المخضرم أن هزيمة مانشستر سيتي على ملعبه أمام غريمه التقليدي مانشستر يونايتد ليست من بين هذه الشوائب، قائلا: «لا يمكن النظر إلى مباراة مانشستر يونايتد على أنها كانت ضربة موجعة للفريق، بل يمكن القول إنها فرصة لم نحسن استغلالها. لكن في سياق هذا الموسم والدوري الإنجليزي الممتاز، هل يوجد شيء يمكن أن نشكو منه؟» وأضاف كومباني: «الوضع مختلف فيما يتعلق بدوري أبطال أوروبا. لقد كان هناك سياق تاريخي لا يمكنني ولا يمكن لغوارديولا القيام بأي شيء حياله. نحن لم نخسر أمام أي فريق أوروبي أظهر أنه أفضل منّا، لكننا خسرنا أمام فريق يلعب بالدوري الإنجليزي الممتاز وهو ليفربول على ملعب آنفيلد الذي لطالما كان اللعب عليه صعبا للغاية بالنسبة لمانشستر سيتي. لدينا تاريخ طويل معهم، وكانت لدينا فرصة كبيرة للتغلب عليهم، لكننا لم نتمكن من ذلك. لكن في العام المقبل سوف يحدث ذلك».
ويبلغ كومباني من العمر 32 عاما، لكنه يشعر بأنه ما زال شابا يافعا، إلا أنه يدرك جيدا أن مسيرته الكروية لن تستمر للأبد. ومع وضع ذلك في الاعتبار، يركز كومباني كثيرا على كأس العالم المقبلة بروسيا مع منتخب بلجيكا الذي يضم كوكبة من اللاعبين الرائعين، ويقول: «أريد أن أفوز بكأس العالم. هذا هو الأمر بكل سهولة، لأنني لن أشارك في المونديال مرة أخرى». وأضاف: «يوصف جيلنا بأنه الجيل الذهبي لكرة القدم البلجيكية، لكني أكره هذا الوصف، لأنه كان يضع على عاتقنا طموحات أكبر من قدرتنا على تحقيقها. والآن هذا هو الوقت المناسب لتحقيق الإنجازات، في ظل امتلاك الفريق لمزيج رائع من الأعمار والخبرات»
وكمفكر في الأمور الاجتماعية وتأثيرها على العالم، يرى كومباني أن السفر إلى روسيا للمشاركة في كأس العالم له جوانب أخلاقية أيضا، ويقول عن دعوات البعض بعدم السفر إلى روسيا: «إنني أؤمن بقوة التفاعل الإيجابي والتواصل. ويجب أن نسأل أنفسنا عما سنجنيه عندما نعمل على توسيع الفجوات بين الدول ونقرر عدم الحديث مع بعضنا البعض بعد الآن! نحن لا نرى بعضنا البعض الآن. لكن في كل مرة تجلب فيها شيئاً إيجابياً لبلد ما، تكون لديك فرصة للتأثير على الناس وعلى تغيير طريقة تفكيرهم للأفضل، لكننا رأينا ما ينتج عن بناء الجدران الفاصلة وبث الفرقة والانقسامات». وأضاف: «أنا أعرف ما هو نوع العالم الذي أريد أن ينشأ فيه أطفالي، وأعرف أيضا أن سياسة العقاب والتوقف عن التواصل ليست جيدة. ولدينا الفرصة لتقديم شيء إيجابي».
ويسعى كومباني لمواصلة ممارسة كرة القدم لأطول فترة ممكنة، سواء مع مانشستر سيتي أو مع أي فريق آخر، رغم أن انتماءه لمانشستر يجعله يشعر بـ«بالارتباط بالنادي مدى الحياة»، على حد قوله. وبعد اعتزاله اللعب، يرغب كومباني في مواصلة العمل في أي شيء يتعلق بمجال كرة القدم، بدءاً من تدريب أي ناد للناشئين الأصغر من ستة أعوام ووصولا إلى منصب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم. ويقول كومباني عن البطولات التي حققها مع مانشستر سيتي: «كان الحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لأول مرة يعني أن تعيش الحلم لأول مرة، وتؤمن بأنه يمكنك حصد البطولات أيضا. أما لقب الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الموسم الحالي فيجعلك تشعر بأنك بطل».
وأضاف: «كان اللقب الأول بمثابة اختبار لمدى قوة شخصيتك، لأنه كان يتعين عليك أن تحارب 44 عاما من التاريخ والتي لم تتمكن خلالها من الفوز بأي بطولة للدوري، كما كان يتعين عليك أن تحارب السمعة التي كانت معروفة عن النادي بأنه لا يمكنه حصد البطولات والصعود لمنصات التتويج. وكان التغلب على ذلك يعني الكثير والكثير بالنسبة لهذا النادي. أما لقب الدوري خلال الموسم الحالي فكان يطرح السؤال التالي: هل يمكنك أن تكون بطلا بلا منازع؟ كنت دائما تحصل على اللقب بفارق الأهداف أو بفارق نقطة واحدة، لكن عندما تفوز باللقب بالشكل الذي حققناه خلال الموسم الحالي فلا يمكن لأحد الحديث عن أي شيء، وهو شعور جميل للغاية في حقيقة الأمر».
وقبل أن تنطلق احتفالات مانشستر سيتي بإحراز لقب الدوري الإنجليزي الممتاز اليوم بدأ القائد كومباني التفكير في الموسم المقبل وكيفية الاحتفاظ باللقب. وفي الوقت الذي تحدث فيه كومباني عن فخره بحمل شارة قيادة سيتي للفوز بلقب الدوري للمرة الثالثة منذ انضمامه فإن المدافع البلجيكي حث فريقه على السعي وراء المزيد من النجاح. ولم يفز أي فريق بلقب الدوري الإنجليزي مرتين متتاليين منذ أحرز مانشستر يونايتد اللقب ثلاث مرات متتالية بين 2006 و2009 بينما عانى آخر ثلاثة أبطال من تراجع حاد في الموسم التالي للتتويج.
ومع زيادة قوة المنافسة في الدوري وكذلك القوة الشرائية لكل أندية المسابقة فإن مهمة الاحتفاظ باللقب أصبحت أصعب كثيرا. لكن كومباني قال إن الهدف المقبل سيتمثل في الاحتفاظ باللقب. وقال كومباني: «لا يمكن ضمان ذلك. كنت محظوظا بإحراز اللقب ثلاث مرات لكني أخفقت أيضا في عدد مماثل. أشعر اليوم بسعادة. «لكن زملائي اهتموا كثيرا بكلامي عندما قلت أريد أن أرى كيف سيكون رد الفعل الآن. لم يسبق لي الاحتفاظ باللقب وأريد أن أرى إن كان بوسع هذا الفريق أن يحقق ذلك ويحصد نجاحا أكبر».
ويأتي هذا اللقب لكومباني بعد هيمنة أكبر من آخر مرتين. ففي 2012 وتحت قيادة روبرتو مانشيني أحرز سيتي اللقب بفضل هدف قاتل لسيرجيو أغويرو في الجولة الأخيرة أمام كوينز بارك رينجرز بينما توج بلقب 2014 مع المدرب مانويل بيليغريني بعد منافسة مثيرة. وهذه المرة عادل سيتي رقما قياسيا في إحراز اللقب قبل آخر خمس مباريات وفي الواقع كان متألقا وخسر مرتين فقط. وقال كومباني: «الفارق أننا هذه المرة لعبنا بثبات كبير في المستوى طوال الموسم ولعبنا بالمستوى الذي كان من المتوقع أن نقدمه».
كومباني: البقاء على القمة أصعب من الوصول إليها لأنه يعني محاربة الطبيعة البشرية
أكد أن أهم الأشياء في الحياة أن ترغب في تحقيق النجاح وكأنك لم تحقق شيئاً من قبل
كومباني: البقاء على القمة أصعب من الوصول إليها لأنه يعني محاربة الطبيعة البشرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة