تحسن مؤشرات الاقتصاد الأميركي يزيد احتمالات تسريع وتيرة رفع الفائدة

{الفيدرالي} مدفوع للحفاظ على التوازن

TT

تحسن مؤشرات الاقتصاد الأميركي يزيد احتمالات تسريع وتيرة رفع الفائدة

قبل إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) قراره بشأن السياسة النقدية مساء أمس، كانت التوقعات تصب في اتجاه أن المجلس لن يقوم برفع الفائدة خلال هذا الاجتماع، لكن توقعات الاقتصاديين والمتعاملين في وول ستريت خلال اليومين الماضيين ارتفعت حول تسريع وتيرة سعر الفائدة خلال الفترة المقبلة، وذلك بعد إعلان وزارة التجارة الأميركية قبل يومين عن زيادة معدل التضخم إلى 2 في المائة، وهو المعدل المستهدف من قبل الاحتياطي الفيدرالي خلال اجتماعه في مارس (آذار) الماضي.
وكانت وزارة التجارة الأميركية أعلنت قبل يومين أن مؤشر الأسعار لمشتريات الأفراد للاستهلاك الشخصي، وهو المؤشر المفضل لدى الفيدرالي، وصل إلى 2 في المائة، وكانت هذه هي المرة الأولى منذ أكثر من عام التي يلتقي فيها المعدل المستهدف للتضخم من قبل الفيدرالي مع بيانات السوق.
وكان تراجع معدل التضخم إحدى نقاط القلق الرئيسية للمسؤولين بالفيدرالي فيما يتعلق برفع سعر الفائدة. وتركزت مخاوف الفيدرالي خلال الأشهر الماضية، في عدم قدرته على تحقيق التوازن بين الاستمرار في الزيادة التدريجية المستهدفة لسعر الفائدة والحفاظ على معدل نمو اقتصادي مقبول.
وجاء إعلان زيادة التضخم ليزيل هذه المخاوف ويطرح تساؤلا أهم، وهو إلى أي مدى يمكن للاحتياطي الفيدرالي أن يترك معدل التضخم يرتفع، حتى يصل إلى المعدلات المستهدفة من سعر الفائدة. بشكل أو بآخر، فإن ارتفاع معدل التضخم، في هذه الحالة، يعطي ثقة وضوءا أخضر للفيدرالي للاستمرار في اتباع سياسة الرفع التدريجي لسعر الفائدة على الأقل مرتين إضافيتين خلال العام الجاري.
وكان الفيدرالي قد توقع خلال اجتماعه، في مارس الماضي، أن يشهد معدل التضخم ارتفاعا خلال الأشهر المقبلة، واستهدف معدل تضخم عند 2 في المائة. ويبقى السؤال الأهم بعد زيادة معدل التضخم، هو مقدار تأثير ذلك على وتيرة رفع سعر الفائدة خلال الفترة المقبلة. ورفع الفيدرالي سعر الفائدة في مارس الماضي بخمس وعشرين نقطة، لتتراوح ما بين 1.5 إلى 1.75 في المائة. وظلت التوقعات تتباين حول الزيادات المقبلة لسعر الفائدة خلال العام الجاري.
وطبقا لسياسة جيروم باول، رئيس الفيدرالي، فسيتم زيادة سعر الفائدة مرتين إضافيتين خلال العام الجاري، ومن المتوقع أن تكون الزيادة القادمة خلال شهر يونيو (حزيران) المقبل. ولكن مع تحسن مؤشرات الاقتصاد وزيادة معدلات النمو وتراجع معدلات البطالة، وما صاحب كل ذلك من ارتفاع مقابل في معدل التضخم، أثيرت العديد من التساؤلات حول الوتيرة التي يجب على الفيدرالي اتباعها لزيادة سعر الفائدة خلال الفترة المقبلة، خاصة أن ارتفاع معدل التضخم الحالي ناتج عن قوة الاقتصاد وتحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية، والذي صاحبه رواج في النشاط الاقتصادي وزيادة في مشتريات المستهلكين، ونتج عن ذلك زيادة متتالية في الأسعار خلال فترة محددة، وهو ما تسبب في ارتفاع معدل التضخم.
وقد تكون زيادة التضخم في هذه الحالة مؤشرا إيجابيا عن قوة الاقتصاد الأميركي، ولكنه في نفس الوقت قد يدفع الفيدرالي لتسريع وتيرة رفع سعر الفائدة حتى يضمن الحفاظ على معدلات تضخم في حدود مقبولة، ما يعني أن البنك المركزي قد يتجه إلى رفع سعر الفائدة حتى يحجم القدرة الشرائية للمستهلكين، وبالتالي يحافظ على مستويات أسعار ومعدلات تضخم مقبولة.
ويبقى سؤال مهم هو السقف الذي يسمح به الفيدرالي لمعدل التضخم، حتى يقوم برفع أسعار الفائدة بصورة تدريجية كما هو مستهدف، دون أن يصاحب ذلك تفاقم في معدلات التضخم يأتي بنتيجة عكسية على الاقتصاد المحلي. وتبدو المشكلة هنا في الآلية التي يجب أن يتبعها مجلس الفيدرالي لتحقيق التوازن بين معدلات تضخم مقبولة، وأسعار فائدة طبيعية، والحفاظ على حالة الرواج التي يشهدها الاقتصاد الأميركي.
من ناحية أخرى، يجب على الفيدرالي احتواء الرواج الزائدة في النشاط الاقتصادي حتى لا يسبب زيادة غير مبررة في أسعار السلع والخدمات (زيادة التضخم)، وقد يكون الحل الأنسب في هذه الحالة هو زيادة سعر الفائدة بشكل تدريجي يتناسب مع مستوى الرواج الذي يشهده النشاط الاقتصادي. وإذا لم يتمكن الفيدرالي من مواجهة الرواج الزائد للاقتصاد، واتبع سياسة متباطئة في رفع أسعار الفائدة، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة في الأسعار والأجور إلى مستويات غير مقبولة تشكل خطرا على الاقتصاد، وفي هذه الحالة قد يضطر المجلس لرفع حاد ومفاجئ في أسعار الفائدة، وهو ما قد يؤدي إلى ركود أو انحسار اقتصادي.
ويرى الاقتصاديون أن الوتيرة المتسارعة في رفع سعر الفائدة مع الحفاظ على معدلات نمو اقتصادي مقبولة، أفضل من ترك الرواج الاقتصادي يصل إلى مراحل قياسية دون ضوابط قد تؤدي في النهاية إلى ضرورة التدخل المباشر من البنك المركزي لرفع سعر الفائدة بشكل كبير ومفاجئ يؤدي إلى انحسار النشاط الاقتصادي. فيما يرجح بعض الاقتصاديين والمسؤولين بالاحتياطي الفيدرالي زيادة الفائدة ثلاث مرات إضافية خلال العام الحالي بدلا من مرتين فقط، وفي هذه الحالة سيكون عدد مرات رفع سعر الفائدة خلال العام الجاري أربع مرات بنسبة إجمالية 1 في المائة، حيث سيتراوح سعر الفائدة ما بين 1.75 في المائة (المعدل الحالي) إلى 2.5 في المائة بعد إضافة الزيادة الرابعة.


مقالات ذات صلة

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
TT

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

قال مجلس الوزراء المصري، في بيان، السبت، إن مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية وقعتا اتفاقين باستثمارات إجمالية 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

يأتي توقيع هذين الاتفاقين اللذين حصلا بحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، في إطار الجهود المستمرة لتعزيز قدرات مصر في مجال الطاقة المتجددة؛ حيث يهدف المشروع إلى دعم استراتيجية مصر الوطنية للطاقة المتجددة، التي تستهدف تحقيق 42 في المائة من مزيج الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2030، وفق البيان.

ويُعد هذا المشروع إضافة نوعية لقطاع الطاقة في مصر؛ حيث من المقرر أن يُسهم في تعزيز إنتاج الكهرباء النظيفة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير فرص عمل جديدة.

وعقب التوقيع، أوضح رئيس مجلس الوزراء أن الاستراتيجية الوطنية المصرية في قطاع الطاقة ترتكز على ضرورة العمل على زيادة حجم اعتماد مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة إسهاماتها في مزيج الطاقة الكهربائية؛ حيث تنظر مصر إلى تطوير قطاع الطاقة المتجددة بها على أنه أولوية في أجندة العمل، خصوصاً مع ما يتوفر في مصر من إمكانات واعدة، وثروات طبيعية في هذا المجال.

وأشار وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الدكتور محمود عصمت، إلى أن هذا المشروع يأتي ضمن خطة موسعة لدعم مشروعات الطاقة المتجددة، بما يعكس التزام الدولة المصرية في توفير بيئة استثمارية مشجعة، وجذب الشركات العالمية للاستثمار في قطاعاتها الحيوية، بما يُعزز مكانتها بصفتها مركزاً إقليمياً للطاقة.

وأشاد ممثلو وزارة الكهرباء والشركة الإماراتية بالمشروع، بوصفه خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الاستراتيجي بين مصر والإمارات في مجالات التنمية المستدامة والطاقة النظيفة.