اختطاف العروس... تقليد لإثبات مدى حب الرجل لزوجته في موريتانيا

حفل زفاف في موريتانيا («الشرق الأوسط»)
حفل زفاف في موريتانيا («الشرق الأوسط»)
TT

اختطاف العروس... تقليد لإثبات مدى حب الرجل لزوجته في موريتانيا

حفل زفاف في موريتانيا («الشرق الأوسط»)
حفل زفاف في موريتانيا («الشرق الأوسط»)

فجأة، وجد محمدو وأصدقاؤه أنفسهم أمام تحدٍ صعب لا سبيل أمامهم سوى أن ينتصروا فيه، حيث تتعرض زوجته المستقبلية للخطف في ليلة زفافها، وذلك على يد صديقاتها لمعرفة مدى حب محمدو لها.
إنه تقليد دأب عليه الموريتانيون منذ القدم، حيث تعد ظاهرة اختطاف الزوجة في ليلة زفافها من قِبل صديقاتها، قديمة وضاربة في جذور التاريخ.
لم يصدق محمدو أن صديقات زوجته سيقمن باتباع هذا التقليد المتعارف عليه، فوجد نفسه صاغرا بالبحث عن زوجته داخل بيوت الجيران ولدى أهل القرية.
وترى فاطمة، إحدى صديقات زوجة محمدو، متعة وتزجية الوقت في عملية الاختطاف هذه، والتي تم تنفذيها بعد وضع خطة حاذقة وتهريب العروس من دون أن يشعر أهالي القرية أو يرونها.
وتتم هذه العملية، بحسب فاطمة، بتمويه العروس وارتداء ملابس غير لافتة بعيدة عن ملابس الزفاف، وتختار إحدى الصديقات أن ترافقها إلى مكان مجهول لا تعرفه الأخريات، حتى لا يخبرن أصدقاء العريس به.
وعرف هذا التقليد شعبيا في موريتانيا بـ«الترواغ» ودائما ما يستميل الأهالي، في وقت يستنفرون أصدقاء العريس مطلقين إنذارات الطوارئ للبحث عن العروس.
كذلك، من المعروف أن النساء في موريتانيا لا يبُحن بعشقهن للزوج، ويعتبر هذا عيبا في المجتمع، لكنهن آثرن أن يخترن معرفة مدى الحب الذي يكنه لهن الأزواج عبر بحثهم المضني عن زوجاتهن.
قد يطول بحث الزوج وزملائه عن العروس، وقد يستغرق أياما، إلا أنهم مجبورون عن البحث عنها، وإذا وجدوا أنفسهم مرهقين قبل معرفة مكانها، تظهر فجأة العروس تحت إطلاق الزغاريد وعلى وقع قرع الطبول.
مناورات مضنية
ولا يتوقف يوم العريس الطويل والشاق عند معرفة مكان زوجته، فيخضع بعد ذلك لمناورات لا تقل صعوبة عن الامتحان السابق. إنه يتعرض لسيلٍ جارف من الأسئلة، وفي هذه الحالة لا يجد عونا له، ثم يتحول الجميع في صف العروس وكذلك أصدقاؤه.
وتدور الأسئلة التي تطرح عليه حول موضوع واحد، ألا وهو حبه لعروسه، فيسألونه مثلاً: هل أنت حامد أم صابر؟ فإذا أجاب بأنه صابر، أخفق في الامتحان، ورُمي بعدم حب زوجته التي حَمَله على قَبولها الصَبرُ لا الحبُ. أما إذا قال إنه حامد، فإنه يجتاز الامتحان.
غير أن هذه «اللعبة» لا تجري بهذه السهولة، فقد تُستخدم فيها ألفاظٌ خفية لتضليل الزوج حتى يقع في الخطأ، لا سيما إذا كان غيرَ مُحنَك في هذا المجال. فيقال له مثلاً: هل اتصلَ بك حامِد اليومَ؟، لإيهامه بأن شخصاً يُدعَى حامدا اتصل به. وأيضاً فإنَ الكلام قد يُحمَل هنا على عكس ما وُضِعَ له، فيُقال له: هل اتصلتْ بكَ سعيدة مثلا، وهي عَلَم لامرأة فيَظُنُ أنَ المراد امرأة، فيقول: نعم، فيقع في الفخ، لأن «سعاد» في التعبير الرمزي الموريتاني تدل على النفور من الزوجة، وكذلك جميع مشتقاتها في هذا السياق. فعلى الزوج أن يكون فَطِناً حذراً. ومع أن أصدقاءه حَرْبٌ عليه في هذه الحالة، فإنه لا يعدم منهم مَن يُلقِنه جوابَه الصحيح.
ملح الزفاف
وترى للو مختار أن ظاهرة «الترواغ» هي «ملح ليلة الزفاف»، وأن المرأة الموريتانية في زفافها إذا لم تختطف من قبل صديقاتها فتعتبر نفسها أنها لم تتزوج.
وتدافع للو عن هذه الظاهرة، على الرغم من أنها تتسم ببعض المخاطرة، وقد تعرض صديقات العروس للأذى من قبل أصدقاء الزوج إلا أنها حق مشروع لنساء موريتانيا.
معارضة الرجل
طالما تثير ظاهرة الترواغ الجدل بين مؤيد ومعارض لها خاصة من الرجال، إذ يبرر محمد محمود شنقيطي معارضته لهذه الظاهرة بقوله: «الترواغ دائما ما ينهي العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة في المهد ويطلقها، كما أنها خطيرة على النسوة اللائي يخطفن العروس، إذ يتعرضون للعنف».
وأكد شنقيطي أنه كان شاهدا على فقدان إحدى صديقات العروس أنيابها وسقوط أسنانها بعد تعنيفها من قبل أحد أصدقاء الزوج، ودعا إلى التخلي عن هذا التقليد الشعبي.
ورغم التطور المتسارع الذي تشهده موريتانيا، وظهور العولمة والتكنولوجيا التي تجرف التقاليد والأعراف، لم تندثر ظاهرة «الترواغ»، إذ ما زالت أحد طقوس المقدسة في الزواج التقليدي، وموروثا شعبيا في وقت تجد معارضة شرسة من قبل الرجال الذين يفضلون الزواج من دون اختطاف العروس.

* من مبادرة «المراسل العربي». لإرسال القصص الصحافية راسلونا على [email protected]  

 



حفيدة صوفيا لورين «مختلفة الجمال» تخرج إلى المجتمع في «حفل المبتدئات»

جمال لوتشيا بونتي من نوع مختلف عن جدّتها (موقع الحفل)
جمال لوتشيا بونتي من نوع مختلف عن جدّتها (موقع الحفل)
TT

حفيدة صوفيا لورين «مختلفة الجمال» تخرج إلى المجتمع في «حفل المبتدئات»

جمال لوتشيا بونتي من نوع مختلف عن جدّتها (موقع الحفل)
جمال لوتشيا بونتي من نوع مختلف عن جدّتها (موقع الحفل)

يستضيف أحد أفخم فنادق باريس، آخر الشهر الحالي، المناسبة السنوية الدورية المعروفة بـ«حفل المبتدئات». وهي سهرة راقصة وباذخة لتقديم فتيات ما يُسمَّى بالطبقة المخملية إلى المجتمع. بعد ذلك تصبح كل واحدة منهنّ وجهاً حاضراً في حفلات المشاهير وهدفاً للمصوّرين وللصحافة الشعبية.

تشارك في الحفل هذا العام 17 شابة تراوح أعمارهن بين 16 و21 عاماً، وفق الشرط الخاص بهذا التقليد؛ ينتمين إلى 12 دولة. وتراوح صفات المشاركات ما بين بنات الأمراء والأميرات، وبين كبار الصناعيين وأثرياء العالم، مع ملاحظة حضور عدد من بنات وحفيدات نجوم السينما، أبرزهنّ لوتشيا صوفيا بونتي، حفيدة النجمة الإيطالية صوفيا لورين وزوجها المنتج كارلو بونتي.

جرت العادة أن تحضُر كل مُشاركة بصحبة فتى من أبناء المشاهير والأثرياء، وأن ترقص معه «الفالس» كأنهما في حفل من حفلات القصور في عهود ملوك أوروبا. كما تقتضي المناسبة أن ترتدي المُشاركات فساتين للسهرة من توقيع كبار المصمّمين العالميين. وأن تكون مجوهراتهن من إبداع مشاهير الصاغة. وبهذا فإنّ الحفل تحوَّل في السنوات الأخيرة إلى مباراة في الأناقة والمنافسة بين الأسماء البارزة في الخياطة الراقية، على غرار ما يحدُث في حفلات جوائز «الأوسكار» وافتتاح مهرجانات السينما. ورغم أنّ رائحة النقود تفوح من الحفل، فإنّ الفتيات لا يشترين مشاركتهن بمبالغ مدفوعة، وإنما يُختَرن وفق ترتيبات خاصة.

تعود أصول هذا الحفل إلى البلاط البريطاني في القرن الـ18، إذ كان من الطقوس التي سمحت للشابات الصغيرات بالاندماج في محيطهن. والهدف طمأنة الخاطبين الشباب إلى أنّ هؤلاء الفتيات من «الوسط عينه». فقد كانت بنات الأرستقراطية يتلقّين تربيتهن في الأديرة، ويجدن صعوبة في العثور على عريس مناسب عند الخروج من الدير. لذا؛ جرت العادة أن يُقدَّمن إلى الملكة مرتديات فساتين وقفازات بيضاء طويلة وعلى رؤوسهن التيجان. بهذا؛ فإنّ الحفل كان يعني الدخول إلى عالم الكبار، وبمثابة بداية الموسم الذي يسمح للنُّخب الإنجليزية بالالتقاء في مناسبات خاصة بها.

وعام 1780، نُظِّم أول حفل راقص من هذا النوع بمبادرة من الملك جورج الثالث، وذلك بمناسبة عيد ميلاد زوجته الملكة شارلوت. وساعد ريع الحفل في تمويل جناح الولادة في المستشفى الذي يحمل اسم الملكة. كما دُعم هذا التقليد البريطاني من الأرستقراطيين الفرنسيين المنفيين إلى بريطانيا خلال الثورة، لأنه كان يذكّرهم بحفلات بلاط قصر فرساي. واستمر الحفل سنوياً حتى عام 1958، عندما ألغته الملكة إليزابيث الثانية. وعام 1957، أعادت فرنسا الاتصال بالتقاليد البريطانية، إذ تولّى الراقص جاك شازو تقديم المبتدئات ذوات الفساتين البيضاء والقفازات والتيجان إلى كونتيسة باريس، وذلك على مسرح الأوبرا.

وكانت مجلة «فوربس» قد صنفّت «حفل المبتدئات» المُقام سنوياً في العاصمة الفرنسية واحداً من بين أفخم 10 سهرات في العالم. وبفضل دوراته السابقة، تعرَّف العالم على سليلة أحد ماهراجات الهند، وعلى كيرا ابنة روبرت كيندي جونيور، وابنة رئيس وزراء إيطاليا السابق سيلفيو بيرلسكوني، وابنة المنتج ورجل الأعمال التونسي الطارق بن عمار، وبنات كل من الممثلَيْن كلينت إيستوود وسيلفستر ستالون. أما في حفل 2024، فمن المقرَّر مشاركة أونا ابنة الممثل البريطاني بيتر فينش، ومن هونغ كونغ إيلام يام ابنة الممثل سيمون يام، وإنجيل ابنة المخرج الصيني زيانغ ييمو؛ إذ لوحظ في السنوات الأخيرة ارتفاع نسبة المُشاركات سليلات أثرياء القارة الآسيوية.