مصر: إدراج أبو تريكة على قوائم «الإرهابيين» مجدداً

تأييد حبس 16 من «الإخوان» ارتكبوا أعمال عنف وشغب بالإسكندرية

لاعب كرة القدم الدولي المعتزل محمد أبو تريكة.
لاعب كرة القدم الدولي المعتزل محمد أبو تريكة.
TT

مصر: إدراج أبو تريكة على قوائم «الإرهابيين» مجدداً

لاعب كرة القدم الدولي المعتزل محمد أبو تريكة.
لاعب كرة القدم الدولي المعتزل محمد أبو تريكة.

فيما عده مراقبون بأنه «يُبدد آمال لاعب كرة القدم الدولي المعتزل محمد أبو تريكة في العودة إلى مصر قريباً»، أصدرت محكمة مصرية حكما بإدراج 1529 شخصاً على قائمة الشخصيات الإرهابية لمدة خمس سنوات من بينهم الرئيس الأسبق محمد مرسي، وأبو تريكة.
ويقيم أبو تريكة لاعب منتخب مصر والنادي الأهلي السابق في قطر منذ بضع سنوات... ولمح في مارس (آذار) الماضي من خلال تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إلى أنه «قد يعود إلى مصر قريباً»؛ لكن يبدو أن الحكم الجديد قد يؤخر هذه العودة.
وكانت محكمة جنايات القاهرة قد وضعت أبو تريكة، 38 عاماً، في يناير (كانون الثاني) عام 2017 على قوائم المنظمات والشخصيات الإرهابية، بعد أن اتهمته بالمساهمة في تمويل جماعة «الإخوان» بقصد القيام بأعمال إرهابية، والإضرار باقتصاد البلاد.
وطعن أبو تريكة على الحكم أمام محكمة النقض (أعلى محكمة مدنية في البلاد)... ومن المقرر أن تصدر محكمة النقض حكمها في الطعن يوليو (تموز) القادم... وأحكام محكمة النقض نهائية وغير قابلة للطعن.
وقالت محكمة جنايات القاهرة في حيثيات حكمها الجديد على أبو تريكة وقيادات «الإخوان» والذي نشرته في الجريدة الرسمية مساء أول من أمس، إن قيادات التنظيم الهاربين خارج البلاد قاموا مؤخراً بعقد عدة اجتماعات فيما بينهم اتفقوا خلالها على وضع مخطط لتوفير الدعم اللازم للتنظيم للحفاظ على هياكله التنظيمية داخل البلاد، وإثبات وجوده على الساحة ورفع الروح المعنوية لعناصره وتحسين صورته في عيون العامة.
وأضافت المحكمة: أن الكوادر حاولت منع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها والتعدي على المنشآت العامة، وتهديد الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي... وأن التحريات دلت على قيام الكوادر بتشجيع المواطنين على تخزين السلع، وتهريب الأموال السائلة من الدولار إلى خارج البلاد للإضرار بالاقتصاد الوطني، عن طريق شركات صرافة تابعة للجماعة، فضلاً عن قيام القنوات والمواقع الإلكترونية التابعة للجماعة بخلق مناخ تشاؤمي حول مستقبل الاقتصاد الوطني، عن طريق نشر معلومات وأخبار كاذبة.
وقال مصدر قضائي إن «حكم محكمة الجنايات الجديد يعني أن هؤلاء الأشخاص سيبقون على قائمة الشخصيات الإرهابية، حتى لو صدر حكم من محكمة النقض بإلغاء إدراجهم على القائمة». مضيفاً: أن «الحكم الجديد يستلزم الطعن مرة أخرى أمام محكمة النقض خلال 60 يوماً من تاريخ صدور القرار».
ووفقاً لقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين الذي صدر عام 2015، فإن إدراج أي جماعة أو أشخاص على هذه القوائم، يتبعه تلقائياً التحفظ على الأموال، والمنع من السفر، والإدراج على قوائم الترقب من الوصول والمنع من السفر.
وسبق الحكم الأخير على أبو تريكة، حكم في نهاية أبريل (نيسان) الماضي، بوقف طعن تقدمت به الحكومة ضد قرار إلغاء التحفظ على أموال أبو تريكة، وهو قرار لا يعني إلغاء التحفظ على أموال اللاعب... وكانت هيئة قضايا الدولة (الممثل القانوني للدولة) قد سعت إلى إيقاف أثر حكم سابق صدر من القضاء الإداري بإلغاء قرار التحفظ على أموال اللاعب، الذي أدرج في قائمة «الإرهابيين».
وكانت محكمة القضاء الإداري قضت، في وقت سابق، بقبول استشكال تقدم به أبو تريكة، طالب فيه بالاستمرار في تنفيذ حكم إلغاء التحفظ على أمواله.
وأدرجت مصر جماعة «الإخوان» على قائمة الكيانات الإرهابية... وسبق أن جمدت لجنة مشكلة للتحفظ على أموال وممتلكات الجماعة أصول اللاعب الأسبق، غير أنه طعن في القرار فتم إلغاؤه.
وأبو تريكة، الذي اعتزل اللعب عام 2013، من أبرز اللاعبين في تاريخ الكرة المصرية، حيث حاز على لقب أفضل لاعب محلي في أفريقيا، بعد أن ساهم في إحراز بلاده كأس أفريقيا مرتين في عام 2006 و2008.
وسبق أن أعلن أبو تريكة تأييده لمرسي عندما أعلن ترشحه لانتخابات الرئاسة في عام 2012 لكنه عاد ونفى في أكثر من مناسبة قيامه بتمويل «الإخوان».
وتتردد أنباء عن استقرار أبو تريكة في الدوحة، وعدم عودته لمصر من جديد، في ظل الملاحقات القضائية له بتهمة تمويل «الإخوان» - بحسب مقربين منه -.
وكانت لجنة تم تشكيلها للتحفظ على أموال وممتلكات الجماعة قد جمدت أصول أبو تريكة عام 2015 قبل أن تلغي محكمة القضاء الإداري قرار التحفظ، لأن اسم اللاعب لم يدرج ضمن قائمة «الإرهابيين» المنصوص عليها في قانون الكيانات الإرهابية. وفي 21 يونيو (حزيران) الماضي، قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بقبول الطعن المقام من أبو تريكة لإلغاء قرار التحفظ على أموال شركته «أصحاب تورز» بعد توصية هيئة مفوضي الدولة بإلغاء قرار لجنة التحفظ على أموال «الإخوان».
في غضون ذلك، رفضت المحكمة العسكرية العليا للطعون أمس، الطعن بالنقض المقدم من 16 «إخوانياً» على أحكام سجنهم في اتهامهم بأحداث عنف الإسكندرية عام 2016 وتأييد حبسهم.
وكانت المحكمة العسكرية بالإسكندرية قد قضت على 5 متهمين بالسجن 15 سنة، ومراقبة 5 سنوات، وعلى 11 متهماً بالسجن المؤبد 25 عاماً، و5 سنوات مراقبة. ووجهت النيابة العسكرية للمتهمين جرائم «التجمهر، والتظاهر، واستعراض القوة (بلطجة)، والشروع في القتل، وإتلاف سيارة شرطة، وحيازة أسلحة ومولوتوف وألعاب نارية».



ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

مُسيّرات حوثية تستخدمها الجماعة في هجماتها ضد السفن (رويترز)
مُسيّرات حوثية تستخدمها الجماعة في هجماتها ضد السفن (رويترز)
TT

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

مُسيّرات حوثية تستخدمها الجماعة في هجماتها ضد السفن (رويترز)
مُسيّرات حوثية تستخدمها الجماعة في هجماتها ضد السفن (رويترز)

لم تمضِ سوى ساعات معدودة على احتفالات الجماعة الحوثية بإطلاق صاروخ باليستي على تل أبيب، حتى اضطر قادتها إلى الصمت، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي عن تمكّنه من اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله في غارات جوية على الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت.

وجاءت الهجمة الصاروخية الحوثية بعد ساعات من إبداء زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، في كلمته الأسبوعية عزمه وجماعته المضي قدماً في إسناد «حزب الله» وحركة «حماس» في مواجهتهما مع الجيش الإسرائيلي، وهي الكلمة التي أكد فيها أن «(حزب الله) في تماسك تام، وأقوى من أي زمن مضى»، متوعداً إسرائيل بالهزيمة.

وبينما كانت الجماعة تُعدّ هجمتها الصاروخية تلك تعزيزاً لحضورها في مشهد الصراع الإقليمي، وتأكيداً على مزاعمها في التفوق التكنولوجي والعسكري، جاءت الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع مهمة لـ«حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية وجنوب لبنان، لتضع حدّاً لتلك الاحتفالات، خصوصاً بعد إعلان إسرائيل تمكّنها من اغتيال قائد الحزب، الأمر الذي يُمثل ضربة في مقتل لمحور الممانعة.

وتتزامن هذه التطورات مع تقرير سري قدّمه خبراء في الأمم المتحدة حول تحول الجماعة الحوثية من حركة مسلحة محلية بقدرات محدودة، إلى منظمة عسكرية قوية، بعد تلقي مساعدات وخبرات من «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» اللبناني ومتخصصين وفنيين عراقيين.

ولا يمتلك الحوثيون القدرة على التطور والإنتاج من دون دعم أجنبي وأنظمة أسلحة معقدة، وفق ما نقل الخبراء عن متخصصين عسكريين يمنيين ومقربين من الحوثيين، إذ إن نطاق عمليات نقل العتاد والتكنولوجيا العسكرية من مصادر خارجية إلى الجماعة غير مسبوق، وتشمل عمليات الدعم التمويل المالي والتدريب الفني والتكتيكي.

ولاحظ الخبراء تشابه الأسلحة والتكتيكات التي تستخدمها الجماعة مع تلك التي تمتلكها وتنتجها إيران، إلى جانب توصلهم إلى زيادة التعاون بينها و«تنظيم القاعدة» من جهة، وزيادة أنشطة التهريب المتبادل بينها وحركة «الشباب» الصومالية.

استبعاد الخلافة

تضع الضربات المتتالية التي تعرض لها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة الجماعة الحوثية أمام خيارات معقدة، خصوصاً أنها استفادت من المواجهات بين الحزب وإسرائيل في تسويق نفسها، من خلال التصعيد الذي تخوضه في البحر الأحمر والمحيط الهندي، وصولاً إلى إطلاق صواريخ باليستية، تزعم أنها فرط صوتية، باتجاه إسرائيل.

ومن شأن التعامل الإسرائيلي العنيف تجاه «حزب الله» أن يدفع الأذرع الإيرانية في المنطقة، مثل الجماعة الحوثية، لتحسس رقابهم وفق إسلام المنسي، الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط، الذي يتوقع أن هذه الأذرع ستحسب حسابها لأي خطوة تصعيدية.

زوارق تابعة للجماعة الحوثية التي يقول خبراء الأمم المتحدة إنها تحوّلت إلى منظمة عسكرية (أ.ف.ب)

ويوضح المنسي لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية أصبحت الآن أبعد ما تكون عن الاستهانة بما يجري من تصعيد، بل إنها ستختار مساراً جديداً للتعامل مع ما فرضه هذا التصعيد، وذلك وفق لتوجيهات طهران التي تُحدد لكل طرف مهامه وأدواره، والأوامر تأتي عادة من قيادة «الحرس الثوري» و«فيلق القدس».

ولا يتوقع الباحث أن يكون هناك رد فعل انتقامي غريزي من أي ذراع إيرانية في المنطقة، دون النظر للحسابات الإقليمية والدولية، ومنها الملف النووي الإيراني والحسابات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، مستبعداً أن تسعى الجماعة الحوثية إلى وضع نفسها بديلاً لـ«حزب الله» في مواجهة إسرائيل.

ويرى المنسي، وهو باحث في الشؤون الإيرانية، أن الجماعة الحوثية لا تملك القوة أو الخبرة التي كان يمتلكها «حزب الله»، والذي تعرض لاختراق كبير من طرف إسرائيل، ومع احتمالية نشوء فراغ كبير بعد اغتيال نصر الله، فإن الجماعة الحوثية ليست مؤهلة لملئه، خصوصاً مع العوائق الجغرافية وبُعد المسافة عن مركز الصراع.

وعلى مدى 10 أشهر، تشّن الجماعة الحوثية هجمات متكررة بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية على سفن في ممرات الشحن المهمة في البحر الأحمر، تحت ما تسميه «دعم الفلسطينيين» في قطاع غزة، متسببة في تعطيل حركة التجارة البحرية العالمية.

حسابات معقدة

لم يصدر رد فعل من الجماعة الحوثية على إعلان الجيش الإسرائيلي اغتيال حسن نصر الله، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي التي ينشط فيها عدد من القادة الحوثيين على مدار الساعة، توقف غالبيتهم عن النشر، خصوصاً أنهم كانوا يحتفلون بالهجمة الصاروخية الأخيرة على تل أبيب.

لقطة شاشة لاعتراض الصاروخ الذي تبنّت الجماعة الحوثية إطلاقه على تل أبيب الجمعة الماضي (إكس)

ويتوقع الباحث السياسي صلاح علي صلاح، أن تكون الجماعة في حيرة من أمرها حالياً بين استمرار التصعيد أو التراجع عن ذلك، وأن ثمة انقساماً داخلياً حول اتخاذ قرار بهذا الشأن، خصوصاً أنها عانت مثل هذا الانقسام سابقاً في مواقف عدة، حتى وإن لم يظهر ذلك للعلن.

ولا يمكن للجماعة، وفق حديث صلاح لـ«الشرق الأوسط» أن تحسم أمرها بشأن التصعيد أو الانتقام لمقتل أمين عام «حزب الله»، والضربات التي تلقاها الحزب الذي قدم كثيراً من الخدمات والمعونات لها، وتمكنت بمساعدة خبراته من تحقيق مزيد من النفوذ والسيطرة محلياً، وتقديم نفسها لاعباً خطيراً على المستوى الإقليمي، يؤثر على مصالح كثير من القوى.

لكنه يستدرك بالإشارة إلى أن الجماعة ربما لا تدرك مخاطر التصعيد عليها وعلى المجتمع اليمني، وإن كان السكان تحت سيطرتها ليسوا في محور اهتماماتها، فإن الجناح العقائدي المتشدد فيها قد لا يكون في مستوى من الإدراك بما يمكن أن يعود به التصعيد عليها من آثار.

ويذهب صلاح إلى أن تأخر إسرائيل في الرد على الجماعة الحوثية ليس من قبيل عدم الاكتراث بهجماتها أو تجاهلها، بل إن ذلك يأتي من باب ترتيب الأولويات، فهي حالياً في طور التعامل مع «حزب الله»، قبل الانتقال إلى مصادر الهجمات التي تتعرض لها من سوريا والعراق، ثم التوجه إلى اليمن، حيث تؤثر الجغرافيا في ذلك الترتيبات.

تهدئة إجبارية

لم تتردد إسرائيل في الرد على التهديدات الحوثية، وفي العشرين من يوليو (تموز) الماضي، شنّت هجمة جوية على ميناء الحديدة على الساحل الغربي في اليمن الذي تُسيطر عليه الجماعة الحوثية، بعد يوم واحد من هجوم حوثي مميت بطائرة مسيرة على تل أبيب، ما أسفر عن احتراق منشآت وخزانات وقود وسقوط قتلى من عمال الميناء.

المخاوف تتزايد من تأثيرات مضاعفة للتصعيد الحوثي الإسرائيلي على الوضع الإنساني الكارثي في اليمن (رويترز)

ومن المرجح أن تؤثر عملية اغتيال أمين عام «حزب الله» على التصعيد الحوثي طبقاً لما يراه الباحث السياسي اليمني، عبد الرحمن أنيس، الذي يعيد التذكير بما نتج عن الضربة الإسرائيلية في ميناء الحديدة من تأثير كبير على العمليات الحوثية باتجاه إسرائيل لوقت ليس بالقصير.

ولم تلمس الجماعة الحوثية جدية في محاولة ردعها عن ممارساتها طوال أشهر من الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها مثلما شعرت بعد الضربة الإسرائيلية، طبقاً لإفادات أنيس، التي خصّ بها «الشرق الأوسط»، لدرجة أن الصاروخ الباليستي الذي أطلقته أخيراً لم يكن سوى محاولة للفت الانتباه بفرقعة إعلامية أكثر مما هي ضربة عسكرية.

ومن المؤكد، حسب أنيس، أن الجماعة الحوثية ستستقبل اغتيال أمين عام «حزب الله»، بجدية بالغة، وأن تلجأ إلى تخفيف حدة هجماتها، ليس فقط باتجاه إسرائيل، بل في البحر الأحمر أيضاً، وأن يتخذ قاداتها احتياطات أمنية شديدة لحماية أنفسهم، خوفاً من الاستهداف الإسرائيلي، في حين لن يطرأ أي جديد في التعامل الأميركي البريطاني معهم.