روسيا ترعى خروج مقاتلين معارضين من جنوب دمشق

محطة قطار القدم جنوب سوريا كما بدت أمس بعد معارك قوات النظام لاستعادتها من تنظيم {داعش} (إ.ب.أ)
محطة قطار القدم جنوب سوريا كما بدت أمس بعد معارك قوات النظام لاستعادتها من تنظيم {داعش} (إ.ب.أ)
TT

روسيا ترعى خروج مقاتلين معارضين من جنوب دمشق

محطة قطار القدم جنوب سوريا كما بدت أمس بعد معارك قوات النظام لاستعادتها من تنظيم {داعش} (إ.ب.أ)
محطة قطار القدم جنوب سوريا كما بدت أمس بعد معارك قوات النظام لاستعادتها من تنظيم {داعش} (إ.ب.أ)

توصلت دمشق إلى اتفاق مع فصائل معارضة لإخراج مقاتليها من منطقة في جنوب دمشق قرب موقع يشهد عملية لقوات الجيش السوري ضد عناصر تنظيم داعش.
ويأتي الإعلان بعد أكثر من أسبوع على الهجوم لإخراج مقاتلي التنظيم من أحياء في جنوب العاصمة، بينها مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين. وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أمس، التوصل إلى اتفاق لإجلاء مقاتلي المعارضة وأفراد عائلاتهم من مناطق خاضعة لسيطرتهم شرق اليرموك. وتحدثت عن «معلومات عن التوصل لاتفاق بين الحكومة السورية وبين المجموعات الإرهابية جنوب دمشق في بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم».
من جهتها قالت لجنة المفاوضات في جنوب دمشق، إن اتفاقاً بوساطة روسية أُنجز مع قوات الأسد. وتضمن الاتفاق خروج رافضي المصالحة من الفصائل العسكرية وعائلاتهم بسلاحهم الفردي. جاء ذلك في بيان أكدت فيه اللجنة التوصُّل إلى الاتفاق، لافتة إلى أن عملية الخروج تبدأ «بعد تأمين جبهات المنطقة». كما يمكن لمن يرغب في الخروج من المدنيين أن ينضم للاتفاق. ولم يصدر عن النظام أو لجنة المفاوضات إشارة للجهة التي سينتقل إليها المقاتلون والمدنيون.
وأشار البيان إلى أنه يمكن للراغبين بالبقاء في المنطقة، أن يقوموا بتسليم سلاحهم للشرطة العسكرية الروسية، وتسوية أوضاعهم مع قوات النظام، منوهاً بأن مسؤولية حماية البلدات بعد تنفيذ عملية الخروج «تقع على عاتق الشرطة العسكرية الروسية»، وأن النظام التزم بتأمين العودة السريعة لمؤسساته «الخدمية والاقتصادية والطبية والتعليمية».
وينص أحد بنود الاتفاق، أنه يُمنح تأجيل للخدمة الإلزامية لمدة 6 أشهر للشبان، في حين يمكن لمن سيقوم بتسوية وضعه بالتطوع في صفوف قوات النظام.
والاتفاق هو الأخير من نوعه ضمن سلسلة مشابهة سيطر النظام بموجبها على مناطق قرب العاصمة عقب انسحاب مقاتلي المعارضة.
وسيسمح اتفاق من هذا النوع في محيط يلدا، للنظام، بنشر قواته على الأطراف الشرقية لليرموك بعدما تقدمت وحدات أخرى نحو المخيم من الجهة الغربية، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وسيطرت قوات النظام، خلال اليومين الماضيين، على أجزاء واسعة من حي القدم الواقع شرق اليرموك. والسبت، سيطر تنظيم داعش على مستشفى ومبانٍ محيطة بالأطراف الشرقية لليرموك في محاولته الوصول إلى يلدا، وفق «المرصد». وأضاف أن مقاتلات النظام قصفت، أمس، اليرموك وحي الحجر الأسود المحاذي.
وسيطر مقاتلو تنظيم داعش على أجزاء من اليرموك والحجر الأسود منذ العام 2015، فيما سيطروا على حي القدم في هجوم مفاجئ الشهر الماضي. وأفاد «المرصد» بأن 85 من عناصر النظام و74 مقاتلاً من التنظيم لقوا حتفهم خلال عشرة أيام من المعارك في جنوب دمشق.
ويأتي الإعلان عن اتفاق لإجلاء عناصر الفصائل من يلدا والمناطق القريبة منها بعدما استعاد النظام الغوطة الشرقية التي كانت معقلاً رئيسياً للمعارضة قرب دمشق هذا الشهر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.