العبادي يحشد انتخابياً في كركوك

ائتلافه نفى الاتفاق مع المالكي

رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته خلال تجمع انتخابي لائتلافه في كركوك أمس (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته خلال تجمع انتخابي لائتلافه في كركوك أمس (رويترز)
TT

العبادي يحشد انتخابياً في كركوك

رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته خلال تجمع انتخابي لائتلافه في كركوك أمس (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته خلال تجمع انتخابي لائتلافه في كركوك أمس (رويترز)

للمرة الثانية خلال أشهر قليلة، يزور رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، حيدر العبادي، كركوك. زيارته الأولى كانت بوصفه «فاتحاً» في 16 أكتوبر (تشرين الأول)، إثر فشل الاستفتاء الذي أجراه إقليم كردستان في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، والثانية، كانت أمس بوصفه زعيماً لائتلاف اسمه «النصر».
خطوات العبادي، التي تبدو واثقة، أثارت مخاوف شركائه في البيت الشيعي أكثر مما أثارت خصومه من القوائم والكتل والمكونات الأخرى. وفي إطار احتفالية ائتلاف «النصر»، أكد العبادي أن مدينة كركوك «آمنة بالعرب والكرد والتركمان، مسلمين ومسيحيين وباقي الأقليات، ولا نقبل أن تكون لقومية دون أخرى». وأضاف أن «وحدة المواطنين العراقيين هي التي حققت الانتصار على تنظيم داعش»، مشيراً إلى أن «قادة دول تصوروا العراق قد انتهى عندما دخل تنظيم داعش إلى مدنه». وأوضح العبادي أن «هذه الدولة لا تفرّق بين أبناء العراق على أساس الدين أو المذهب»، مبيناً أن «الدولة ترعى جميع المواطنين، وأن زمن الظلم والمقابر الجماعية ولّى».
وأشار العبادي إلى أن «الجميع التحم في قتل (داعش)، أبناء العشائر والجيش والشرطة والبيشمركة التي كانت على أطراف كركوك، كما التحم المواطن معهم». ورغم خلو خطاب «النصر» الذي ألقاه العبادي العام الماضي من الإشادة بالبيشمركة الكردية، وهو ما أثار امتعاض القيادات الكردية، فقد كرر العبادي مؤخراً خلال زياراته لمحافظات إقليم كردستان الإشادة بالبيشمركة بما في ذلك في كركوك أمس، قائلاً إن «العراق صمد ولم يتخيلوا أن تتحد البيشمركة مع الجيش العراقي ويقاتلوا جنباً إلى جنب من أجل تحرير المناطق».
وفي هذا السياق أكد حسين درويش العادلي، المتحدث الرسمي باسم ائتلاف النصر، الذي يتزعمه العبادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العبادي يمثل حالة وطنية ومشروعاً عراقياً، حيث إن ائتلافه يضم جميع الأطياف العراقية وهو ما يدعوه إلى أن يلتقي بها جميعاً في كل المحافظات العراقية»، مبيناً أن «زيارة العبادي لكركوك تأتي في هذا السياق كونه زعيم قائمة لكنه في الوقت نفسه أراد أن يبعث أكثر من رسالة منها أننا أبناء بلد واحد، وأن العراق يتعافى وأن المشكلات مهما كانت فإنها زائلة عن طريق التفاهم والحوار».
إلى ذلك فقد نفى ائتلاف النصر، الأنباء التي تحدثت عن وجود اتفاقات بين الائتلاف والكتل الانتخابية الأخرى، في إشارة إلى ما يُثار عن وجود اتفاق مسبق مع نوري المالكي لتشكيل كتلة واحدة بعد الانتخابات. وقال بيان لائتلاف النصر إنه «لا يود أي اتفاقات مع الكتل الانتخابية، حيث إن المواطن هو من يختار ممثليه في الانتخابات النيابية المقبلة وليست الكتل»، مبيناً أن «رئيس الوزراء يلتقي بين فترة وأخرى الرئاسات الثلاث وضمنهم نواب رئيس الجمهورية، والمالكي أحدهم». وأضاف البيان أنه «بحكم مسؤولياته كرئيس وزراء فإن العبادي عادةً ما يلتقي الرئاسات ومسؤولي الكتل السياسية النيابية من أجل تحقيق الانسجام بين السلطات في الدولة لتحقيق مصلحة البلاد ومصالح المواطنين».
وبينما دعا القيادي العربي في محافظة كركوك عبد الرحمن منشد العاصي، أول من أمس (الجمعة)، رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، إلى سحب مرشحيه من التنافس الانتخابي في المحافظة ضماناً لوحدة الصوت العربي وعدم تشتته، فقد عبر قياديان، كردي وتركماني، عن عدم الارتياح للزيارة لأنها ذات طابع ترويجي في وقت تحتاج فيه كركوك إلى حل لمشكلاتها المزمنة. وكان العاصي قد أعلن في بيان له قبيل زيارة العبادي لكركوك أن عرب المحافظة يطالبون العبادي «بسحب مرشحيه من التنافس الانتخابي في المحافظة ضماناً لوحدة الصوت العربي وعدم تشتته»، لافتاً إلى أن «مطلبنا ليس رفضاً لائتلاف النصر بل دعماً لعدم تشتت أصوات مكون أساسي بهذه المحافطة المهمة، كما أن عرب كركوك ينتظرون من العبادي أن يكون داعماً للتحالف العربي الذي يعوّلون عليه في لمّ شملهم وعدم تشتت أصواتهم».
من جهته، قال شوان داودي، عضو البرلمان العراقي عن كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني، لـ«الشرق الأوسط» إن «الشارع الكردي منزعج من زيارة العبادي هذه إلى كركوك، حيث إنه رغم كل المشكلات التي حصلت في كركوك لم يكلف العبادي نفسه المجيء إلى كركوك لمعالجة تلك المشكلات». وأضاف أن «العبادي يعلم قبل غيره أن مكونات كركوك تحتاج إلى حوار جدي لا إلى ترويج لقوائم انتخابية يمكن أن يقوم بها المرشحون أنفسهم». ولفت داودي إلى أن «المنافسين العرب لكتلة العبادي أقوياء وبالتالي لا أتوقع أن تكون لها حصة كبيرة من أصوات العرب في هذه المحافظة».
بدوره، اعتبر عضو البرلمان العراقي عن الجبهة التركمانية، حسن توران، في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أن «زيارة العبادي الحالية إلى كركوك انتخابية ترويجية فقط ولا تحمل أي صفة رسمية»، مضيفاً أن «أهالي كركوك ومكوناتها كانوا ينتظرون أن يزور العبادي كركوك بعد عمليات فرض القانون العام الماضي، لكن هذا لم يحصل». وأوضح توران أن «العبادي تأخر كثيراً، حيث كان بإمكانه التعرف أكثر على أوضاع كركوك، لكن مع ذلك نرحب بالزيارة لكونها تؤكد عائدية كركوك إلى المركز».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».