حرب كلامية فصائلية وشخصية عشية انعقاد المجلس الوطني

الرئاسة تتعهد بدفن محاولات «القيادة البديلة»... و«حماس» تدعم مؤتمرات موازية

TT

حرب كلامية فصائلية وشخصية عشية انعقاد المجلس الوطني

تصاعدت حرب «التمثيل» الفلسطينية، عشية عقد جلسة المجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير يوم غد الاثنين، وسط استعدادات لعقد مؤتمرات موازية في غزة والخارج وتهديدات مقابلة بدفن كل محاولة لإيجاد قيادة بديلة.
وقال نبيل أبو ردينة، الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية: «إن الشعب الفلسطيني الصامد، وبقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، استطاع وأد كل المؤامرات التي حيكت ضد مشروعنا الوطني، ودفنت محاولات إيجاد القيادة البديلة أو المحلية والانشقاقات المشبوهة التي حاولت شق الصف الوطني الفلسطيني»، مضيفاً: «المنظمة واجهت على الدوام، الكثير من الظروف الصعبة التي حاول البعض خلالها إقامة محاور بديلة للقيادة الشرعية، كمحاولة إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة إقامة قيادة بديلة لمنظمة التحرير، لتصفية المشروع الوطني الفلسطيني، ورهن قضية شعبنا بمشاريع مؤقتة مشبوهة، أو محاولات إقليمية لخلق جسم موازٍ مشبوه ليتعامل مع الأفكار التصفوية المرفوضة شعبياً ورسمياً».
وتابع أبو ردينة: «مواقف الشعب الفلسطيني والتفافه حول قياداته التاريخية، كان العامل الحاسم في تحقيق النصر بتلك المعارك التي خاضتها (م.ت.ف) للدفاع عن القرار الوطني المستقل، والتمسك بأهدافنا المشروعة بإقامة دولتنا المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، وإلغاء كل السياسات والمشاريع المشبوهة، التي تأتي الآن على شكل أفكار لإقامة نظام أمني إقليمي، رغم أن صانعي السياسة الأميركية غير متأكدين تماما مما يجب القيام به تجاه الشرق الأوسط بأسره».
وقال أبو ردينة: «يشكل انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني على أرض فلسطين صفحة جديدة من التاريخ الفلسطيني المشرف في معركة البقاء التي لم تنتهِ بعد، رغم الخلل في التوازن الإقليمي والدولي». وأضاف: «المطلوب فلسطينيّاً الآن هو التمسك بالمصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني المتمثلة بتثبيت أركان منظمة التحرير الفلسطينية، وعدم المساومة على الثوابت الأساسية لقضيتنا الوطنية، لأن المواقف المتهورة لن تبقى وستزول أمام صمود شعبنا على أرضه». وجاء حديث أبو ردينة فيما تعمل حركة حماس وقوى أخرى على عقد مؤتمرات خارجية في الوقت الذي سيعقد فيه الوطني.
وعلى الرغم من أن حماس أكدت أن المؤتمرات ليست بديلاً لمنظمة التحرير، فإن حركة فتح ترى في هذه المؤتمرات محاولة لخلق جسم بديل للمنظمة.
وقال نائب رئيس حركة فتح، عضو اللجنة المركزية محمود العالول، إن أحداً لن ينجح في تشكيل جسم بديل عن منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، أو خلق اصطفاف موازٍ لها أو شطبها. وتابع العالول: «كل المحاولات لخلق اصطفاف آخر قد فشلت». وأردف: «يجب ألا يتوهم أحد أن بمقدوره أن يكون بديلاً عن المنظمة أو أن يحل مكانها وما يسعى إليه الاحتلال والإدارة الأميركية وآخرون هو شطب المنظمة لخلق بديل لها».
وتخطط حماس وقوى فلسطينية لعقد مؤتمرات في غزة وبيروت وروما في رسالة رفض لعقد الوطني في رام الله، وباعتباره «لا يمثل الكل الفلسطيني».
وكانت «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وكذلك الجبهة الشعبية المنضوية تحت إطار منظمة التحرير رفضوا عقد المجلس الوطني في رام الله أو المشاركة فيه متهمين الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالانفراد في القرارات. وقالت الفصائل الرافضة إنه يجب عقد جلسة المجلس الوطني في الخارج بمشاركة الجميع بعد تفعيل الإطار القيادي المؤقت، لكن حركة فتح، رفضت وأصرت على عقد الوطني في رام الله بـ«من حضر».
ويكتسب عقد المجلس الوطني الذي هو أهم أذرع منظمة التحرير وبمثابة برلمان الفلسطينيين، أهمية كبيرة، هذه المرة، لأن عباس يتطلع لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير، وهي أعلى هيئة قيادية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، في إطار ترتيباته من أجل «انتقال سلس» للسلطة في حال أي غياب قهري له.
وعقد المجلس الوطني منذ تأسيسه 22 مرة، آخرها دورة استثنائية في رام الله عام 2009، انتهت بتعيين وانتخاب 6 أعضاء جدد في المنظمة ليصبح عدد أعضائها 18 عضواً.
وسيضمن انتخاب لجنة تنفيذية جديدة التخلص من شخوص والدفع بآخرين لتشكيل قيادة جديدة وقوية.
وحددت حركة فتح 3 من أعضاء لجنتها المركزية مرشحين لانتخابات اللجنة التنفيذية، وهم الرئيس محمود عباس وصائب عريقات وهو أمين سر اللجنة التنفيذية الحالية، وعزام الأحمد مسؤول ملف المصالحة في الحركة.
واختيار هؤلاء يقوي موقفهم أيضاً فيما يخص إمكانية خلافة الرئيس عباس الذي كان عين قبل عام محمود العالول نائباً له، وأعطاه صلاحيات كبيرة. ويعني انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، ضربة أخرى لمعسكر «حماس» في إطار حرب «التمثيل».
وقبل عقد الوطني بأيام تصاعدت الحرب الكلامية بين الفصائل وانضم إليها أشخاص لم يحظوا بعضوية المجلس الوطني، واتهموا عباس بضرب المؤسسة الفلسطينية.
وشنَّ ياسر عبد ربه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير هجوماً ضد «المهزلة» بعد استبعاده من قائمة الأعضاء ورد عليه القيادي في «فتح» عزام الأحمد متهماً إياه بالاستمرار بـ«الألاعيب».
وهاجمت حماس مجدداً عقد الوطني في رام الله. وقال القيادي في الحركة خليل الحية، «إن مخرجات المجلس الوطني الفلسطيني لا تلزمنا، لأنه لا يمثل الشعب الفلسطيني».
كما جددت الجبهة الشعبية مطالبتها لعباس بإلغاء عقد اجتماع المجلس الوطني والعمل على عقد اجتماع وطني توحيدي يضم الكل الفلسطيني.
واتهم رباح مهنا عضو المكتب السياسي للجبهة، حركة «فتح» بـ«العمل على ترتيبات انفرادية للمجلس الوطني وإنتاج مجلس وطني ولجنة تنفيذية بمقاسات محددة».
وأضاف: «في ظل التهديدات التي تعصف بالقضية الفلسطيني الأولى عقد مجلس وطني توحيدي يشارك فيه الجميع لمواجهة هذه المشاريع».
وأكدت «الجهاد الإسلامي» على موقفها أيضاً، ووصف محمد الهندي عضو المكتب السياسي للجهاد، «انعقاد المجلس الوطني في هذا الوقت بمخالف لكل الاتفاقيات السابقة».
وتقول «فتح» إن «الوطني» سيعقد «شاء من شاء وأبى من أبى».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».