انطلاق المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية اللبنانية

آلاف المغتربين اقترعوا في 6 دول عربية

شاشة كبيرة في مبنى وزارة الخارجية اللبنانية تنقل تصويت المغتربين
شاشة كبيرة في مبنى وزارة الخارجية اللبنانية تنقل تصويت المغتربين
TT

انطلاق المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية اللبنانية

شاشة كبيرة في مبنى وزارة الخارجية اللبنانية تنقل تصويت المغتربين
شاشة كبيرة في مبنى وزارة الخارجية اللبنانية تنقل تصويت المغتربين

اقترع أمس آلاف المغتربين اللبنانيين في 6 دول عربية يعيشون فيها، لأول مرة في تاريخ الانتخابات البرلمانية في لبنان، بعدما أقر قانون الانتخاب الجديد الذي يعتمد النظام النسبي حقهم بالاقتراع، في الدول التي ينتشرون فيها.
ويستكمل اقتراع المغتربين في مرحلة ثانية يوم غد الأحد، ينتخب فيها المغتربون الموجودون في كل دول العالم التي تعتمد يوم الأحد عطلة رسمية. وانطلقت عملية الاقتراع صباح أمس في مراكز وأقلام الاقتراع الموجودة في البعثات والسفارات في 6 دول عربية، هي المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، والكويت، وجمهورية مصر العربية، وسلطنة عُمان. وشارك في العملية حتى ساعة متأخرة من بعد ظهر أمس أكثر من 6 آلاف لبناني من أصل 12611 لبنانياً سجلوا أسماءهم، على أن ينتخب المغتربون المسجلون في بقية أنحاء العالم البالغ عددهم 70289 يوم غد الأحد.
ويبلغ العدد الإجمالي للمغتربين اللبنانيين الذين سجلوا أسماءهم للمشاركة في الانتخابات النيابية 82900 لبناني في 39 دولة، علما بأن عدد الذين يحملون الجنسية اللبنانية ويعيشون خارج لبنان يفوق المليون، ويحق لثلثيهم الانتخاب. أما عدد اللبنانيين المتحدرين من أصول لبنانية في الخارج فيُقدر - وفق خبراء - بما بين 8 و12 مليونا؛ لكن معظمهم لا يقومون بالإجراءات الإدارية لاستصدار أوراق هوياتهم اللبنانية.

وأثنت معظم القوى السياسية في لبنان على ما اتفق على تسميته «الإنجاز»، لجهة السماح للبنانيين المغتربين بممارسة حقهم بالاقتراع في الدول التي يوجدون فيها. وهنّأ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي زار وزارة الخارجية للاطلاع عن كثب على سير العملية الانتخابية في الدول العربية «كل من عمل على تنظيم الانتخابات في الخارج؛ لأنهم جعلوا من المستحيل ممكناً»، فيما عبّر وزير الخارجية جبران باسيل عن فخره لكونه شهد على «اقتراع أول لبناني في الخارج في تاريخ الجمهورية اللبنانية»، لافتا إلى أنها «بداية مسار لن يتوقّف إلا بعودة اللبنانيين إلى لبنانيّتهم». كذلك اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن «اقتراع المنتشرين ثمرة نضال عشرة أعوام»، وقال: «في النهاية حصلنا على هذا الحق».
وواكبت عشرات وسائل الإعلام المحلية والأجنبية عملية انتخاب اللبنانيين في الدول العربية؛ سواء في تلك الدول أو من داخل حرم وزارة الخارجية في لبنان، التي جهزت قاعة كبيرة بشاشة ضخمة نقلت مباشرة عملية توافد الناخبين إلى صناديق الاقتراع. كذلك أشرفت جمعيات محلية وأجنبية على العملية لضمان نزاهتها وتسجيل المخالفات. وتحدث المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (لادي) عمر كبول، عن «تعاون غرفة العمليات في وزارة الخارجية مع الجمعية، من حيث سهولة التواصل وتسهيل مهام المندوبين»؛ لافتا إلى أن «التجهيزات كانت مكتملة، وإن كنا سجلنا وجود 4 أقلام اقتراع من أصل 10 غير مجهزة لذوي الاحتياجات الخاصة». وأشار كبول في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «سلسلة مخالفات ارتكبت، أبرزها تجديد جواز سفر منتهية صلاحيته بشكل فوري لناخب في أبوظبي، ومحاولة تصوير القوائم الانتخابية من وراء العازل في دبي، إضافة لتسجيل أكثر من 5 ناخبين عبر الموقع الإلكتروني للاقتراع؛ لكنهم لم يجدوا أسماءهم على لوائح الشطب». وأوضح كبول أن «المخالفات الأبرز ارتكبتها وسائل الإعلام التي كان يفترض أن تتوقف عن الدعاية الانتخابية قبل 43 ساعة من العملية الانتخابية؛ لكنها كسرت فترة الصمت الانتخابي، وكان أداؤها غير مقبول في هذا المجال».
كذلك وصفت مؤسسة «مهارات» التي تُعنى بالدفاع عن حريّة الصحافة والعمل على تطوير الإعلام، خروقات وسائل الإعلام للصمت الانتخابي بـ«الصادمة»، لافتة إلى أن «معظم وسائل الإعلام التلفزيونية تجاوزت حدود نقل وقائع العملية الانتخابية إلى استصراح المسؤولين الحزبيين والمقترعين، واستغلال بعض الناشطين لإطلاق مواقف سياسية انتخابية، وتوجيه أسئلة شخصية تتعلق بتوجهات المقترعين الانتخابية؛ خلافا للحق في سرية الاقتراع». كما واكبت الأجهزة الانتخابية في عدد من الأحزاب عن كثب عملية اقتراع المغتربين.
وأشار جهاز الانتخابات في حزب «القوات اللبنانية» إلى أن «المقترعين الأكثر نشاطا هم من دوائر بيروت الأولى، وبيروت الثانية، والشوف – عاليه، وبعبدا»، لافتا إلى أن ماكينة «القوات» سجلت «عددا من المخالفات، كان أبرزها استنسابية بعض السفراء في تطبيق القانون، لجهة السماح للمندوبين الجوالين بالدخول إلى أقلام الاقتراع، فضلا عن عدم ورود أسماء بعض المقترعين الذين كانوا قد تلقوا مسبقا التأكيد على ورودها».
وأكد أمين عام وزارة الخارجية اللبنانية هاني إبراهيم الشميطلي، أن الوزارة أمنت حق المغتربين بالاقتراع «بأعلى معايير الشفافية والنزاهة»، معتبرا أن لبنان «يعطي مرة جديدة رسالة وأمثولة للعالم على تميز النظام اللبناني».
ويعتبر الخبير في الشؤون الانتخابية سعيد صناديقي، أن تأثير مشاركة المغتربين في عملية الانتخابات كلها «رمزي»، مع استعداد 3.7 مليون شخص في لبنان للانتخاب في 6 مايو (أيار). فيما يرى أكرم خاطر، مدير «مركز خير الله لدراسات الانتشار اللبناني» في جامعة «نورث كارولاينا» في الولايات المتحدة: «إنها تجربة جديدة تم الترويج لها بشكل ضئيل، وكثيرون ليسوا متيقنين كفاية من الآلية وتأثير اقتراعهم». ويضيف في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: «قد يتردد كثيرون في المشاركة فيما قد يعتبرونه انتخابات شكلية، ستعيد إلى السلطة المجموعة ذاتها من السياسيين، من الأحزاب ذاتها».
ويتولى دبلوماسيون لبنانيون وموظفون تم إيفادهم خصيصاً، الإشراف على العملية الانتخابية، على أن تُنقل الأصوات بعد فرزها وفق الدوائر إلى بيروت، وتُحفظ في البنك المركزي إلى حين موعد الانتخابات في 6 مايو، لتحتسب في عملية الفرز النهائية.
وتتصدر أستراليا قائمة البلدان لناحية عدد اللبنانيين الذين سجلوا أسماءهم، البالغ 11820. كما سجل 8362 شخصاً أسماءهم في فرنسا. ويمكن للبنانيين في الخارج، وفق وزارة الخارجية، الاقتراع في 232 قلماً موزعة على 116 مركزاً، معظمها في السفارات والبعثات الدبلوماسية اللبنانية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».