خلاف نقابي يفاقم أزمة التعليم التونسي

إضراب موظفي البرلمان يعطل جلسة حول قانون الجماعات المحلية

TT

خلاف نقابي يفاقم أزمة التعليم التونسي

عرفت أزمة التعليم الثانوي في تونس تصعيدا خطيرا، إثر دعوة نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل (رئيس نقابة العمال)، الأساتذة لاستئناف الدروس بداية من أمس؛ لكن النقابة العامة للتعليم الثانوي، التي يقودها لسعد اليعقوبي، تمسكت بقرار مواصلة تعليق الدروس إلى حين تلبية مطالب الأساتذة المادية والمعنوية، في حين قررت بعض جمعيات آباء التلاميذ الدخول على خط الأزمة، لإيجاد حل عاجل وسريع للأزمة التي بات يتخبط فيها قطاع التعليم.
وكان الطبوبي قد شدد إثر اجتماع مع أعضاء الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل على «رفض العبث بمستقبل أبنائنا، ولن نتخلى عن الأساتذة»، مؤكدا أن الاتحاد «لن يسمح لأي طرف باستغلال المطالب المشروعة لتجييش الرأي العام تجاه الاتحاد، الذي سيبقى دائما وأبدا صمام أمان».
وفي المقابل، اعتبر اليعقوبي أن نجاح تعليق الدروس أمس يمثل «دلالة عميقة على تشكيل رسالة وحدة والتفاف وتمسك بالمطالب»، على حد قوله. وفي ظل هذا الخلاف بين النقابيين أنفسهم، بعيدا عن حكومة الشاهد، واصل الأساتذة تعليق الدروس في معظم المعاهد التونسية، وفق تقارير إعلامية متطابقة.
من جهة ثانية، تعطلت أمس الجلسة البرلمانية العامة، التي كانت مخصصة لمواصلة النظر في قانون الجماعات المحلية، المنظم للانتخابات البلدية المقبلة، وذلك على خلفية إضراب موظفي البرلمان، وهو ما وجه رسائل سلبية حول آجال التصديق على قانون الجماعات المحلية، الذي سيرسي دعائم الحكم المحلي، إثر تنظيم الانتخابات البلدية المقبلة.
وفشل الطرفان، النقابي والإداري، في التوصل إلى حلول لمطالب موظفي البرلمان خلال جلسات صلح متتالية.
وفي هذا الشأن، قال عبد الباسط الحسناوي، رئيس نقابة موظفي البرلمان، إن الموظفين والأعوان «تراجعوا عن قرار الإضراب في مناسبتين سابقتين، بعد أن عقدت النقابة جلست صلح مع الإدارة. غير أن كل الخطوات لم تفض إلى أي نتائج إيجابية».
وبخصوص توجيه أصابع الاتهام للطرف النقابي بتعطيل جلسات النقاش المخصصة لقانون الجماعات المحلية المنظم لآليات تنفيذ الحكم المحلي، أكد الحسناوي أن تنفيذ الطرف النقابي للإضراب «كان ضروريا؛ لأن آفاق التفاوض سدت بالكامل، ولم يتلق أي مبادرة لحل مشكلات موظفي البرلمان» على حد قوله.
وفي السياق ذاته، قال عادل الحنشي، الذي يشغل منصب مدير عام في البرلمان والمكلف بملف المفاوضات، إن الطرف النقابي قدم خمسة مطالب، هي سن قانون أساسي منظم للوظيفة العمومية البرلمانية، والاتفاق على تسميات في برامج وظيفية، واعتماد المناظرات عند الترقية المهنية، وإحداث منحة خاصة بالعاملين في البرلمان، إضافة إلى المطالبة بتطبيق مبدأ الاستقلالية الإدارية والمالية لمجلس نواب الشعب (البرلمان).
واعتبر الحنشي أن تحقيق هذه المطالب مرتبط بالاستقلالية المالية والإدارية للبرلمان، على اعتبار أنه لا يمكن تلبية مختلف المطالب إلا في حال التمتع بالاستقلالية، على حد تعبيره.
ويقدر عدد موظفي البرلمان وأعوانه في مختلف الرتب بنحو 480 موظفا، ويعد تحقيق مطلب الاستقلاليّة الإدارية والماليّة للمجلس عن السلطة التنفيذية، وفق ما نصّ عليه الفصل 52 من الدستور التونسي، مفتاح حل مختلف المطالب النقابية العالقة، حسب عدد من المراقبين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.