مصر تتطلع إلى مشاركة واسعة في «إعمار سيناء» لإزالة آثار الإرهاب

بالتزامن مع استمرار العملية العسكرية للقضاء على «داعش»

TT

مصر تتطلع إلى مشاركة واسعة في «إعمار سيناء» لإزالة آثار الإرهاب

تتطلع الحكومة المصرية إلى مشاركة واسعة من البنك الدولي في إعادة إعمار سيناء، والتي يخوض فيها الجيش حرباً شرسة حالياً للقضاء جماعات مسلحة تنتمي إلى تنظيم داعش الإرهابي. وقالت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي سحر نصر، عقب لقائها رئيس مجموعة البنك الدولي جيم كيم، في واشنطن أمس، إن «الحكومة تعمل حالياً على تنمية شبه جزيرة سيناء بشكل سريع... ويتعاون عدد من مؤسسات التمويل الدولية والصناديق العربية في دعم مشروع إعمار سيناء، وهو ما يمكن للبنك الدولي أن يسهم في دعم هذا المشروع».
وتشن قوات الجيش والشرطة المصرية عملية أمنية كبيرة في شمال ووسط سيناء منذ التاسع من فبراير (شباط) الماضي لتطهير المنطقة من المتشددين ومن العناصر الإجرامية أيضاً. وتُعرف العملية باسم عملية المجابهة الشاملة (سيناء 2018).
ووفقاً لبيانات المتحدث العسكري الصادرة منذ بدء العملية فقد أسفرت المواجهات عن مقتل أكثر من 200 من «العناصر التكفيرية» على الأقل، حسب توصيف الجيش للمتشددين المشتبه بهم. كما أسفرت عن مقتل أكثر من 30 عسكرياً بينهم ضباط، وإصابة آخرين.
وخلال اجتماعات الربيع للبنك الدولي بالعاصمة الأميركية واشنطن، ذكر بيان لوزيرة التعاون المصرية إن رئيس مجموعة البنك الدولي، أشاد بالنجاح الاقتصادي الذي حققته مصر، والتشريعات التي أسهمت في تحسين بيئة الاستثمار، مؤكداً أن الرئيس عبد الفتاح السيسي استطاع أن يقضي على التحديات التي تواجه التنمية في مصر، ووضع خططاً أسهمت في النجاح الاقتصادي لمصر.
وشكرت الوزيرة البنك الدولي على دعمه لاستراتيجية تطوير التعليم بنحو 500 مليون دولار، وأشارت إلى أن الحكومة تعمل حالياً على تنمية شبه جزيرة سيناء بشكل سريع، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسي، ويتعاون عدد من مؤسسات التمويل الدولية والصناديق العربية في دعم مشروع «إعمار سيناء» وهو ما يمكن للبنك الدولي أن يسهم فيه.
ومنذ عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي في يوليو (تموز) 2013، بعد احتجاجات شعبية ضده، انتشرت في شمال ووسط سيناء مجموعات متشددة، بينها الفرع المصري لتنظيم داعش والذي يطلق على نفسه «ولاية سيناء».
كان الرئيس السيسي قد أعلن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عزمه تنفيذ خلال السنتين أو السنوات الثلاث المقبلة مشروعاً عمرانياً يتكلف 100 مليار جنيه (5.6 مليار دولار) في شبه جزيرة سيناء. وذلك بعدما أمر الجيش ووزارة الداخلية بالقضاء على المتشددين.
ويعاني أهالي سيناء من أزمات معيشية جراء العملية العسكرية الدائرة هناك. لكن الحكومة المصرية تؤكد قيامها بالدفع بالقوافل الغذائية وتوزيع كميات كبيرة من الحصص التموينية للمواطنين المتضررين من الحملة. يقول محافظ شمال سيناء، اللواء عبد الفتاح حرحور: «هناك انفراجة كبيرة في توفير السلع والمواد الغذائية لتلبية احتياجات المواطنين من مختلف الأنواع».
من جهته، أكد الدكتور حسام رفاعي عضو مجلس النواب عن شمال سيناء، تأييد ودعم كل أبناء سيناء للقوات المسلحة وثقتهم بنجاح العملية الشاملة، وأنهم على استعداد للتضحية بأرواحهم في سبيل الوطن، ونوه بتوفير حصص وقود للمواطنين وفتح الطرق، مع عودة الدراسة في المدارس والكليات والمعاهد... مما يعد أكبر دليل على نجاح العملية الشاملة وعودة الحياة إلى طبيعتها.
وأعلنت مديرية التربية والتعليم بشمال سيناء أمس، اعتبار نتيجة الفصل الدراسي الأول درجة اعتبارية للفصل الدراسي الثاني في صفوف النقل بجميع المراحل والشهادة الإعدادية، وذلك بعد موافقة وزارة التربية والتعليم، والتعليم الفني. وقالت الوزارة في بيان لها إنه «بالنسبة إلى الطالب الذي لم يؤدِّ امتحان الفصل الدراسي الأول الحق في امتحان الدور الثاني بالدرجة الكاملة».
أما بشأن طلاب الشهادات العامة الدبلومات، والثانوية العامة فسيتم عقد الامتحانات في موعدها وفق الجدول المحدد من وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، ويحق للطالب دخول امتحان الدور الثاني في مادة أو أكثر أو جميع المواد، على أن يتقدم بطلب التأجيل إلى إدارة شؤون الطلاب والامتحانات بالمديرية قبل موعد الامتحانات.‏



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».