النظام النسبي يسهل وصول 40 مؤيداً للنظام السوري إلى البرلمان اللبناني

يافطات الدعاية للمرشحين تملأ شوارع بيروت (أ. ف. ب)
يافطات الدعاية للمرشحين تملأ شوارع بيروت (أ. ف. ب)
TT

النظام النسبي يسهل وصول 40 مؤيداً للنظام السوري إلى البرلمان اللبناني

يافطات الدعاية للمرشحين تملأ شوارع بيروت (أ. ف. ب)
يافطات الدعاية للمرشحين تملأ شوارع بيروت (أ. ف. ب)

لا يمثل استبعاد «حزب البعث» من الترشيحات الانتخابية المقبلة أفولاً لحصة النظام السوري في برلمان 2018 في لبنان، حيث تشير التقديرات لدى الماكينات الانتخابية إلى أن عدد المؤيدين للنظام السوري في البرلمان قد يرتفع إلى نحو 7 مقاعد، معظمهم من السنة، ليصل عددهم، إلى جانب الكتل المؤيدة لدمشق، إلى نحو 40، وسط شكوك بأن يمثل الوسطيون في الطائفة السنية كتلة سنية موازية لكتلة رئيس الحكومة سعد الحريري، كما يقول قيادي في «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط».
ويصل عدد النواب المؤيدين للنظام السوري في البرلمان الحالي إلى 34، معظمهم من كتلتي الثنائي الشيعي، إضافة إلى كتلة «القومي» و«البعث» و«المردة»، التي لا يخفي رئيسها النائب سليمان فرنجية علاقته بالنظام السوري. لكن القانون النسبي رفع حظوظ 7 مرشحين على الأقل من مؤيدي النظام للوصول إلى البرلمان، في الانتخابات المزمع إجراؤها في 6 مايو (أيار) المقبل. ويقول خبراء انتخابيون إن معظمهم سيكونون من السنة، إذ سيتيح نظام التصويت النسبي إيصال 5 مرشحين من السنة في قوى «8 آذار»، في البقاع والشمال والجنوب وبيروت، إضافة إلى ترجيحات بفوز علوي في عكار، فضلاً عن حظوظ نائبين عن مقعدين مسيحيين في البقاع والشمال.
ويوافق القيادي في «تيار المستقبل»، الدكتور مصطفى علوش، على هذه التقديرات، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن الترجيحات بارتفاع حصة المؤيدين للنظام السوري في البرلمان بنحو 7 نواب «محتملة جداً»، كما أن وصول 40 نائباً مؤيداً للنظام السوري «منطقي»، قائلاً إن النظام لم يرشح وجوهاً من «البعث»، لأنها «نافرة، ولا يمكن أن تشكل رافعة انتخابية، إذا تم دعمها من قبل الحلفاء».
وقال علوش: «لهذه الأسباب، سجلت ترشيحات لوجوه متعاونة مع النظام بالسر أو العلن، ولها حظوظ وفق القانون النسبي بأن تتسلل إلى البرلمان». وإذ أشار إلى أن معظم هؤلاء «قد يكونون من الطائفة السنية في عكار والبقاع»، حذر علوش من أن النظام «سيحاول التسلل من خلال شخصيات تدعي الوسطية للتجمع في كتلة برلمانية موازية لكتلة المستقبل، تخدم النظام السوري».
وأوضح علوش أن «هناك شائعات تتحدث عن أن النواب السنة من خارج تيار المستقبل، ومن المؤيدين للنظام السوري، سيجتمعون في كتلة يرأسها رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، بعد الانتخابات»، وهي «كتلة سنية كبيرة، وموازية لكتلة المستقبل، ويمكن أن تقول عند أي منعطف إن الحريري لا يمثل السنة»، لافتاً إلى أن «الخيار الآخر سيخدم النظام السوري بوجه مؤيد له سراً»، وقال: «لا ننسى أن ميقاتي هو شريك الأسد، وحتى اللحظة لم يتخذ موقفاً بإدانة بشار الأسد، لأنه يحفظ خط الرجعة»، معتبراً أن ميقاتي «هو أحد أحصنة طروادة للنظام السوري».
غير أن مصادر ميقاتي تنفي الاتهامات لرئيس الحكومة الأسبق، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «كل الاتهامات التي يسوقها (المستقبل) أصبحت ممجوجة، وهي باطلة، ولا أساس لها من الصحة، والمطلوب أن يحدد (المستقبل) هويته السياسية والانتخابية، من خلال التحالفات التي نسجها على القطعة، لأن هناك علامات استفهام حول مواقفهم السياسية، أما كتلة العزم فلا تقدم التبرير لأحد».
ونفت المصادر في الوقت نفسه أن يكون ميقاتي بصدد تشكيل كتلة برلمانية موازية، وأكدت أن هدفه هو «الوصول للمجلس النيابي بكتلة متراصة، تضع على رأس أولوياتها مصلحة طرابلس والشمال، وتمثل شمال لبنان، بمعزل عن أي كتلة ببيروت. وقد حددت لائحة العزم ذلك، من خلال مواقف ميقاتي والبرنامج الانتخابي الذي شدد على أن قرارها هو طرابلس والشمال، وليست ملحقة بأي كتلة ببيروت».
وأضافت المصادر: «تيار المستقبل ليس الجهة المخولة بالطلب من ميقاتي تقديم جردة حساب. فالناس تتخذ القرار، واللبنانيون أنصفوا الكتلة، بقرار طرابلس والشمال»، مضيفة: «أما (المستقبل)، فإذا كان يبحث عن طريقة ليقدم نفسه على أنه ضحية، فإن هذا الموضوع بات ممجوجاً».
ولا ينفي علوش أن هناك وجوهاً متعاونة بالسر والعلن مع النظام السوري ستصل إلى البرلمان، لافتاً إلى أن هناك حظوظاً ضئيلة لمرشح سني أو علوي للوصول إلى البرلمان في عكار، في إشارة إلى المرشح وجيه البعريني، أو المرشح العلوي على لائحته، أما في الضنية فهناك احتمال ضئيل لوصول جهاد الصمد، وأما في طرابلس فثمة احتمالات بفوز ميقاتي بمقعد، كذلك احتمال ولو صغير بفوز الوزير الأسبق فيصل كرامي بمقعد، بحسب علوش.
وإذ أشار إلى أن هناك مرشحين في بيروت وغيرها يعتبرون من «الأصوات الصامتة»، أوضح أن المرشح فؤاد مخزومي في بيروت «لم نسمع منه هجاء لما يقوم به الأسد من مجازر في سوريا، كما لم يصدر عنه أي موقف ضد إيران»، وأضاف: «أما الشخصيات التي تدعي أنها ضد النظام السوري، وتواجه تيار المستقبل انتخابياً، فإنها تضعف اللوائح، وتعطي فرصة للآخرين من مؤيدي النظام السوري للوصول إلى البرلمان، وتقدم لهم خدمة كبيرة».
وتشير التقديرات إلى احتمال فوز عدنان طرابلسي، مرشح «جمعية المشاريع»، المؤيدة لدمشق، بمقعد في بيروت، كما تشير إلى احتمال فوز النائب الأسبق أسامة سعد بمقعد في صيدا، فضلاً عن احتمال فوز النائب عبد الرحيم مراد في البقاع الغربي بمقعد أيضاً. أما الحزب القومي، فيحافظ على كتلته (نائبان في الجنوب والبقاع)، مع احتمال فوزه بنائب ثالث في الكورة (الشمال الثالثة)، بينما تشير التقديرات إلى فوز فرنجية بنائبين، ويتنافس مع «القومي» بثالث إضافي في الدائرة نفسها.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.