روبرت أميس.. جاسوس أميركا «الطيب» في الشرق الأوسط

أول من فتح قنوات سرية مع منظمة التحرير الفلسطينية

روبرت أميس.. جاسوس أميركا «الطيب» في الشرق الأوسط
TT

روبرت أميس.. جاسوس أميركا «الطيب» في الشرق الأوسط

روبرت أميس.. جاسوس أميركا «الطيب» في الشرق الأوسط

في الوقت الذي يحيط فيه الجدل بإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بسبب قراراه بمبادلة جندي أميركي بخمسة من كبار قادة حركة طالبان، يرفع كتاب جديد شيق من تأليف كاي بيرد، الحائز على جائزة «بوليتزر»، النقاب عن الكثير من عمليات الجاسوسية التي قامت بها وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) في الشرق الأوسط.
في «الجاسوس الطيب»، يقدم بيرد سيرة ذاتية لروبرت بوب أميس، الذي وصف بأنه قد يكون أفضل مرجعية لـ«سي آي إيه» في الشرق الأوسط، والذي توفي في حادث تفجير السفارة الأميركية في بيروت عام 1983. ولكن القصة لا تنتهي عند تلك المرحلة. ففي عالم الجاسوسية السري، حيث يكون من الصعب أحيانا التمييز بين الأصدقاء والأعداء، نكتشف أن بعضا من أكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم قد يكونون استفادوا من برامج تدريب «سي آي إيه»، بل وربما حصلوا على عطلات مدفوعة الأجر.
اشتهر بوب أميس في مجتمع الاستخبارات الأميركي بكونه أول من فتح قناة سرية مع منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تمثل في السبعينات في عيون صناع السياسات الأميركيين ما يشبه تنظيم القاعدة. وما فعله لم يجرؤ عليه أي جاسوس أميركي آخر، إذ أقام صلة سرية مع القائد الأمني لياسر عرفات على حسن سلامة، الذي كان يعرف باسم «الأمير الأحمر».
ويتردد أن الصداقة السرية التي جمعت بين أميس وسلامة، التي لم تحظ بشعبية على وجه الخصوص لدى الإسرائيليين، مهدت الطريق أمام عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، التي تتوجت باتفاقية أوسلو، وتضمنت أيضا اتفاقية تنص على عدم استهداف عمليات منظمة التحرير الفلسطينية للأميركيين.
في مقابل المعلومات والحماية، حذرت وكالة «سي آي إيه» سلامة من عدة مخططات لاغتياله على يد جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد. وبعد أن نجا عرفات وسلامة بالكاد من عملية نفذتها قوات كوماندوز إسرائيلية عام 1973 في بيروت، تردد أن عرفات قال لسلامة: «حسنا أيا ما يقوله بوب (أميس) جدير بالتصديق من الآن فصاعدا».
وكان من الصادم، وقد يكون أكثر المواقف الكاشفة في عالم العمليات السرية المعقد، هو توفير «سي آي إيه» الحماية لشخص وضعته أميركا على قوائم الإرهابيين، والذي يزعم أنه العقل المدبر لعملية أولمبياد ميونيخ عام 1972. ووفقا لمصادر بيرد، وصل الأمر إلى أن اصطحبت الوكالة سلامة وزوجته الفاتنة جورجينا رزق، ملكة جمال الكون لعام 1971، في عطلة إلى عالم ديزني في فلوريدا على حساب الحكومة الأميركية.
ولكن دائما ما تنتهي جميع الأمور الجيدة، فعلى الرغم من جميع محاولات بوب أميس لحماية «الأمير الأحمر»، قتل سلامة في النهاية في تفجير سيارة على يد عملاء للموساد في بيروت في يناير (كانون الثاني) عام 1979.
وفي إحدى المفارقات المتتابعة في الكتاب الذي يمتلئ بالكثير منها، يكشف «الجاسوس الطيب» عن أن سلامة صديق الـ«سي آي إيه» جند مراهقا شيعيا لبنانيا في وحدة الحرس الرئاسي التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية. ولعله في ذلك استفاد من برنامج تدريب الوكالة الأميركية في إضفاء سمات الاحتراف على الحرس الشخصي لعرفات. كان ذلك الفتى المجند هو عماد مغنية، الذي أصبح كبير القادة العسكريين في حزب الله، وساعد إيران على تنفيذ تفجير السفارة الأميركية في بيروت عام 1983، وهو الحادث الذي أسفر عن مصرع بوب أميس و63 آخرين.
قد لا نعرف مطلقا ما إذا كان عماد مغنية وبوب أميس تقابلا أثناء أي من الاجتماعات السرية التي عقدت بين وكالة الاستخبارات الأميركية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ويذكر بيرد، بناء على لقاءات مع مصادر استخباراتية، أنه في واحدة من العمليات المشتركة بين الاستخبارات الأميركية والموساد انتهى الحال بمقتل واحد من قتلة بوب أميس، في حين حصل آخر على تصريح دخول إلى الأراضي الأميركية، حيث «يقيم في أميركا مرتاحا في الوقت الحالي»، وهو العميد الإيراني السابق علي رضا أصغري، الذي يعتقد أنه اشترك مع عماد مغنية في الإشراف على تفجير السفارة الأميركية في بيروت. وكان قد وصل إلى منصب نائب وزير الدفاع، لكنه خسر قبول الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد. ووفقا لبيرد، لا بد وأن البعض داخل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية يشعرون بالغضب لرؤية قاتل أميس يحظى بالحماية على الأراضي الأميركية. بيد أن العميد أصغري كان صيدا ثمينا لذا صمم البيت الأبيض على الاحتفاظ به.
ويزعم بيرد، نقلا عن مصادر استخباراتية أيضا لا يكشف عنها، أنه جرى إحضار أصغري إلى بيت آمن تابع لـ«سي آي إيه» بالقرب من واشنطن العاصمة، لاستجوابه بالتفصيل في مطلع عام 2007. وربما ساعدت المعلومات التي قدمها في شن الغارة الجوية الإسرائيلية في سبتمبر (أيلول) عام 2007 ضد المفاعل النووي في سوريا، وأيضا في العملية المشتركة بين «سي آي إيه» والموساد لاغتيال عماد مغنية في دمشق في فبراير (شباط) عام 2008.
يقدم كتاب كاي بيرد الشيق «الجاسوس الطيب» معلومات صادمة موثقة جيدا، تعوض ما ينقص الكتاب من تحليل. ومن ضمن نقاط كثيرة، يكشف الكتاب عن رؤية النظام الإيراني لرجل الدين الشيعي موسى الصدر كعقبة أمام نفوذه في لبنان. ويتردد أن أحد كبار مساعدي آية الله الخميني نسق مع الديكتاتور الليبي معمر القذافي من أجل التخلص منه. ولكن الأهم من ذلك هو أن بيرد يذكرنا بأن أميركا والشرق الأوسط حبيسا علاقة معقدة تجمع بين الموت والحياة على مدار عقود كثيرة.
هل يستطيع الرئيس أوباما حماية المصالح الأميركية في هذا الجزء المضطرب، الذي لا يزال حيويا في العالم، بالتفاوض مع إيران وطالبان؟ يظل هذا غير مؤكد على أفضل تقدير. وإذا وجدنا في التاريخ بعض المؤشرات، فسوف تحتاج أميركا إلى المزيد من «الجواسيس الطيبين» في الأعوام المقبلة.
* مدير تحرير «غلوبال بوليسي أدفيزورز» وهي مجموعة استشارات سياسية مقرها في واشنطن ومحاضر في العلوم السياسية بجامعة ميريلاند



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.