«داعش» يخوض حرب استنزاف في صحراء الأنبار العراقية

مستفيداً من هشاشة الأوضاع في سوريا

«داعش» يخوض حرب استنزاف في صحراء الأنبار العراقية
TT

«داعش» يخوض حرب استنزاف في صحراء الأنبار العراقية

«داعش» يخوض حرب استنزاف في صحراء الأنبار العراقية

بدأت القوات العراقية، أمس، عملية عسكرية من 7 محاور لملاحقة عناصر «داعش» شمال الرمادي. وقال مصدر في قيادة عمليات الأنبار في تصريحات: إن «قيادة عمليات الأنبار شرعت بعملية واسعة النطاق لملاحقة عناصر (داعش) وأوكارهم في العديد من مناطق شمال الأنبار وصحراء بحيرة الثرثار وصولاً إلى الحافة الجنوبية لبحيرة الثرثار (شمال الرمادي)».
وأضاف المصدر أن «العملية بإشراف قائد عمليات الأنبار اللواء الركن محمود الفلاحي وبمشاركة الفرقة العاشرة وطوارئ شرطة الأنبار والحشد الشعبي والحشد العشائري»، لافتاً إلى أن «الشرطة النهرية شاركت في العملية لتأمين الحافة الجنوبية لبحيرة الثرثار من تسلل محتمل للعصابات الإرهابية باتجاه القطعات المنفذة للواجب».
وطبقاً للمصدر فإن «العملية انطلقت من 7 محاور بدأت من مناطق: البوشهاب، والبوعبيد، والجرايشي، والبوعساف، وناحية تل أسود، ومنطقة السويب، وصولاً إلى الحافة الجنوبية لبحيرة الثرثار»، مشيراً إلى أن «طيران التحالف الدولي وطيران الجيش يساند القوات الأمنية في العملية».
كانت القوات العراقية قد شنت منذ إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الانتصار على تنظيم داعش أواخر العام الماضي 2017، العديد من العمليات العسكرية في صحراء الأنبار المترامية الأطراف، بالإضافة إلى صحراء الثرثار ومناطق صلاح الدين وجبال حمرين في كركوك، لملاحقة عناصر «داعش» الذين اختفت غالبيتهم في تلك المناطق.
ويرى العسكري العراقي السابق العميد ضياء الوكيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك أسباباً عديدة للاستمرار في مثل هذه العمليات التي تقوم بها القوات العراقية بين آونة وأخرى والتي تهدف إلى كسر شوكة التنظيم الذي اختفى معظم عناصره ممن فضلوا، حين شعروا بعدم القدرة على مواصلة القتال، اللجوء إلى المناطق الصحراوية لا سيما تلك المحاذية للحدود العراقية - السورية بسبب إمكانية الاختفاء فيها، فضلاً عن أن هشاشة الوضع الأمني في سوريا يجعل من المناطق القريبة من العراق مثل التنف والحسكة بمثابة مغذيات مهمة للعناصر الإرهابية نتيجة عدم القدرة على مسك الحدود حتى الآن». ويضيف الوكيل أن «عملية اختفاء عناصر (داعش) جاءت بناءً على نصيحة وجهها إليهم زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي من أجل الوصول إلى ما يسمونه هم في أدبياتهم عملية التمكين، وبالتالي فإنهم يختفون في تلك الصحراء دون أن يكون لهم تموضع جغرافي فيها في المصطلح العسكري، ومن ثم يعاودون هجماتهم من خلال احتلال مدن أو غيرها طبقاً لما يرونه هم، لكن ذلك بات مستحيلاً ونوعاً من الوهم»، مبيناً أن «أجهزة تنظيم داعش لا تزال تحاول تصوير الأوضاع على أنهم لا يزالون يواصلون الهجمات ويستهدفون القوات العراقية ويوقعون خسائر، لكن هذا مبالَغ فيه، حيث إنهم في الوقت الذي يتمنون فيه أن تكون عملياتهم الحالية بمثابة حرب استنزاف فإن القوات العراقية هي التي تقوم في الغالب بعملياتها في تلك المناطق الصحراوية المترامية الأطراف التي تشكل نحو 52% من مساحة العراق».
ويربط العميد الوكيل بين الجهد العسكري الذي أدى إلى هزيمة «داعش» عسكرياً وبين بطء الإجراءات المتعلقة بالاستقرار السياسي وصناعة السلام في تلك المناطق «الأمر الذي يجعل منها أهدافاً محتملة لـ(داعش) بسبب الخروقات والمشكلات التي لا تزال تعصف بها على مستويات عديدة، منها النازحون وكيفية إنعاش تلك المناطق اقتصادياً وتنموياً»، مبيناً أن «من الخطأ الاستمرار في الاعتماد على الجهد العسكري في القضاء على تنظيم شبحي يملك قدرة على المناورة والتخفي».
ورداً على سؤال بشأن مشكلات الحدود المزمنة بين سوريا والعراق، يقول العميد الوكيل إن «الحدود بين العراق وسوريا تبلغ نحو 605 كم وهي لا تزال سائبة إلى حد كبير، حيث لا حفر خنادق ولا أسيجة ولا نقاط مراقبة وهو ما يسهّل حركة العدو في الدخول أو الخروج لأن الأوضاع في سوريا لا تزال هشة وغير مستقرة وهناك تغذية مستمرة لهؤلاء من سوريا».
وفي سياق تفسيره لاستمرار ملاحقة القوات العراقية لعناصر «داعش» في صحراء الأنبار، يقول النائب عن محافظة الأنبار محمد الكربولي، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، لـ«الشرق الأوسط»: إن «ملاحقة عناصر (داعش) في تلك المناطق تهدف إلى القضاء على خلاياهم النائمة ودفعهم إلى عمق الصحراء التي لا يمكن السيطرة عليها، وهكذا كانت الحال حتى في عهد النظام السابق»، مشيراً إلى أن «الأمر يتوقف على مسك الحدود بين العراق وسوريا إذ لو حصل ذلك لفقدوا كل ما يَرِدهم من تمويل وأسلحة وحتى مواد غذائية». وأضاف الكربولي: «سبق أن حذرت من ترك الحدود سائبة، وهذا يبقي الوضع في حالة توتر في مناطقنا رغم كل الجهود التي تبذلها الحكومة المحلية في الأنبار من أجل فرض الأمن والاستقرار في كل مناطق المحافظة».
إلى ذلك عثرت قوات الحشد الشعبي على مخابئ تحتوي على ألغام ومواد غذائية في صحراء صلاح الدين. وقال بيان لإعلام الحشد إن «قوات الحشد الشعبي عثرت على مخابئ لـ(داعش) تحتوي عبوات ناسفة وألغاماً يستخدمها لتفخيخ العجلات، ومواد غذائية في صحراء صلاح الدين».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».